سؤال يمر في أذهاننا دائماً:
يا ترى ما الهدف من وجودنا على هذه الأرض؟ ولماذا خُلقنا؟
نحن خلفاء الله على هذه الأرض ولكلٍ منا دوره فيها؛
أتحسبُ أنك جرمٌ صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
قولٌ لأمير المؤمنين، عليه السلام، يخبرنا بأنَّ لكل منا قدرات ومواهب عظيمة كامنة، لكن أغلبنا يجهلها، أو يعرفها ولايعرف كيف يوظفها وينميها، وعلم التنمية يعلمنا ذلك ويدربنا عليه.
و حتى نضمن لأنفسنا حياةً كريمة وسعيدة لابد أن ندرك عجلة حياتنا وما فيها من جوانب ونعمل على أن تكون متوازنة لتسير بشكل سليم لتوصلنا إلى مافيه سعادة الدارين .
فماهي عجلة الحياة ؟ وهل أستطيع التحكم بها ؟ وإلى أين سأصل اذا كانت متوازنة؟
عجلة الحياة، فيها ثمانية جوانب مختلفة اذا توازنت هذه الجوانب سارت العجلة بتوازن واعتدال، وإلَّا تعثرت حركتها، و لكلٍ من هذه الجوانب نقطتان .
-
الجانب الأول: الجانب الروحي
ويتضمن: العبادات؛ صلاة، صيام، وحج والروحانيات: علاقتي مع الله من خلال المستحبات والاخلاص في الاعمال( دعاء، مناجاة، زيارة للمقامات، صدقات..)
و بشكل عملي يمكننا أن نسمي اسبوعاً لأنفسنا وأطفالنا، وهو اسبوع التقرب من الله ونوصل فكرة لهم أن هذا لايعني أن في غيرها من الاسابيع لانقوم بالعبادات، ولكن وكأننا نخوض دورة مكثفة نحسن فيها من أداء عباداتنا لله عزوجل .
فالنفس دائما بحاجة للتمرين كي تتعود وتألف الاشياء ومنها العبادات والروحانيات ولابد من التدرج واستغلال أوقات الاقبال للنفس.
-
الثاني: الجانب العقلي
وهو خبرة الحياة أي ثقافة الانسان وما يحصله من خلال تجاربه وسعيه (استماع او حضور محاضرات، قراءة كتب، مجالسة العلماء، مباحثات او مناقشات فعالة…) والدراسة والتحصيل الأكاديمي نأخذه من المدارس والجامعات والحوزات العلمية، وكلاهما يثقلان بعضهما البعض ولايمكن الاستغناء عن أحدهما ليتوازن هذا الجانب.
ولثقل هذا الجانب واغنائه، جرِّب أن تقرأ كتاب، و اجعل لك جدولاً تستمع فيه لسلسلة محاضرات لموضوع معين، مثلاً : اكتب في مفكرتي خطة لتطوير الجانب العقلي من خلال قراءة الكتاب الفلاني خلال شهر، تخصيص وقت لسلسلة محاضرات بجانب أحبه واحتاجه في مجال عملي لأطور مهاراتي العلمية وهكذا.
الحالة النفسية تتبع المشاعر فكلما كانت مشاعري بحالة جيدة انعكس ذلك على نفسيتي وكنت ايجابياً، والعكس صحيح كلما عانيت من الظلم والحقد وغيرها من المشاعر السلبية كنت انساناً سلبياً حتى مع نفسي للأسف
-
الثالث: الجانب الجسدي
الصحة والعافية المقابلان للمرض
والنشاط والقوة واللياقة ولابد من توازن بين الجهتين فأ راعي صحتي وأعالج نفسي من الأوجاع والآلام ومايعزز هذه الصحة هي الرياضة واللياقة.
فلماذا لا اخصص لجسدي قسماً من وقتي (مدة نصف ساعة مثلاً) وأمارس التمارين المناسبة لجسمي وطبعاً بحسب عمري وقدرتي ( مشي، سويدي، جري، سلة، قدم..)
أما اذا تحججت وقلت لا أجد وقتاً للرياضة، فإن النتيجة حتماً التعب وتفاقم الأمراض مع تقدم العمر، فالجسد كالآلة تحتاج إلى عناية والا لما خدمتني المدة المفترضة.
-
الرابع: الجانب النفسي
النفسية (سلبية، ايجابية)
والمشاعر (الحزن، الظلم، الفرح، التشاؤم، السعادة، الحقد، القلق..)
والحالة النفسية تتبع المشاعر فكلما كانت مشاعري بحالة جيدة انعكس ذلك على نفسيتي وكنت ايجابياً، والعكس صحيح كلما عانيت من الظلم والحقد وغيرها من المشاعر السلبية كنت انساناً سلبياً حتى مع نفسي للأسف، وأفضل طريقة لأكون انساناً ايجابياً هي عن طريق تفريغ المشاعر السلبية والطرق متعددة، ولكل منا طريقته في التفريغ التي تجعله يرتاح له مثلا( كتابة ما يزعجني على ورقة وأرمي بها في القمامة أكثر من مرة، المشي، قراءة القرآن الكريم، الاسترخاء، زيارة أحد الأماكن المقدسة، التنفس بعمق لعدة مرات، الرياضة، ضرب كيس الملاكمة، الاستحمام، التنزه..)، واياكم ثم اياكم من التفريغ عن طريق الكلام للآخرين، فهو لا يدر إلا المزيد من المشاكل.
-
الخامس: الجانب الأسري
علاقتك مع أهل بيتك (الزوج او الزوجة، الاولاد)
علاقتك مع أهلك (الاب، الأم، الاخوة، الاعمام، العمات…)
حياتنا السريعة تسرق منا اللحظات الممتعة والجميلة وكأنها قطار سريع يقتلع كل مايقف في وجهه، لنحاول تحسين علاقاتنا على صعيد الأسرة والأهل ولنحاول الاستمتاع مع أولادنا وأهلنا وخلق أجواء لطيفة فيما بيننا، وأن نعطي لكل ذي حق حقه، فنستمع لهم ونحاورهم، نبادلهم القبلات، نلعب معهم.
قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك”
-
السادس: الاجتماعي
علاقتي مع أصدقائي وزملائي
ودوري كشخص في المجتمع (أكون فعال ولي دور)
ومعنى اجتماعي أي ان لا أكون سلبياً لاأبدي أي تأثير في من حولي، فلا أقبل أن أمرّ بدون أي أثر في الحياة، وأن أتميز وتصبح لي بصمتي في عملي أو في ما أتقنه وأسعى دائماً للتطور وخلق الجديد، ولابدَّ لي من التخلي عن بعض الاشياء التي تجعل أدائي متأخراً (التسويف، معاشرة السلبيين، الغضب لأتفه الأسباب، لاتسمع لكلام المحبطين).
-
السابع: الجانب المهني
تحسين الأداء ( أن يشتغل الانسان على نفسه فيطور أداءه ومهاراته فيختلف من وقت لآخر نحو الافضل) وتطور هذا الجانب خلال الزمن (كطبيب لم يتوقف الزمن عنده عندما أخذ شهادته بل جدد علمه من خلال القراءة في مجاله وأداء التجارب على بعض العلاجات مثلاً) .
فكن دائماً في تجدد وعليك بالنظر إلى أن كل يوم جديد هو بمثابة فرصةٍ جديدة للتطور وتحسين الأداء، وكن خلاقاً في مجالك، فالعالم لايريد مزيداً من النسخ المتشابهة، وتعرف على نقاط قوتك، ثم اكتب أهدافك الخاصة بك، وتواصل مع زملائك بالعمل، فالتواصل الفعال منتج .
وقد قال أمير المؤمنين، عليه السلام: “من اعتدل يوماه فهو مغبون”. وقال رسول الله، صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك”.
-
الثامن: الجانب المالي
التوازن بين الوارد والمصروف لذلك بالنسبة للمصاريف ( فلابد من تحديد الأولويات الأهم ثم المهم والأقل اهمية،… وهكذا) وبتحديد الأولويات تترتب أمورك المالية.
خصص قسماً من الواردات للاستمتاع ( لنفرض يصلني من عملي ٢٠ ألف، أخصص منها خمسة آلاف بغرض الاستمتاع بها، والاستمتاع له عدة مصاديق كأن أخرج مع أولادي وأحضر لهم بعض الاشياء التي يحبونها، أو اشتري شيئاً لأمي أفرح قلبها، أشتري شيئاً لنفسي، وهكذا).
وهناك مقولة شائعة بأن من يحب المال شخص سيء، وهذا ليس بصحيح مئة بالمئة، لأنه من الممكن استخدام المال، وليس أن نحبه ونكون عباداً له ونجعله يملكنا وهو هدفنا، بل أن نجعله وسيلة لإرضاء الله وخدمة الناس كالصدقة وفتح مشاريع صغيرة للمحتاجين فماكان لله ينمو .
وأخيراً لابد من التوازن بين جوانب العجلة كاملة لكي تسير بإتزان ولاتتعثر، فكل منا يستطيع الآن أن يحصر مشكلة عجلته بأي جانب تتعلق ويعالج هذا الأمر.