مناسبات

سلسلة الزهراء الزاهرة (7) دفاعها عن الولاية

حتى الرمق الأخير، كانت الزهراء، عليها السلام، مُدافعةً صُلبةً عن الولاية التي تمثلت في شخص بعلها الإمام علي، عليه السلام، بعد ارتحال أبيها الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله. و لو لا دفاعها الشديد ذاك، لاختلط الحابل بالنابل، و للبسوا الحق بالباطل، و لعاد المسلمون إلى جاهليتهم، كما عاد إليها بعضهم فعلاً؛ بل إلى أسوأ منها.

و عندما جاءت نساء المهاجرين و الأنصار، يعِدنها في علتها إثر الهجوم الآثم على دارها، و عصرها بين الحائط و الباب، و إسقاط جنينها، و سألنها عن حالها؛ إنفجرت، لا بالبكاء و العويل؛ بل بالتظلم و تقريع رجال المسلمين، و من بينهم أزواجهن؛ فخطبت فيهن؛ فقالت في ما قالت: “أصبحت و الله عائفة بمعنى: كارهة  لدنياكن، قالية بمعنى: مبغضة لرجالكن. لفظتهم بمعنى: رميت بهم بعد أن عجمتهم بمعنى: مضغتهم، و شنأتهم بمعنى: أبغضتهم بعد أن سبرتهم  بمعنى: تأملتهم، و عرفت عمقهم”… الى نهاية الخطبة الشريفة. و كانت تلك خطبتها الثانية بعد خطبتها الأولى في المسجد النبوي الشريف و التي عُرفت في التاريخ بـ “الخطبة الفدكية”.

و قبل دفاع الزهراء، عليها السلام، عن ولاية أمير المؤمنين، الإمام علي، عليه السلام، كان القرآن الكريم قد دافع عنها و بشدة و ذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}، (سورة المائدة، الآية ٦٧).

و كان ذلك في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من العام العاشر للهجرة بعد حجة الوداع؛ فبَلَّغ الرسول، صلى الله عليه و آله، ما أُنزل إليه من ربه في الإمام علي، عليه السلام، بتنصيبه إماما و خليفة على المسلمين من بعده؛ فبايعوه على إِمرة المؤمنين فيما عُرف (ببيعة الغدير)؛ فنزل قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ}. (سورة المائدة، الآية ٣).

و لكن القوم عادوا؛ فنقضوا بيعة الغدير؛ فهل يريدون – بعد ذلك – أن تؤيدهم الزهراء، عليها السلام، على نقضهم لـبيعة الغدير”؟!

و عندما انفجرت، عليها السلام، في وجوه نساء المهاجرين و الأنصار اللاتي هن في عيادتها الآن؛ أرادت توعيتهن أولاً، و لعلهن يُحركن في رجالهن روح العودة إلى ” بيعة الغدير “؛ فلعل هناك من يستجيب لندائها و هو نداء الحق الذي هو نداء الله تعالى، و نداء القرآن الكريم، و نداء محمد و آل محمد، صلوات الله عليهم أجمعين.

 

  • من فقه حديث الكساء

قالت الزهراء، عليها السلام : “فغطيته به “.

مسألة : “ثم إن فاطمة، عليها السلام، هي التي غطت الرسول، صلى الله عليه وآله، مما تكون أسوة في استحباب تغطية الرحم؛ بل و غير الرحم أيضا؛ لأن المِلاك عام حتى في غير الرحم”. (من فقه الزهراء، عليها السلام، للمرجع الشيرازي الراحل، ج١، ص٧٧).

عن المؤلف

جواد السيد سجاد الرضوي

اترك تعليقا