فکر و تنمیة

الاغتراب النفسي سجن الانسان في غياهب الحياة

الاغتراب النفسي هو: داء اجتماعي المنشأ والجذور ونفسي الاعراض والسلوك، يعكس عدم توافق الانسان مع واقعه الذي يعيشه بالشكل الذي يجعل الانسان غريبا عن ذاته وعن واقعه، فالاغتراب لا يمكن تناوله بمعزل عن البعد النفسي وهو أيضا ظاهرة نفسية لا سبيل لفهمها إلا من خلال حاضنتها الاجتماعية، ومن الجيد ان يحقق الانسان مستوى من الصحة النفسية تجعل الإنسان يعيش في سلام نسبي مع نفسه ومع العالم مستثمراً لإمكانته وقواه الهائلة بما يعود عليه ومجتمعه النفع وبالتي يتحقق الرضا المنشود.

عدة تعريفات للاغتراب النفسي نذكر منها تعريف عالم النفس والفيلسوف (اريك فروم) والذي يقول: إن الاغتراب نوع من المشاعر التي فيها يرى الشخص كغريب عن ذاته، فيشعر أنه لا يمكنه التحكم في افعاله، بل تسوقه افعاله وينساق ورائها مما يجعله بعيد الاتصال عن ذاته وبعيد الاتصال باي فرد آخر.

 ويعرف ايضاً على انه؛ وعي الفرد بالصراع القائم بين ذاته والبيئة المحيطة به، والمحبطة له بصورة تتجسد في الشعور بعدم الانتماء والسخط والعدوانية، وما يصاحب ذلك من سلوك بفقدان المعنى واللامبالاة ومركزية الذات والانعزال الاجتماعي وما يصاحبه من اعراض اكلينيكية.

إن الاغتراب نوع من المشاعر التي فيها يرى الشخص كغريب عن ذاته، فيشعر أنه لا يمكنه التحكم في افعاله، بل تسوقه افعاله وينساق ورائها مما يجعله بعيد الاتصال عن ذاته وبعيد الاتصال باي فرد آخر

مصطلح الاغتراب مشتق من اصل لاتيني وتعددت استخداماته في مجالات الفلسفة وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا وعلوم اجتماعية اخرى، ويعد العالم الالماني (هيغل) اول من اتى به لكن المعنى الحقيقي له كان مبهماً الى حد بعيد، غير انه وضح ان الاغتراب له جنبتين اولهما؛ الايجابي الذي يتجسد في اندفاع النفس البشرية نحو الابداع، وثانيهما السلبي الذي يتمثل في فقدان القدرة بالتعرف على الذات ووضع اهداف والتخطيط لها.

يتصف الشخص المغترب نفسياً بجهله الكبير بالواقع للتباعد بينه وبين الواقع، وبين الصورة المثالية التي يحددها الفرد لذاته داخل ذهنه، كما يعاني من ضعف ارتباطه بالمحيط مع حاجته الضرورية اليها، في هذه الحالة يفقد الفرد وعيه الطبيعي بالعمليات النفسية الداخلية، كذلك الشعور بالضياع، وعدم الانتماء، والاحساس بالعدوان والقلق وفقدان الثقة بمن حوله وبنفسه احياناً.

مظاهر الاغتراب النفسي:

تتجلى هذه المظاهر في عدة خصائص والتي تشكل عوامل مشتركة للكثير من الدراسات النفسية، ابرز هذه المظاهر هي:

  1. فقدان القوة: وهذا يتمثل بعجز الفرد عن التأثير في المواقف الاجتماعية التي ينصهر فيها، ووفق ذلك لا يستطيع توقع المستقبل كما غياب التفسير الواقعي عن الحاضر، وهي حالة لا يتلائم فيها مفهوم الفرد للتوقعات في التأثير بالأحداث الاجتماعية والسياسية.
  2. اللامعيارية: وهي مرحلة يكون فيها الانسان المغترب مفتقراً الى المعايير الاجتماعية المطلوبة لضبط سلوك الأفراد، وأن الأسس التي كانت تحظى باهتمام عالٍ واحترام اصبحت لا تعني له شيئا، بمعنى أن المعيارية تعني الموقف الذي تتحطم فيه المعايير الاجتماعية المنظمة لسلوك الفرد، إذ تبدو غير مؤثرة وليس لها أيّة وظيفة ضابط للسلوك، كما تغيب القيم بفعل الرغبات الشخصية الرامية الى الاشباع بأية وسيلة.
  3.  اللامعنى: إذ يتصف الفرد بعدم توفر مستوى عالٍ من الوضوح في اتخاذ القرار، كما يتسم بالتوقع المنخفض لإمكانية القيام بأي نشاطات ويتعمق الإحساس لديه بالفراغ الهائل، نتيجة لعدم توفر أهداف أساسية تعطي معني لحياته وتستثمر قدراته وسلوكيات، وبهذا يصبح الانسان المصاب بالاغتراب النفسي بحاجة الى مرشد يوجه سلوكه.

الاسباب التي تؤدي الى الاغتراب النفسي هي:

في طليعة الاسباب التي تؤدي الى الاغتراب النفسي هي:

  1.  الاسباب النفسية: التي تتضمن الصراع الذي يحدث بين الرغبات وبين الحاجات التي تتطلب وقتا كبيرا للإشباع، وأن تعذر ذلك سيؤدي إلى التوتر الانفعالي والقلق واضطراب الشخصية، كما يعد الاحباط من العوامل النفسية المسببة، إذ تمنع الرغبات والحوافز المرتبطة بالشعور، وتؤدي الى الفشل والعجز التام والقهر وتحقير الذات، ثم يأتي الحرمان كعامل مساعد على الاغتراب النفسي حيث تتقلص فرص تحقيق الطموح واشباع الحاجات، كما في حالة الحرمان من الرعاية الأسرية والاجتماعية، واخيراً الاسباب النفسية هي؛ الاحداث الصادمة التي يتعرض لها الانسان في المواقف المختلفة، والتي تحرك العوامل الأخرى المسببة للاغتراب مثل الأزمات الاقتصادية والحروب.
  2.  الاسباب الاجتماعية: الضغوط البيئية و الاجتماعية التي تواجه الفرد والفشل في مواجهة هذه الضغوط، اضافة الى تدهور القيم وتصارعها بين الأجيال، وتلعب الثقافات المريضة التي فيها عوامل الهدم والتعقيد دوراً بارزاً في الاغتراب، كما أن اضطراب التنشئة الاجتماعية حيث تسود الاضطرابات في الأسرة والمدرسة والمجتمع هي الاخرى يكون نتيجته الاغتراب النفسي، وانعدام القدرة النفسية على التوافق مع التطور الحضاري السريع، والبعد عن الدين يشكلان دوافع مهمة لحدوث الاغتراب النفسي لدى الانسان.

الحلول:

الحلول أو الاستراتيجيات التي تتبع لمعالجة الاغتراب النفسي، او تحد منه على اقل تقدير هي: منح المصاب دفعة ثقة بالنفس؛ إذ أن هذه الدفعة ستجعله يتقبل العلاج آملاً في الوصول الى حل.

من المهم أن يربي الوالدين ابناءهم تربية دينية تمنحهم أمناً نفسياً، وتجعلهم واثقين بقدراتهم وبخالقهم ومتطلعين الى ماذا سيكونون في المستقبل

 اما في ما يخص المراهقين فمن المهم مساعدتهم في رسم اهدافهم، وعدم تركهم لرياح الاقران غير الناضجين يرسمون حياتهم، فرسم الاهداف لمن لديه عقل سليم سينجيه من الغرق في الاغتراب النفسي، ومن المهم أن يربي الوالدين ابناءهم تربية دينية تمنحهم أمناً نفسياً، وتجعلهم واثقين بقدراتهم وبخالقهم ومتطلعين الى ماذا سيكونون في المستقبل.  كما من المهم تقليل الهوّة بين الطموح والإمكانات وجعل ما يفكر به الانسان واقعياً ممكن التنفيذ، لأن المثالية تجعل من الانسان هائماً في بحر الوهم، ومن الاهمية بمكان مساعدة المغترب على اعادة اندماجه بالمجتمع واعطاءه فسحة حرية للتعبير عن رغباته واحتياجاته، كما افكاره وبالتالي سينمو نمواً نفسياً متوازنا وسليماً بعيداً عن جميع الاضطرابات النفسية ومنها الاغتراب.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

1 تعليق

اترك تعليقا