تربیة و تعلیم

المعلم ونظريات التدريس المعرفية

العملية التعليمية عملية منظمة وموجهه ووجودها يحدده ما وضع من أهداف تعليمية عامة وتربوية وخاصة، وهذا يشمل كل مرحلة من مراحل التعليم المختلفة، ومن اجل ضمان سير هذه العملية ـ أي التعليمية ـ باتجاه صحيح نحو تحقيق الأهداف لابد من تفسيرات منطقية لعملية التعليم والتعلم.

ومن ذلك وضعت نظريات مختلفة لتفسير عملية التعلم، فالبعض رجح على ان عملية التعلم تحدث نتيجة مثيرات خارجية ترتبط بحاجات او دوافع داخلية، وهم ما يسمون بأصحاب النظريات السلوكية أي تعديل سلوك الفرد من خلال وضعه في موقف غير متوازن.

 ومن أجل الوصول الى نتيجة مطلوبة ترتبط هذه النتيجة بوجود المثير المحدد الذي يحفزه الى الوصول الى ذلك الناتج المطلوب، وهناك من فسر عملية التعلم على أنها معالجة للمعلومات، أو ما يتعرض له الفرد من مواقف من خلال العمليات العقلية؛ كالفهم والاسترجاع وغيرها من العمليات العقلية التي تتمثل بالتذكر، والتفكير، والتحليل، والتركيب، والتطبيق.

 ومن هنا رجّح أصحاب هذا الشأن على ان عملية التعلم هي عملية معرفية وليست سلوكية، إنما يتطلب الأمر الكشف عن كيفية معالجة المعلومات والوصول الى نتيجة معينة وبذلك ركزت على الجانب المعرفي، الأمر الذي جعل المهتمين بهذا المجال وضع ما يسمى بالنظريات المعرفية التي على أساسها تفسر عملية التعلم، وبذلك يشكل هذا المنحى طريق أو سبيل امام المعلم في معرفة طبيعة المتعلم و الأمر الذي يجعله يعرف كيفية التعامل، أو الأخذ بيده نحو تحقيق الأهداف التي يتطلبها الموقف التعليمي.

📌على المعلم أن يكون على اطلاع كامل ومعرفة تامة بكل ما يتعلق بتفسير عملية التعلم لان ذلك يمثل جزءاً مهماً من شخصيته التعليمية التربوية

 بالنظر الى واقعنا التعليمي التربوي نجد ومع شديد الأسف انه أن لم نقل غير صالح لتطبيق مثل هذه النظريات، فهو بعيد جدا بشكل عام عن كل ما وضع في هذا المجال من اجل السيطرة، على ان لا تكون عملية التعليم والتعلم عملية عشوائية تترك الصدفة فيها هي من تحدد ما يكتسبه المتعلم، وهذا الأمر متروك الى الجهات العليا التي يقع على عاتقها مسؤولية توفير الجو التعليمي الذي يواكب طبيعة ما وصل اليه جيل اليوم.

 لكن يبقى على المعلم أن يكون على اطلاع كامل ومعرفة تامة بكل ما يتعلق بتفسير عملية التعلم لان ذلك يمثل جزءاً مهماً من شخصيته التعليمية التربوية، وإلا فإن مهنة التعليم يمكن أن يمارسها أيّاً كان، إذا لم تُحدد لهذه المهمة الكثير مما يجعل الموقف التعليمي موقفا وضاحا ممكن قياسه، ومعرفة كيفية إحداث التغيير المطلوب أو المقصود، ومن ذلك تشكل معرفة النظريات بأنواعها السلوكية والمعرفية ثقافة هامة وضرورية للمعلم ليقوم بمهمته قياماً صحيحا ليؤديها كما يجب ومن ذلك نسلط الضوء على النظريات المعرفية التي وضعت في سبيل تفسير عملية التعلم ووصفها والتنبوء بما يحدث على أساس تطبيقها.

  • نظرية برونر

أسهمت نظرية برونر في تقديم فكرة وطريقة وإستراتيجية تدريس لتعليم المفاهيم سميت بالطريقة الاستكشافية ويتضمن الاكتشاف نوعين من التفكير:

1- التفكير الحدسي وهو استبصار تخميني يقود المتعلم الى التوصل الى حل فجائي للمشكلة.

 2- التفكير التحليلي الذي يسير في خطوات متتابعة من تحديد المشكلة الى حلها ويرى برونر أن المفاهيم تتكون لدى المتعلمين من خلال :

  • أدارك خصائص الأشياء.
  • معرفة أوجه الشبه والاختلاف بينها.
  • فهم الأساس التصنيفي لها.
  • تبويبها وتمييزها عن غيرها.
  • نظرية اوزبل

 تعتمد نظرية أوزبل على (البنية المعرفية) في تفسيرها لعمليتي التعليم والتعلم (فالتعلم يكون ذي المعنى اذا ارتبط بالبنية المعرفية المتكونة لدى المتعلم من قبل) ويصعب تعلم فكرة أو مصطلح أو كلمة لا يوجد ما يكافئها في بنية المتعلم ومن ثم يصبح لا معنى لها فيلجا التلميذ الى حفظها عن ظهر قلب مما يسهل نسيانها.

ويرى اوزبل ان المعلم يقدم المعلومات للتلميذ بطريقتين:

  • استقبالية (متكاملة ونهائية).
  • استكشافية (ناقصة يكتشفها المتعلم).

أما بالنسبة للمتعلم نفسه فانه يستقبل تلك المعلومات بأحد الأسلوبين:

  • تعلم استظهاري (يحفظها حفظا أصما دون أن يفقه معناها).
  • تعلم ذو معنى (يستخدمها ويربطها ببنيته المعرفية بعد فقه معناها).
  • نظرية بياجيه

يرى بياجيه ان التعليم عملية نشطة يقوم بها المتعلم في التفاعل مع بيئته ومن ثم ينشئ معارفه بنفسه، من خلال ذلك التفاعل مع البيئة؛ أي أن المتعلم يقوم بعملية إنشاء داخلي للمعرفة لذا يجب ان يسمح للأطفال بأن يتعلموا بأنفسهم من خلال التجريب الحسي مع الأشياء بحيث يستنتجوا المعلومات بأنفسهم. أما النظريات الأخرى ترى ان العملية التعليمية عبارة عن تقديم المعلومات للمتعلمين من قبل المعلم.

📌 نظريات التعلم المعرفية يعتمد اختيار الأفضل بينها يرجع الى البيئة التعليمية التي يعتمدها المعلم داخل حجرة الدراسة وبحسب الإمكانيات المتوفرة

ومن ذلك نفهم أن نظريات التعلم المعرفية يعتمد اختيار الأفضل بينها يرجع الى البيئة التعليمية التي يعتمدها المعلم داخل حجرة الدراسة وبحسب الإمكانيات المتوفرة، وبالنظر الى طبيعة المنهج العلمي الذي يعتمد في مدارسنا، إذ نجد ان المعرفة متدرجة اي المعلومات الحديثة تبنى على المعلومات السابقة لدى المتعلم، ومن ذلك نوصي الاهتمام بنظرية بياجيه التي تعتمد التعلم من خلال التجريب الحسي للأشياء، وهنا إشارة مهمة لابد من التأكيد عليها، ألا وهي ان المنهج يجب ان يُصاغ ليتناسب والنظرية العلمية المعتمدة في التعليم والتعلم، وبما ان المنهج التعليمي منهج بنائي لابد من توفير البيئة التعليمية التي تناسب نظرية بياجيه وإلا اعادة النظر بالمنهج ليناسب النظريات الأخرى.                  

  • المصادر
  1. إبراهيم،فاضل خليل، المدخل الى طرائق التدريس ألعامه، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، 2010
  2. الكناني ماجد نافع والكتاني فراس علي، طرائق تدريس التربية الفنية،ثائر جعفر العصامي للطباعة الفنية الحديثة، بيروت- لبنان، 2012.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا