فکر و تنمیة

الشباب وعادة البرامج الالكترونية

مع تطور الحياة البشرية ونمو الفكر الإنساني، وما نتج عنه من تمايز كبير بين الماضي والحاضر على مستوى السرعة والدقة وقلة الجهد والكلفة، نجد مع هذا التطور ازدادت مشاكل الإنسان وانعكس ذلك سلبا على مستوى شخصيته لا على مستوى خدمته، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن تعميمه على كل المستحدثات التي ترافق وجوده الحالي.

 وفي الوقت نفسه المشكلة ليست بوجودها، بل بغلبتها على حياته مما أثر على نمط الحياة، وظهر إخضاعها وسيطرتها عليه أكثر مما هو يفترض من غاية وجودها، وهذا ما يجعل التعامل مع مثل هكذا مشكلة ليس سهلا، ولا يقف عند حد النصح والإرشاد والتبليغ والتنبيه المستمر، بل يحتاج أيضا الى برامج خاصة يتم أعدادها كسبُل لتغيير أو لتقديم ما يسهم في كيفية التعامل مع إفرازات العصر التكنولوجية وغيرها.

ومما يمكن تسليط الضوء عليه هو ما شغلته مواقع التواصل الاجتماعي خلال العقد الأخير من حيز كبير من حياة الكثيرين، كموقع الفيسبوك، وما تلا ظهوره العديد من المواقع، والتي اختص كل منها بميزة عن الأخر.

وبخاصة مع ظهور أجيال من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب اللوحية  إلى سهولة الدخول على هذه المواقع، كما أن هذه الأجهزة سهلة الحمل والتنقل مع صاحبها بصورة متواصلة وبشكل شبه دائم، والتي على أثرها فضل الكثيرون قضاء جزء من الوقت على هذه المواقع.

ومن أجل تلافي الوقوع بمثل هكذا أمر علينا أن نتجنب جعل البرامج الالكترونية والانترنت بشكل عام عادة نكررها، وهو أفضل الحلول في التعامل مع هكذا نوع من انواع المواد التي تغلب سيطرتها على سلوك شخصية الإفراد

 إلا أن الأمر تجاوز لدى البعض إلى استخدام مفرط لها والبقاء لأوقات طويلة عليها، مما أثر في حياتهم وسلوكياتهم الاجتماعية، كما دفع البعض إلى إطلاق مسمى إدمان مواقع التواصل الاجتماعي على هذه الحالة.

ومن ذلك ظهرت أجيال من الأطفال والشباب تقضي معظم الوقت  على هذه المواقع والفضاء الإلكتروني، لدرجة يجدون صعوبة في  البعد والتخلي عنها لبضع دقائق، مما كان أو سيكون له مردود سيئ للغاية على هذه الأجيال، بل يصل الأمر إلى تدمير حياتهم الواقعية بالنظر لما نلتمسه أو نسمعه من مشاكل وقضايا اجتماعية كثيرة .

ودعما للوعي في كيفية التعامل مع هكذا برامج او مواقع مختلفة لها من التأثير ما يجعلنا تحت سطوتها لابد أن نتسلح بثقافة التعامل معها، وهذا لاياتي إلا من خلال تناولها كمشكلة تنطوي تحت مفهوم الإدمان، لأن معرفة الإدمان بمفهومه العام كمشكلة والأسباب التي تؤدي الى تكوينها يجعلنا نتلافى بمعرفتنا تلك الأسباب ومما يساعدنا في تجاوز أو في تحديد طرق التعامل معها بمستوى وطبيعة والكيفية التي تختص بكل فرد من الإفراد .

الإدمان بمفهومه العام يشتمل على أي فعل أعتاد الإنسان القيام به سواء كان شرب المخدرات بأنواعها، أو ممارسة بعض السلوكيات التي لا يستطيع الشخص الابتعاد عنها، وهو في كل الأحوال له تأثير سلبي على حياة الشخص الاجتماعية والأسرية والشخصية والنفسية، و بشكل عام يشعر الفرد بالسعادة المؤقتة والزائفة لأنه يؤثر على مركز اللاشعور لدى الفرد عن طريق إحساسه بالسعادة عن طريق إفراز هرمون السعادة.

والإدمان أنواع منها (المادي) وهذا النوع من معروف لدينا كإدمان المخدرات على اختلاف أنواعها، الكحول، والتدخين، والكافيين، والمهدئات ، والمنومات.

والنوع الآخر (الإدمان المعنوي) الذي قد يدخل تحت مسمى الإدمان ولا يعرف الشخص أنه بذلك أصبح مدمن من الناحية المعنوية مثل؛ إدمان التسوق، الانترنت، الألعاب، الجنس، الطعام.

والذي يهمنا من هذه الأنواع هو الإدمان الالكتروني والمتمثل ببرامج التواصل الاجتماعي والذي ينطوي تحت مفهوم (إدمان الانترنت) والذي يسلك فيه الفرد سلوكا لا إراديا أي يقضي معظم يومه امام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف النقال على حساب العديد من الأمور الجوهرية في حياته مثل الواجبات والمسئوليات التي ينبغي له الالتزام بها في العمل، او الشؤون الاجتماعية الخاصة، بأسرته وعائلته وعلاقاته الاجتماعية وأصدقائه.

 ومثل هكذا أمر يحتاج الى انتباه والى أدراك وتعامل حقيقي كونه يمثل مشكلة سلبية تعود على الفرد وتنعكس على أسرته ومجتمعه، فهو عندئذ يكون أسيرا لأمور لا تغني ولا تسمن، وبالتالي تجعل منه أنسانا فارغا لا محتوى فيه، ومن هنا أوصى الخبراء خصوصا أذا شعر الفرد في عدم قدرته على ترشيد استهلاك الكمبيوتر أن يلجأ الى أحد المتخصصين في العلاج النفسي، أو المتخصصين في علاج الإدمان، وأن يأخذ الموضوع بجدية حتى لا تؤثر الظاهرة سلبا في حياته الخاصة.

وهذا ما يجب أن يلتفت إليه شبابنا وقبل الوقوع في هكذا مطب صعب عليهم أن يدركوا أن أساس أي إدمان هو العادة التي تتكرر باستمرار، لتكون ملكةً وجزءاً من طبيعة السلوك الذي نسلكه، وعليه التعامل مع برامج التواصل الاجتماعي أو الانترنت بشكل عام يجب أن يكون على اساس المنفعة المحددة والهادفة لا على أساس تمضية الوقت او التسلية المفرطة، أو الهروب من الواقع الفعلي الذي نعيشه.

الإدمان بمفهومه العام يشتمل على أي فعل أعتاد الإنسان القيام به سواء كان شرب المخدرات بأنواعها، أو ممارسة بعض السلوكيات التي لا يستطيع الشخص الابتعاد عنها، وهو في كل الأحوال له تأثير سلبي على حياة الشخص الاجتماعية والأسرية والشخصية والنفسية

  لأن تكرار ذلك يشكل سلوكا معتادا وبالتالي يكون طبعا من طبائع الشخصية، وبالتالي يكون ملكة من ملكات تصرفها، وهو ما يحقق مفهوم الإدمان الذي يمثل الإفراط في التعامل مع ما ينعكس سلبا على شخصية الفرد بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، وهذا ما يؤكده الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام بقوله: “العادة طبع ثانٍ”.

ومن أجل تلافي الوقوع بمثل هكذا أمر علينا أن نتجنب جعل البرامج الالكترونية والانترنت بشكل عام عادة نكررها، وهو أفضل الحلول في التعامل مع هكذا نوع من انواع المواد التي تغلب سيطرتها على سلوك شخصية الإفراد، وهذا ما يستخدم أيضا حتى مع المدمنين بشكل فعلي وهو إرشادهم مع الاصرار والمساعدة على إجبارهم بالتخلي عن التعامل مع المادة المدمنة بشكل تدريجي وهو ما يفسر تغيير العادة والعمل بها بشكل عكسي لتخليصه من معاناة ما هو فيه، وهو أيضا ما أكده أمير المؤمنين، عليه السلام في قوله: “غيروا العادات تسهل الطاعات”.

ومن هنا على شبابنا أن يكونوا على قدر من الثقافة والوعي في كيفية التعامل مع هكذا برامج سواء بالتوظيف أو التعامل معها، من خلال أتباع الإرشادات والنصائح والقواعد التي تحدد طبيعة التعامل الصحيح، لاسيما فهم كيف يتحدد سلوك الشخصية المبني على وحدات مختلفة منها نوع العادات التي يعتادها الفرد في سلوكه.

المصادر

https://www.alkhaleej.ae/2021-02-06
ملوحي، ناصر محي الدين، الإدمان.ومخاطره وعلاجه، دار الغسق للنشر، ط2، 2019.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا