کل المجتمع

قاصرات العقل

تنافرت الآراء وتضادت الأفكار في إثبات أحقية الرأي، فتجد من هو مؤيد و تجد من هو معارض، وكلٌ يملك الأسباب والدوافع التي يراها أقرب الى العقل والمنطق السليم.

وهنا اقف متحيراً لأي رأي أميل؟

و أيهما الاكثر صواباً؟

فلو نظرنا الى وجهة نظر الإسلام فيما يسمى بـ “زواج القاصرات”، أو الزواج المبكر، -لانه يُعطي الرأي الأصح دوماً-، نجد أن مفردة “القاصر” تطلق على من لم يصل الى سن البلوغ، سواء الذكر او الأنثى، وجاء في أحكام النكاح (الزواج) شرط البلوغ في الزوج والزوجة، و في قول الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله، في جملة حقوق: “من حق الولد على الوالد ان يزوجه اذا بلغ”، ولكن وضع لها شروط، وهي كالآتي:

  • العمر، وهو للزوج؛ أن يكمل خمسة عشر سنة هلالية، وللزوجة ان تكمل تسع سنين هلالية ايضاً، مع الاخذ بنظر الاعتبار التناسب في الطبيعة الجسمية لهما، ومقدار الفارق بالعمر بينهما ليكون زواجاً ناجحاً، فليس من المقبول والمعقول عقلاً زواج شخص بعمر الكهولة من فتاة صغيرة السن، و إن كان ذلك صحيح شرعاً، اذا تمت بموافقة الطرفين وعدم الاجبار.
  • الوعي والادراك، بان يكونا على مستوى وعي و ادراك كافيين لتحمل مسؤوليات الزواج، ويكونا قادرين ومستعدين عقلياً وجسمياً لذلك، وهذا يعتمد على تربية الاهل لهما، فهما المُلامان والممدوحان بالدرجة الأولى في هذا الزواج، فمثلما نرفض زواج البنات لقلة وعيهن وهن صغيرات، كذلك نرفضه بسبب قله وعي الشباب وتهربهم من المسؤولية؛ صغيراً كان أم كبيراً، علماً أن العمر ليس معيار الوعي، فكم من كبير في السن، و يشكو الخواء في عقله، وكم من صغير بعقل بارع.
  • الدين والاخلاق والالتزام بالقيم، فان كانا يحملانها صغاراً فزواجهما ناجح، لان فكرة الرفض تتجه في احدى زواياها الى السؤال عن قدرتهما على تربية أبنائهما بهذا العمر؟ فاذا كانا يحملان القيم الصحيحة التي ستغذي جيل المستقبل فلا ضير في ذلك، و إن لم يكونا كذلك كان اللازم تأجيل التزويج لحين توفر هذا الشرط الاساس، ففي حديث الشريف: “من جاءكم ترضون دينه وخلقه فزوجوه”.

 

إن الزواج سُنّة من سنن الله في الكون، و ديمومتها تتمثل في الاختيار الصحيح للشريك بدون اجبار او عوامل مسببه خارجية، وبذلك تصبح الحياة سعيدة فيما بينهما و تتجمل بقية ايامهما بأبهى صورة

 

إن زواج الصغار عمراً والكبار عقلاً تُعد مصلحة مجتمعية وقضية حياتية مهمة لما لها من تأثير كبير في مقدار التفاهم بين الاثنين من جهة، وبينهم وبين الأبناء، من جهة اخرى، وايضاً في تحقيق الاستقرار النفسي و العاطفي لكلا الطرفين، و في حفظ النفس من الانزلاق في الشهوات التي لا وجود لمفرغ حلال لها الا الزواج.

ومثلما للزواج المبكر فوائد، فان لها مضار عندما تكون وسيلة لتطبيق احكام عشائرية باطلة، او تلبية لعرف اجتماعي غير صحيح، او حتى كصفقة للتهرب من مسؤولية النفقة على الاب غير المسؤول، وهنا تحدث المشاكل و الخلافات، وتزداد حالات الطلاق، وعند هذه النتيجة يوجهون اصابع الاتهام فوراً الزواج المبكر، والى صغر سن الزوجين، بينما الحقيقة؛ القصور في تربية الأهل وافكارهم.

أقول:

إن الزواج سُنّة من سنن الله في الكون، و ديمومتها تتمثل في الاختيار الصحيح للشريك بدون اجبار او عوامل مسببه خارجية، وبذلك تصبح الحياة سعيدة فيما بينهما و تتجمل بقية ايامهما بأبهى صورة.

عن المؤلف

محمد صفاء الدين

اترك تعليقا