كل الحوادث المشينة اخلاقياً والانحطاط الانساني الذي صار سائداً في بلداننا العربية ومنها العراق، إن هو الا دليل على ضياعنا وضياع قيمنا الاخلاقية التي كانت بمثابة قوانين تحكم سير حياتنا لتحل محلها قيم التفكك والنفاق وحب الذات المفرط، الذي جعل خبث النفعية الانتهازية تخرب نفوسنا وتعطل ضمائرنا، فتحول حيال مجتمعنا الى اقرب ما يكون بالغابة التي تعبث بها ذئاب البشر وشراره.
كنتيجة لذلك التدهور ظهرت سلوكيات منحرفة مستفزة للمجتمع المحافظ، لذا صار لازماً أن نعمل على إعادة تدعيم هذه القيم التي تآكلت وغاب اثرها الجميل في نفوس الافراد والمجتمعات التي ينتمون اليها، لأن غيابها ببساطة يعني تشوّه الوجه الانساني الناصع وبالتالي فقدان الاريحية التي كان يعيشها الانسان في ضل القيم الرصينة التي تحكم سير سلوكه.
الواقع الراهن يفضح الفارق الكبير في أخلاقيات وقيم الانسان المعاصر الذي ينتمي لأمتنا وما بين القيم الإنسانية بما فيها تلك التي ترفع كشعارات براقة ويتغنى بها في كل مناسبة
هذا التحول القيمي السلبي الحاد وفي فرتة زمنية قصيرة لم يكن اعتباطياً بل حدث بمداد لنقص حادٍ في الجانب الروحي والاحتياج النفسي غير الملبي للانسان غير المتمسك بقواعد المجتمع ومحدداته، وكذلك لقلة البرامج التوعوية والأنشطة التي تعنى بالجانب القيمي مما يتسبب بتواتر في الزمن الراهن السقطات اللاإنسانية بلا انقطاع وتضيع فيه القيم الفاضلة والمثل العليا.
جميعنا يرى الانهيار الاخلاقي والانفلات التربوي الحاصلين وعلى جميع المستويات، وهنا نود طرح بعض الاسئلة منها لماذا فشلت أمتنا فشلا أخلاقيا وسلوكيا رغم أنها تتغنى بامتلاكها لمنظومة قيم متينة؟وهل يعد ذلك انهيار لقيمنا القديمة ام ان قيم اخرى تسيدت وضربت القيم الاصيلة على اعتبار ان الذوق العام بدأ ينحدر وبالتالي تدني مستويات الذوق الذي سينعكس على الاهتمام بالقيم والالتزام بها.
الواقع الراهن يفضح الفارق الكبير في أخلاقيات وقيم الانسان المعاصر الذي ينتمي لأمتنا وما بين القيم الإنسانية بما فيها تلك التي ترفع كشعارات براقة ويتغنى بها في كل مناسبة، هذا على المستوى الفردي اما على مستوى الامم فأمتنا تكاد تفوق نظيراتها من الامم الاخرى في سقوط القيم المدوي، والامثلة كثير بدءاً من الأنانية المطلقة والكذب والنفاق والخداع، وهضم حقوق الآخرين، والسطو على ممتلكاتهم وغيرها من الأخلاق المنبوذة والتصرفات المشية التي لا يتجرأ الإنسان السوي على فعلها، لكنها اليوم اصبحت تسود اغلب التعاملات البشرية في امة العظيم محمد، صلى الله عليه وآلة وسلم، للأسف!
من الضرورة ان ينمي الابوين القيم الاجتماعية والاخلاقية والدينية السليمة في نفوس ابنائهم منذ نعومة اظفارهم، مما يجعلها سلوكيات راسخة لديهم ترافقهم في جميع محطات حياتهم
حتى صار المرء يغلب الحذر على جميع سلوكياته سيما حين يتعامل مع أناسا كثيرين يعانون هشاشة قيمية تجعلهم يتصرفون بزيف أخلاقي مستعملين أساليب احتيالية نفاقية باحترافية عالية، ويتلونون بجميع ألوان المكر والخداع لنيل مرادهم ومصلحتهم.
عديدة هي الحالات التي تشير بوضوح ودقة الى هشاشة قيمنا وتقادمها منها؛ قيام الكثير من الناس بتلميع صورة الفاسدين من السياسيين، واعادة انتخابهم مرة اخرى رغم كم الفساد الذي يغطيهم كل ذلك يجري من اجل فتات من المال الحرام الذي يحصلون عليه، مخالفين بذلك قيم الانسان الواعي والنزيه الذي لا يقبل كل خطأ او جور يقع عليه.
فالمجامل والمداهن للفساد وأهله مخرب أخلاقيا ولا يسعى إلا إلى مصلحته لهذا فهو لا يقل سوءاً عمن يتزلف لهم، ومن الصور ايضاً افتخار الناس بأتباع الرذيلة والغش والخداع وخرق القانون، والاعتزاز باستعمال الوساطة لنيل غرض يستصعب نيله بالطرق الشرعية، وكل ذلك يجري تحت يافطة الذكاء والنجاح في استثمار عقولهم لتحقيق العيش الرغيد كما يعتقدون.
كما بات الدافع الرئيس الى السلوك اشباع الحاجات النفسية والمادية بعيداً عن مدى قبول المنظومة الأخلاقية السوية لذلك التصرف، وهو ما يؤكد الانتصار الكبير للغرائز على الفضائل فيكون بذلك الواقع موطنا لتكريس الهشاشة القيمية والاحتفال بها وبتداعياتها، وهويكرس فكرة ان تقديم إشباع الرغبات الشهوانية بات أمرا راسخا في السلوك البشري، وهو ما يجعل صفة البرغماتية صبغة مميزة للانسان المعاصر فيتحرك تبعاً لأغراضه الشخصية بصرف النظر عن مقاصد دينه الذي يتدين به شكليا، ولا يبالي إن ضر بفعله غيره وضيع حقا من حقوقه ما دام أنه يبحث عن ما يعود عليه بالربح والكسب الذاتي، اليس كل هذا يعني غياب القيم واندراسها؟.
في ختام قولنا ايها الكرام الذين تقرأون كلامي سأقدم لكم جملة من النصائح التي تسهم في اذكاء القيم الانسانية الصحية والتي تحفظ للانسان هيبته وصورته الانسانية المعروفة وهذه النتائج هي:
1– ضرورة ان ينمي الابوين القيم الاجتماعية والاخلاقية والدينية السليمة في نفوس ابنائهم منذ نعومة اظفارهم، مما يجعلها سلوكيات راسخة لديهم ترافقهم في جميع محطات حياتهم.
2– على المدرسة ان تقدم القيم للطلبة وفي جميع المراحل الدراسية بشكل موازٍ لكل المواد الدراسات التي تقدمه،ا لان التربية يجب ان تسبق التعليم.
3– من الاهمية بمكان ان يكون للمؤسسة الدينية دور لتشكيل القيم الدينية البعيدة عن الغلو الذي يفسد الدين ويزيد من اعداءه، وبذا يمكن ان يبقى الانسان متمسكاً بقيمة وحافظاً لها وذا هو المراد.