فکر و تنمیة

الخوف من الامتحان: المشكلة القديمة الجديدة

لا تستقيم الحياة على وتيرة واحد وتتحول فتراتها على الانسان بين سهل وصعب، والامتحانات تمثل اكثر الفترات تقييداً وصعوبةً وقسوة على الانسان مهما بلغ من العمر ومهما يحوي في جعبته من تجارب ومهما يبلغ من الثقة في نفسه وفي قدراته.

 لماذا الخوف من الامتحان؟

خوف الانسان من الامتحان يكون بدافع تحقيق الافضل، فالامتحانات ليست كتابة على ورقة بيضاء تنتهي بإنتهاء الوقت المحدد لها، بل هي تطلعات واحلام وامال الفرد في الوصول الى المبتغى ورسم المستقبل الذي يتوقف على نتائجها.

الخوف من الامتحانات؛ هو عبارة عن حالة نفسية انفعالية لا إرادية تسيطر على الفرد وتترك آثار جسمانية ونفسية مؤذية عليه، وهذه الآثار ربما غير معتادة تحصل بسبب توقع الفشل في الامتحان، أو الاجابة بصورة اسوء من المتوقع أو المخطط لها

مشكلة الخوف من الامتحان تكاد تكون موسمية فمع اقتراب موعد الامتحانات في كل عام يسيطر على الكثير من الطلبة شعور مزعج يمتزج بين الخوف القلق والضياع، ويشرعون بتصوير سيناريوهات كارثية لمسارالامتحان جميعها تنتهي بالفشل كما تصوره لهم امزجتهم وعقولهم، وليس حسب ما يقوله المنطق والصواب، وهذه الخيالات التي يشاهدونها أو يفكرون بها تلمح لهم بصعوبة تخطي المرحلة الدراسية الحالية، أو تلمح بصعوبة الحصول على العلامات التي تؤهلهم الى تخصصات يرغبون بها.

الخوف من الامتحان حالة لا ارادية

والخوف من الامتحانات؛ هو عبارة عن حالة نفسية انفعالية لا إرادية تسيطر على الفرد وتترك آثار جسمانية ونفسية مؤذية عليه، وهذه الآثار ربما غير معتادة تحصل بسبب توقع الفشل في الامتحان، أو الاجابة بصورة اسوء من المتوقع أو المخطط لها، مما يجعل الطالب بين نارين أولها الخوف من ردة فعل اهله عند الاخفاق والثاني حاجته هو لأثبات ذاته في تحقيق الهدف والرغبة في التفوق، لكن حين يتجاوز الخوف الحدود المعقولة سيصبح حملاً ثقيلاً يفقد صاحبه التركيز ويخسره تعبه في القراءة لأوقات طويلة، اما حين يكون الخوف بمستوى طبيعي فالأمر صحياً، لأنه يصبح محرك يدفع نحو التحصيل والانجاز العال الذي يرضي طموح الانسان النفسي والاجتماعي.

هل للأنظمة التعليمية دور في نسب الخوف من الامتحان؟

ويختلف خوف الامتحان من بلد لآخر تبعاً لأنظمة تلك البلدان، ففي الكثير من البلدان يكون الاستعداد للامتحانات جيد يوفر من خلاله القائمين على التربية والتعليم لوازم الراحة والاطمئنان للطالب، وقد يكون الإمتحان ليس الوسيلة الوحيدة للتقييم بل يدخل السلوك والإلتزام في أداء الواجبات اليومية ضمن درجات التقييم آخذين بنظر الاعتبار امكانية تعثر الطالب في الامتحان نتيجة لمرض أو حادث مفاجئ أو تعب أو ارهاق نفسي يحصل له.

التحضير الجيد للإمتحان بعيداً عن الخوف الذي يكون في أغلب حالاته غير واقعي بل من الخيالات غير المنطقية، وهذا الابتعاد عن الخوف سيعيد للفرد ثقته بقدراته  وبالتالي تخطي الامتحان بنجاح

 على عكس الكثير من البدان ومنها العراق الذي يعتبر الامتحان  فيه هو الفيصل في التقييم، فإن لم يتمكن الطالب من الوصول الى درجة النجاح وإن كان ملتزماً على طوال السنة الدراسية، فهو يؤشر من الراسبين أو الطلبة الضعفاء تحصيلياً وفي مثل هذه الحالات تزداد فرص إصابة الطلبة بالخوف الشديد من الامتحانات.

دلائل الخوف

ثمة علامات تظهر على الطلبة الذي لديهم خوف كبير من الامتحانات منها آلام متعددة في البطن نتيجة المغص وتهيج القولون، واضطرابات المعدة، والصداع الشديد، وارتفاع درجة حرارة الجسم والنحول العام في الجسم والشعور بالتعب والاجهاد.

 ناهيك عن الأعراض النفسية كالرغبة في الإنعزال عن المجتمع وحتى الأهل داخل المنزل الواحد، وعدم الرغبة في الاجابة عن السؤال البديهي من الأهل والزملاء وهو: كيف اديت هذا الامتحان؟ اضافة الى قضم الاظافر والتعرق الشديد وعدم الاستقرار في مكان واحد سيما في الدقائق القليلة التي تسبق الامتحان.

الدوافع:

عدة اسباب تؤدي بالطالب الى الخوف الشديد من الامتحان وهي:

  1.  الخوف الذي يغرسه الوالدان من خلال التضخيم الذي يتسببان به في بيان لخطورة الامتحان وأهميته، واضعافهم لقدرات ابنائهم، اضافةً الى العقوبات الجسدية والمعنوية التي توجّه لهم حين لم يتمكنوا من النجاح، أو حين الحصول على معدلات منخفضة.
  2. يشكل النسيان لدى الطالب سبباً آخر في الخوف الشديد من الإمتحان، فقد مر بنا جميعاً في مراحل دراسية أننا نُذاكر كثيراً لكننا في لحظة ما نشعر وكأننا لم نحفظ شيء ومرد ذلك هو القلق وفقدان التركيز.
  3. عادة ما تكون في ذاكرة كل إنسان ذكريات احدها جميل، وآخر قبيح وهي عبارة عن رواسب ذهنية غير جميلة حصلت في امتحان ما، وفي سنة معين؛ أصبحتْ ملازمةً للفرد وباتتْ تمثل إحدى الضغوط النفسية المرتبطة بالامتحانات.
  4. الخوف من التقييم السلبي الذي يُشعر الطالب بالدونية، سيما اذا كان من معه في المنزل، كأن يكون اخ، أو اخت اعلى درجة منه، وهنا يقوم الوالدين بالمقارنة التي تزعج الانسان وتجعله يمقت الدراسة بكل تفاصيلها.
  5. كما قد يهدد المعلمين طلبتهم بالإبعاد من المدرسة إن لم يجلبوا معدلات عالية وهذا التهديد يسلب منهم الراحة النفسية، لأنهم سيفقدون زملائهم أو مدريهم الذين اعتادوا عليهم مما يشكل عبئاً نفسياً عليهم .

استراتيجيات علاج الخوف:

تمكن معالجات الخوف من الإمتحان في عدة أمور هي:

  1.  ضرورة تهوين الأمر من قبل الابوين وتقوية ثقة الطالب بنفسه واقناعه بأن الفشل في الامتحان لا يعني نهاية الحياة ولا نهاية الدراسة و ان التعويض ممكن.
  2. التحضير الجيد للإمتحان بعيداً عن الخوف الذي يكون في أغلب حالاته غير واقعي بل من الخيالات غير المنطقية، وهذا الابتعاد عن الخوف سيعيد للفرد ثقته بقدراته  وبالتالي تخطي الامتحان بنجاح.
  3. أخذ قسط كاف من النوم لاستعادة القوة الذهنية والعقلية والقضاء على التشتت الفكري وغياب التركيز الذي ينتج من الاجهاد والتعب.
  4. البدء بالأسئلة السهلة في وقت الامتحان لأن التفكير في الاسئلة الأصعب يُشتّت الانتباه ويضيع الوقت.
  5. من المهم أن يترك الطالب المذاكرة قبل الإمتحان بساعة ونصف على اقل تقدير، لأن القراءة قبل الدخول للامتحان تعمل على تداخل المادة وبالتالي صعوبة استرجاعها.

كل هذه الوصايا إن التزم بها الطالب سيتمكن من اجتياز الإمتحان بسير ويعبر صوب امتحانات حياتية اصعب وسيجتازها بكل ثقة وامان.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا