فکر و تنمیة

حب الظهور السلبي… مشكلة سلوكية بمداد العقد نفسية

يتصدرون المجالس مهما كان جلاسها وما يثار فيها، يقتنصون الفرص كي يتحدثوا امام الناس ولا يهم بماذا يتحدثون، في الآونة الاخيرة ومع اقتحام التكنلوجيا لحياتنا سيما منصات التواصل الاجتماعي حيث يتعرضون صورهم في اصغر حركاتهم حتى الخاصة والتافهة هذه المواقع، كل ذلك يحصل من اجل الظهور فقط وماذا بعد الظهور لا ندري مثلما هم لا يدرون.

  • متى يصبح هذا الامر مشكلة؟

كثير من ابناء آدم لديهم هوس ميل الى الشهرة؛ جذب الاضواء، اعجاب الناس بهم، تقدير عال، انجذاب الناس وتجمعهم حولهم، وهذا في الحدود الطبيعية لا ضير فيه غير ان تحوله هدف يضعه الانسان لنفسه ويسعى بكل قواه تحقيقه، هنا يصبح الامر عبارة عن مشكلة نفسية، كما هو الحال في مجتمعنا، إذ اصبحت حب الشهرة او حب الظهور ظاهرة مرضية متفشية قوامها المبالغة في كل شيء  وعرض كل شيء على الملأ .

وهذا ما يعضده علم النفس بقوله: “أن لفت الانتباه حاجة نفسية غريزية لا تختلف عن الحاجات البيولوجية الجسدية، والحاجات العاطفية والإجتماعية، ولكن إذا أصبحت الرغبة جامحة في حب الظهور أخذت منحنى مرضياً يميل صاحبها المهووس للكبر والاستعلاء وإحتقار من هم دونه”.

📌لفت الانتباه حاجة نفسية غريزية لا تختلف عن الحاجات البيولوجية الجسدية، والحاجات العاطفية والإجتماعية

في محاولة ممن يسيرون بطريق حب الظهور والشهرة لتبرير سلوكياتهم فأنهم يقولون: ان ميل الانسان وعمله بأتجاه الظهور امر طبيعي فمن حقه الاستعراض والظهور والشهرة، وهذا يعد من السمات العادية التي توجد في الافراد والتي ترتبط بشخصياتهم، في حين يصنفها علم النفس ضمن العقد النفسية والسلوكية الاجتماعية وهي ظاهرة تتأصل جذورها في التكوين الفردي للشخص على رأي بينما الرأي الآخر انها ممكن يتصف بها الفرد لعوامل محيطة منها القمع والتهميش الذي يتعرض له الانسان في مرحلة عمرية فيحاول لا شعورياً التعويض.

  • ماهو تأريخ  حب الشهرة ؟

في وضعه السلبي كما في الوقت الحالي بالتأكيد لم يكن موجوداً، فُقَد التنافس لنيل الشهرة والتميز في الجوانب الايجابية مثل الاكتشافات العلمية، او الاتيان بجديد معرفي، وعملي، او فني، او ثقافي، او اداري، أما اليوم فقد اصبح الميل الى الشهرة نابعاً من نقص وفراغ في المحتوى، ولسهولة انتشار الافكار السخيفة عبر مواقع التواصل نجح الكثير من التافهين في الحصول على متابعين، كما في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بنتاجاتهم غير اللائقة وغير ذات المعنى.

فطلاب الشهرة ومحبي الظهور هؤلاء يفرضون افكارهم وسلوكياتهم غير المتزنة على المحيط غير الواعي مع كونها شاذة وغريبة تمثل لحظات او مواقف للحياة اليومية،  ويتطور الأمر فيصل لنشر صور وفيديوهات محرجة، و لا تليق للشخص نفسه، أو لآخرين من أجل زيادة المتابعة والإعجاب، فشتان ما بين المعيار للشهرة سابقاً وبين ماهو الآن في عصرنا عصر انحدار القيم والاخلاق وحتى الذوق.

📌 من الافضل ان لا نلتفت للراغبين في الشهرة حتى عن طريق نقدهم او التعليق على محتواهم في التواصل، او المجتمع، لان ذلك سيرفع من نسبة مشاهداتهم وبذلك نسلط الضوء عليهم من حيث لا ندري

في الجانب الآخر من الظاهرة فأن الشهرة ليست سبة او عيباً يترفع عنه الانسان، شريطة ان تطلب بطرق سليمة، كأن يكون بعلم نافع، او مجال تطويري يخدم المجتمع ويسهم في نهضة البشر ويجلب لهم السعادة والتقدم، كما قدم الكثير من العلماء والمفكرين والاطباء للبشرية واستخرجوها من ظلامها الحالك.

من باب التفضيل للشهرة الايجابية ندعوا ذوي العقول والمتفهمين من ابناء مجتمعنا دعم اصحاب الانجازات، والعمل على رفع مكانتهم، والابتعاد عن المساهمة في صناعة الحمقى الذي اصبحوا مشاهير فارغين وسلبين في الطرح والمحتوى، وعدم إعطائهم اهتمام أكبر من حجم مواهبهم وقدراتهم.

 كما من الافضل ان لا نلتفت للراغبين في الشهرة حتى عن طريق نقدهم او التعليق على محتواهم في التواصل، او المجتمع، لان ذلك سيرفع من نسبة مشاهداتهم وبذلك نسلط الضوء عليهم من حيث لا ندري، وتلك ام المصائب واكبرها، ثم من الضروري لأي عاقل ان لا يضع الشهرة كهدف حياتي له بل عليه الاجتهاد بنية الخدمة للنفس والمجتمع، وبالتالي سينال المكانة وان كان غير مشهوراً وهذا هو التقييم الحقيقي للانسان.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا