في حياتنا نضع خططاً لواقع نريد ان نعيشه، ومن اجل ان تنفذ تلك الخطط نبذل كل جهودنا من دون ملل او كلل، لكن ليس كل ما يتمنى المرأ يدركه فقد تصطدم سفينة احلامنا وتطلعاتنا بصخرة الواقع المغاير لما نريد، هنا تتحطم الآمال وتخور النفس ونفقد اللذة في الحياة ولا نرغب في العمل وربما تقف الحياة بالنسبة للكثير منا، كل ذلك يحصل حين نصاب بداء الاحباط.
كيف يعرف الاحباط؟
بصورة عامة يعرف الإحباط حالة من التأزم النفسي تنشأ عند مواجهة الفرد لعائق يحول دون إشباع دافع أو حاجة ملحة أو تحقيق هدف محدد، ويعرف بأنه “الحالة التي تواجه الفرد عندما يعجز عن تحقيق رغباته النفسية أو الاجتماعية بسبب عائق ما، وقد يكون هذا العائق خارجياً كالعوامل المادية والاجتماعية والاقتصادية أو قد يكون داخليًا كعيوب نفسية أو بدنية أو حالات صراع نفسي يعيشها الفرد تحول دونه ودون إشباع رغباته ودوافعه”.
لابد من الاشارة الى امر ربما استشعره الكثير من الناس وهو ان الاحباط ممكن ان يحصل على مستوى جماعي كما يحدث على المستوى الفردي
في الحقيقة لا اعرف كم مرة ممكن ان يصاب الانسان بالاحباط نتيجة الفشل او القصور عن بلوغ الهدف، ربما عشرات المرات بل مئات المرات، هذا ليس مهما لكن المهم كم عدد المرات التي يستطيع ان يعاود الكرة حتى يتمكن من النجاح.
الكثير من القصص الحياتية والحكايات التي تروي حالات لأشخاص احبطوا اشد حالات الاحباط لكن في النهاية نهضوا من كبوتهم وفشلهم والنتيجة النجاح، ولكن هل تنجح هذه العملية كل مرة، وإن نجحت مرة فهل يمكن أن تنجح مرات أخرى، وهل ينتج الاحباط من عمليات الفشل المتكررة ام ان طبيعة الانسان هي من تجعل الانسان يستسلم ام العكس، واخيراً كيف نواجه الاحباط ولا ندعه يأخذ من جرفنا؟
المثال:
على سبيل المثال انا شخصياً حين كنت افكر في الحصول على شهادة الماجستير فكرت في التقديم للحصول على الشهادة من احدى الجامعات العراقية وبالفعل قمت بذلك غير اني لم اوفق بالقبول بها لكنني لم انصاع لذلك الفشل وقدمت في جامعة اخرى والحمد لله حصلت على الشهادة بتوفيق من الله، من هذه التجربة نستنتج ان الانسان مزود بطاقة تؤهله لإعادة المحاولة لتحقيق المراد.
على الانسان ان يتيقن ان الله هو المقدر للمصلحة وحين يفشل في امر ما فإن ذلك يعني لا بالضرورة ان الله يريد مضرته فهذا اليقين سيجعل الانسان عالي الهمة ومواصلاً لطريقه رغم الانتكاسات
لابد من الاشارة الى امر ربما استشعره الكثير من الناس وهو ان الاحباط ممكن ان يحصل على مستوى جماعي كما يحدث على المستوى الفردي، اذ يحدث ذلك نتيجة العدوى الاجتماعية فحين يوجد شخص محبط في مجموعة فأنه يمكنه ان يبث احباطه في هذه المجموعة وبالتالي قد يتأثر العديد من اقرانه به وكل احد من المتأثرين سيروج لتجربته المحبطة او انه يتحدث عنها مع اخرين وهكذا يصبح الاحباط ظاهرة كما هو الآن في مجتمعنا.
🔶 ماهي الاسباب التي تؤدي بالإنسان الى الاحباط؟
الكثير من مجريات الحياة وتقلباتها وربما هفواتها تجعل الانسان جانحاً الى الاحباط ومسلم له، ومن هذه الامور التي تعتبر مسببات حقيقية له هي:
- ضعف الايمان بالله وبما يقدمه للبشر ذلك يجعل الانسان يخطط لحياته وكأن كل شيء هو الذي يديره بعيداً عن قدرة الله والمصلحة التي يقدرها هو للانسان، مما يجعل الكثير من البشر ينسى ان الله رؤوف بعباده وبصير بهم وانه ما يمنع عنهم شيء إلا ليعوضهم بآخر.
- الفشل في الحصول على شهادة اكاديمية محترمة او فرصة عمل لائقة تجعل الانسان محبطاً في اغلب الحالات وهنا تسود الحياة بوجهه ولن يرى نوراً في نهاية النفق مما قد يؤدي بالبعض الى ترك الدراسة نتيجة الاحباط.
- الفشل العاطفي الذي يمر به احدنا يدعونا الى التسليم المطلق للإحباط وكأن الحياة توقفت ولا داعي للعمل فيها.
- فقدان احد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، وهذا سبب للمرور بفترات احباط قد تستمر طويلاً واعتقد ان جميعنا قد عاش هذا الاحباط في فترات معينة.
- غياب الواقعية في الحياة والتفكير والتخطيط بطريقة حالمة يجعل الانسان يرفع من سقف طموحاته وتطلعاته للمستقبل وحين لم يستطع تحقيق هذه الطموحات سيركن الى الاحباط لا محالة.
🔶 كيف نعالج المحبطين؟
- على الانسان ان يتيقن ان الله هو المقدر للمصلحة وحين يفشل في امر ما فإن ذلك يعني لا بالضرورة ان الله يريد مضرته فهذا اليقين سيجعل الانسان عالي الهمة ومواصلاً لطريقه رغم الانتكاسات.
- الفشل في مرحلة دراسية لا يعني النهاية فكثير من البدايات بعد الفشل كانت اكثر فاعلية في حياة الانسان وبالتالي تقوده الى نجاحات كبيرة.
- على الانسان ان يكون واقعياً في تخطيطه لمستقبله بمعنى ان يضع في خططه ماهو ممكن التحقق وحينها لن يحصل الاحباط لكون ما خطط له تحقق بالفعل.
- ان يتثقف الانسان بثقافة ان الخطأ يقوينا ولن نسمح له بالنيل منا وهذا ما يجعلنا نخطأ لنتعلم لا لنتوقف، تلك هي ابرز المعالجات الممكنة للحد من ظاهرة الاحباط.