تربیة و تعلیم

الذكاء اللغوي (اللفظي)

ورد عن  أميرُ المؤمنين علي أبن أبي طالب، عليه السَّلام، انه قال: “تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ”.

هذا القول إن نقف عنده لا يأخذ بنا الى فهمٍ غير الفهم الذي ينصّ على ان حديثنا  هو ما يعكس جوهر شخصيتنا، كون كلامنا يمثل محتوى ما نحمله من أفكار ومن وعي، بل يمثل معيارا مهما من معايير الحكم على ثقافتنا الشخصية، ولعل في ذلك بعدين مهمين؛ بُعداً فكريا، وهو ما نحمله من أفكار وتصورات وقناعات خاصة بنا، وبعدٌ يتعلق بتوصيل هذه الأفكار وكيفية توظيف الأدوات المختلفة التي تحقق ذلك، وهذا يعتمد على مستوى الذكاء الذي يحدد به أسلوب توصيل هذه الأفكار بالطريقة التي نقصدها والتي نحقق بها أهدافنا.

الذكاء في إيصال الفكرة

ومن ذلك نجد أن هنالك من يستخدم الخطابة في إيصال أفكاره الى الآخرين، أو هناك من يستخدم الشعر، أو الأسلوب القصصي او المسرحي، وغير ذلك، ويوظفها في سبيل ذلك، كل ذلك ينطوي تحت مفهوم “فن الكلام”، بمعنى التفنن في توظيف الكلمات لتحقيق الأهداف والمقاصد بأسلوب مؤثر ومحبب للآخرين، وهو ما يسمى بالذكاء اللغوي اللفظي.

الإمام علي، عليه السلام، بقوله: “تكلموا تُعرفوا”، إنما يشير أشاره واضحة على أن طريقتنا بالكلام فضلا عن محتواه يفسر قيمة شخصيتنا، وبذلك نجد انه أشار بصورة غير مباشرة الى أهمية ودور طريقة الكلام في بيان حال محتوى المتكلم

 فالإمام علي، عليه السلام، بقوله: “تكلموا تُعرفوا”، إنما يشير أشاره واضحة على أن طريقتنا بالكلام فضلا عن محتواه يفسر قيمة شخصيتنا، وبذلك نجد انه أشار بصورة غير مباشرة الى أهمية ودور طريقة الكلام في بيان حال محتوى المتكلم، وهو بذلك يؤكد على أهمية الذكاء اللغوي اللفظي، و دوره في توصيل الافكار، بل جعله معياراً للكشف عن قيمة الشخصية وجوهرها.

فالذكاء اللفظي اللغوي وكما جاء في تعريفه انه القدرة على استخدام الكلمات شفويا بفعالية كما هو الحال عند القاص والخطيب والسياسي، أو تحديدا كما هو الحال عند الشاعر وكاتب المسرحية والمحرر أو الصحفي.

ويضم هذا الذكاء القدرة على تناول ومعالجة بناء اللغة وأصواتها ومعاينتها والإبعاد البرغماتية أو الاستخدامات العملية لها، وتضم بعض هذه الاستخدامات؛ الإقناع، أي استخدام اللغة لإقناع الآخرين باتخاذ مسار معين في العمل، ومعينات الذاكرة، استخدام اللغة لتذكّر المعلومات والشرح، واستخدام اللغة للإعلام والتثقيف، وما بعد اللغة؛ استخدام اللغة لتتحدث عن نفسها.

أنواع الذكاء اللغوي اللفظي

وهذا يفسر أن لهذا النوع من الذكاء قدراته الخاصة وهي، كما ذكرها شواهين في كتابه (نظرية الذكاءات المتعددة نماذج تطبيقية) والتي حُددت بما يلي:

  • فهم معاني الكلمات وترتيبها، أي فهم المعنى المجرد للكلمة وكذلك فهم معناها ضمن سياق الجملة، فمثلاً؛ كلمة عين، لها معاني كثيرة منها العين التي نستخدمها للرؤية، نبع الماء، الجاسوس، الوجيه او الشخصية المهمة..، ولكن أن قرأت هذه الجملة لقد ذهبنا الى العين وشربنا من مائها العذب هنا كلمة العين تعني نبع الماء.
  • الشرح التعليم التعلم: وهذا يعني أعطاء تعليمات مكتوبة أو مسموعة لشخص أخر بحيث يفهم المطلوب منها ويستطيع تنفيذه.
  • الطرائف اللغوية: وهي النكت والطرائف المرتبطة باللغة.

مثال: قيل لرجل كان يكثر اللحن في كلامه لو كنت شككت في إعراب حرف تخلصت منه الى غيره، فلقي رجلا كان مشهورا بالنحو فأراد ان يسأله عن أخيه وخشي ان يلحن في مخاطبته فقال له: هل أخاك أخيك أخوك هنا؟ قال له لا أخوة لي.

  • المهارة في إقناع الآخرين بوجهة نظرك: وهذا يتضمن استخدام حصيلتك اللغوية الكبيرة وإمكانية استرجاعها واختيار المناسب منها لموضوع الحديث من اجل توضيح بعض الأفكار لشخص آخر غير مقتنع بها نهائيا أو غير متأكد منها أي في حيرة من أمره.
  • الحفظ والاستظهار: أي حفظ المعلومات في الذاكرة واسترجاعها بسرعة وهذا يتضمن حفظ سور من القرآن الكريم، وأشعار العرب وكذلك حفظ الحكم والأمثال وبعض القصص وأيضا حفظ المعلومات في مختلف العلوم ثم استرجاعها في أي وقت عندما تحتاج إليها.

من الأنشطة التي تبرز هذه المهارة لعبة المسابقات الشعرية، حيث يذكر احدهم بيتا فيقوم آخر بذكر بيت يبدأ بالحرف الذي انتهى به البيت السابق وهكذا تستمر اللعبة ومن يكون لديه ذخيرة كثيرة من الشعر وعنده القدرة على تذكر ما يحتاجه منها يكون الفائز.

  • التحليل الوصفي اللغوي: أحيانا نستمع لحديث بعض الناس وفي لحظة ما لا نفهم بالضبط ما يريدون وهنا نطرح عليهم أسئلة هل تقصد هذا الأمر أو ذاك.  

ومن ذلك نفهم أن قدرات هذا النوع من الذكاء تعتمد بشكل كامل على التدريب والتغذية، وبحسب ما نحمله من أدوات تحدد المستوى ألنمائي له، وهو ما ينسجم مع ما قاله الإمام علي، عليه السلام: ” تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ، أي بمعنى وكما اشرنا ان مستوى ونوع ما ننطقه يفسر جوهر شخصيتنا، فاهتمامنا بالذكاء اللغوي اللفظي  يمثل جانبا مهما من جوانب التربية الشخصية التي تكفل لنا صوتا مفهوما يحل إمامنا مشكلة ما يعرقل توصيل الأفكار بالشكل الذي يضمن سلامتها، وصحتها، وجمالها.

الذكاء اللغوي اللفظي من الذكاءات المهمة التي يجب أن نهتم بها، وأن نلتفت الى ما نمتلكه من قدرات تنطوي تحت هذا المفهوم، من اجل تنميتها بتدريبها أو تعزيزها

 وان استخدام استراتيجيات كإستراتيجية الحكايات القصصية، أوالعصف الذهني، أو استراتيجية أستخدم جهاز التسجيل، أو كتابة اليوميات، أواستراتيجية النشر قد يسهم في تعزيز هكذا نوع من الذكاء لدى المتعلمين من الأطفال وغيرهم.

فالذكاء اللغوي اللفظي من الذكاءات المهمة التي يجب أن نهتم بها، وأن نلتفت الى ما نمتلكه من قدرات تنطوي تحت هذا المفهوم، من اجل تنميتها بتدريبها أو تعزيزها، فهي تمثل ملكه من الملكات أو موهبة من المواهب التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنا التي قد تكون مشروعا ناطقا بالحق صادحا به مستهدفا بذلك تعميم فكرة العيش في ظل عبادة الله لضمان سعادة البشرية واستقرارها.                 

المصادر

  1. حسين، محمد عبد الهادي، نظرية الذكاءات المتعددة ، دار الجوهرة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014.
  2. شوا هين، خير سلمان، نظرية الذكاءات المتعددة نماذج تطبيقية، عالم الكتب الحديث، ط1، اربد- الأردن، 2014.
  3. علي  محمد السيد، اتجاهات وتطبيقات حديثة في المناهج وطر التدريس، دار المسيرة، عمان الأردن.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا