فکر و تنمیة

التجديد بذرة التطوير

خُلق الكون على أُسس تتجدد بمرور الوقت حسب الظرف المحيط، وكل اساس قائم بذاته في زاوية حياتية مختلفة من أصغر شيء فيه إلى اكبر ما يمكن، ولو اطلعنا لعرفنا ان خلايا جسم الإنسان تتجدد بين فترة واخرى، وكذلك بالنسبة للمخلوقات الأكبر؛ مثلاً الأشجار التي تتجدد اوراقها بين موسم وآخر، وايضاً الكون بحد ذاته يتجدد {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، وهكذا في بقية مفاصل الحياة.

فإذا كان كل ذلك بتعقيده، قابل للتجديد فما بالنا في شخصية الإنسان و تصرفاته، و افكاره، وحركاته وسكناته، أليس من الطبيعي ان تتجدد وتتغير؟

يولد الإنسان في وسط مجموعة من الأفكار، والعادات، والتقاليد، فتتمحور حياته عليها الى ان يُدرك طوعاً او كُرهاً بأن عليه البحث عن سلامة تلك الافكار والعادات، فتبدأ سلسلة من التغيرات في تصرفاته وتفكيره التي ترافقه منذ إدراكه لما يجري لحين انتهاء فترته الحياتية -أي عند الموت- وكل تفكير ملائم لفترة من حياته فيتطور عند توسع نطاق الادراك ونظرته للأمور.

انّ كل انسان معرّض للتغيير في تفكيره وسلوكه، وهو ما علينا تفهّمه وتقبله ممن يظهر لنا بأفكاره الجديدة، في بعض الأحيان نتعرف على شخص ونأخذ انطباعاً عن تصرفاته وطريقة كلامه فنحبها، ولكن ننزعج اذا تغيرت تلك التصرفات ظناً منّا بأنه اصبح شخصاً آخر ونتصور أننا ربما نخسره.

يولد الإنسان في وسط مجموعة من الأفكار، والعادات، والتقاليد، فتتمحور حياته عليها الى ان يُدرك طوعاً او كُرهاً بأن عليه البحث عن سلامة تلك الافكار والعادات، فتبدأ سلسلة من التغيرات في تصرفاته وتفكيره التي ترافقه منذ إدراكه لما يجري

ولكن في الواقع إن اغلب التغيّرات الحاصلة تكون في التفكير ومستوى الإدراك، ولا تمس المعتقد والأخلاق والقيم، إلا اذا تعارضت هذه التصرفات مع الثوابت والقيم، هنا يجدر بك تركه والابتعاد عنه.

وكل شخص يمر بفترة يحتاج فيها الى أفكار جديدة، و أشخاص جُدد ملائمين لتفكيره، وهذا لا يعني التخلّي عن الأصدقاء القدامى، فلكل صديق مكانه في القلب، لا تتغير مهما تغيرت الظروف، وحصلت تحديات في الحياة.

 وهذا يدعونا لأن نتقبل الآخرين في افكارهم الجديدة في إطار القيم والمبادئ، وهم بالمقابل سيتقبلوك في كل حالاتك، وإذن؛ التجديد في طرائق التفكير أمر مطلوب وايجابي.

وهنا نتسائل عن كيفية تحقيق ذلك؟

كل تصرف او كلام يأتي به الشخص؛ هو عبارة عن قناعة داخلية، والقناعات تتولد نتيجة فكرة مسبقة عُرضت للشخص عن طريق القراءة، او الإستماع لشخص، او المشاهدة، وكذلك التغيير فهو فكرة تقتنع بوجودها نتيجة موقف معين.

ومن ثم إليك بالآتي :

  1. ان تجد فكرة بديلة أفضل مما عندك، او عن طريق تطوير الفكرة بالبحث عن ايجابياتها وسلبياتها، وتطوّر منها ما يناسبك دون الخروج عن الأصل حتى تتحول الى قناعة عقلية.
  2. ابدأ بالتُحدث مع نفسك عن التغيير، و حاول انه يجب عليك التصرف وفق قناعتك الجديدة التي ستنعكس في اقوالك و افعالك، وبالممارسة تصبح عادة تتصف بها، فقل كل يوم او عند النوم: انت ذلك الشخص الجديد بتفكيره، وانت قادر على تغيير نفسك و إصلاحها، حتى تتحول الفكرة الى العقل الباطن وتنغرس فيه. وتذكر {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
  3. قوّي ارداتك على التغيير عن طريق التذكير الدائم بإيجابية ما تريد أن تصبح عليه، فالأمر لا يتطلب سوى الوقت والإرادة.
  4. لا تهتم لكلام المحبطين -ومنهم الاهل والاقارب والأصدقاء- بقولهم او فعلهم فتراهم يقولون مثلا – بتعبيرنا- “ها…! هسه يله صرت خوش ولد لتحاول، ما منّك فايدة”، أو “ها! هذا الدرب ما يفيدك… سوالفك كلهن يمي لا تجي اطبقهن براسي”، أو “وينك و وين هالسالفة بطل بابه”!

اصنع نفسك من حطامهم، وانجز ما تريده ولا تتأثر بكلامهم.

وفي الختام؛ توكل على الله وثق بإنه سيساعدك على ما تُريد، إن رأى منك صدق النية والعمل ولان الله لا يُغير شخصاً الا بعد ان يرى سعيه لذلك فهو مُسبب.

ثق بنفسك وبقدراتك على تحقيق المستحيل ” بالنسبة الك ” وهو على الله سهل يسير،  وسترى التغيير بعد حُسن التدبير.

عن المؤلف

محمد صفاء الدين

1 تعليق

اترك تعليقا