الأخبار

السلطات السعودية تفرض قيودا بحجة “كورونا” لمحاربة مراسم عاشوراء في الأحساء والقطيف

لا تُضيع السلطات السعودية أية ظرف وفرصة للتعبير عن حقدها وتنفيس غلها بحق أهالي القطيف والأحساء، لحرمانهم من حقهم في أداء شعائرهم الدينية.
ومع هلال شهر محرم الحرام، وتحت ذريعة انتشار فايروس كورونا، اتخذت السلطات جملة من المحاذير والاجراءات التي تمنع الأهالي من التوجه لأداء شعائرهم وإحياء ذكرى عاشوراء سبط الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)، رافعة جملة من التهديدات الأمنية لكل من يقدم على إحياء شعيرة حسينية، متذرعة بأنها اتخذت قراراتها عقب التشاور والتواصل مع بعض المشايخ والمعنيين من أصحاب المساجد والحسينيات، لتفرض سلسلة من القيود تعطل احياء شعائر محرم الحرام.
وفي تقرير نشرته “مرآة الجزيرة”، وتابعته مجلة الهدى، كشفت عن جملة القيود المطعّمة بالتهديدات والترهيب الموجه لأهالي المنطقة لمنعهم من إحياء مراسم المحرم، وجرى إصدار جملة تعليمات لأصحاب المجالس والحسينيات واصحاب الفعاليات، الذين لم يعقد الاجتماع السنوي معهم في مبنى محافظة القطيف كما يحصل في كل عام خلال لقاء سنوي، وأطلقت جملة من التحذيرات المتذرعة بانتشار فايروس كوفيد 19، والتي اتخذت الإجراءات تحت عنوانه، من أجل منع الإحياء العام، بدلاً من اتخاذ تدابير خاصة لتسهيل الأمر وعدم حرمان منطقة بأسرها من حقها في إحياء شعائرها بسبب الإهمال السلطوي والفشل في احتواء الفايروس المنتشر بشكل مضطرد.
ويلحظ ان عددا من تلك القيود لا صلة له البتة باجراءات مكافحة الفايروس، كمنع مكبرات الصوت، وحظر تعليق اليافطات والرايات الحسينية، وحظر دعوة الخطباء من خارج البلاد، وتجريم جمع التبرعات للصرف على المآتم والأنشطة الحسينية التي تنفذ خلال عشرة المحرم الحرام. في استهداف صريح للهوية الشيعية، فيما تنحو قائمة ممنوعات واجراءات أخرى لفرض المزيد من القيود الأمنية.
وتشير المصادر إلى أن التعليمات التي صدرت تفيد بضرورة “التعاون المثمر والتقيد بالأنظمة والتعليمات الخاصة بتنظيم أعمال محرم”، وبلغة التحذير والتنبيه، فرضت ضرورة “إبلاغ الجهات الأمنية من القائمين على المآتم عن المخالفات والملاحظات، لأن ذلك يحقق سرعة الوصول وإحباط أي محاولات للعبث من دون أن تحدد ماذا تعني بصيغة العبث التي تشير إليها”.
ولأن لجان الحماية الأهلية التي تعمل على حماية الأهالي وتنظيم الإحياء في كل عام، كانت تثير غضب السلطة لكونها تكشف سوءتها في عدم تمكنها من التنظيم وتأمين الأمن للأهالي في فترات محرم، فإن إحدى نقاط التعليمات لهذا العام، توجهت إليهم، وحذرت من “قيام المدنيين بأي عمل أمني كإقامة نقاط التفتيش للأفراد والسيارات والمطالبة بالإثباتات الرسمية، وإغلاق الشوارع بالحواجز وهذه تُعد مخالفة أمنية مرورية تستحق العقوبة وفق الأنظمة واللوائح”، بحسب تعبيرها.
ولم تضع التعليمات حدوداً لها، فكان التحذير والتنبيه حتى من مكبرات الصوت، فالمنطقة التي تتمظهر عاشوراء وحزنها في كل أرجائها، لن يسمح لمكبرات الصوت في الحسينيات والمساجد أن تصدح، ويمنع الصوت أن يعلو في المجالس العائلية، كما لن يسمح للمضائف أن تقام تحت أي شكل من الأشكال، رغم أن التحضيرات الأهلية تعتمد كافة المحاذير والاجراءات الوقائية، وفرضت السلطة تعليمات أن لا يتم توزيع أي مأكولات عبر ما يتم الاتفاق معها عليه، فكل خطوة تريدها تحت سطوة أحهزتها الأمنية والعسكرية.
كما أنه لن يسمح بوضع الأعلام والرايات في الشوارع والميادين العامة وعلى المنازل والمباني، ويحظر كتابة العبارات الإحيائية على الجدران، في صورة تعكس الهدف المؤكد لمنع جميع المظاهر الإحيائية لهذه الشعائر.
كذلك، فإنها حددت السلطات ساعات محددة لقراءة العزاء التي لن تسمح على مدار الساعة، وفرض عليها وقت محدداً ينتهي عند الساعة العاشرة مساء خلال الأيام السبعة الأولة، فيما يمدد ساعة إضافية في الأيام اللاحقة التي تنتهي بمفهومها السلطوي عند يوم العاشر من المحرم، وليس هذا وحسب، بل إنه لن يسمح بتجاوز مدة القراءة النصف ساعة، مع تطبيق البروتوكولات الصحية والاحترازات الوقائية والتباعد الاجتماعي، وسيتم السماح لخمسين فرداً فقط بالحضور كحد أقصى ضمن المساحات الكبيرة، فيما يتم تحدي الأعداد وتقليصها في المساحات الصغيرة، فيما لا يسمح لمن هم تحت سن الـ15 وما فوق 65 عاما بحضور المجالس، فضلا عن انه سوف لن يُسمح لمن هم تحت سن 18 سنة بتنظيم المأتم.
ووفق المصادر فإنه يتوجب على الخطباء والقراء والرواديد التسجيل لدى دائرة الأوقاف والمواريث، مهددة بمحاسبة “كل من يخالف ذلك ولا يحمل تصريح بإحالته الى النيابة العامة”، محاولة فرض جملة من التنبيهات مع التهديدات بما يجب أن يتلوه الخطباء بضرورة “حث المشاركين على التقييد بالاحترازات الصحية وضرورة الالتزام بها وخطورة (جائحة كورونا) على البشرية”، الأمر الذي يشير إلى واقع الدور الهش للسلطة في تنمية الوعي المجتمعي الصحي.
كما أنه لن يسمح للنساء بتاتاً بإقامة المجالس الحسينية هذا العام، وتضمنت اللائحة تحذيرات وتهديدات لمنع ممارسةالشعائر المتعلقة بكل مرجعية دينية، تعبيرا عن الحزن والعزاء.
أما عن الموكب الموحد، فشددت اللائحة التحذيرية من إقامته، تحت ذريعة إغلاق “بعض الشوارع الرئيسية أو الفرعية والذي يعد انتهاكا لحقوق المارة والطريق ويقتضي المحاسبة القانونية والمرورية للقائمين على تنظيم تلك العزاءات”، وهذا التنبيه يعد افتراء وذريعة غير مقنعة، على وجه الخصوص لأن أهالي القطيف جميعهم يشاركون في الموكب ولم يشتكي الأهالي يوما من إقامته، بل إنهم ينتظرونه في كل عام ويتحضرون لإقامته.
في السياق ذاته، نبهت القائمة التي تفرض محاذير على انه يجب أن تكون متعلقة بجائحة كورونا، لكنها وعلى ما يبدو بدت متعلقة بجائحة الطائفية والتمييز المفروض على أهالي المنطقة، حيث أنه لا ارتباط بين جمع التبرعات النقدية أو العينية خلال هذه الأيام لتوزيعها على مستحقيها، وهددت السلطات من يقوم بهذا الأمر خارج ما أسمته القنوات الرسمية بأنه سيتعرض للمحاسبة، داعية إلى الإبلاغ عن النشطاء الذي تلاحقهم وهددت الأهالي بالعقوبة على عدم الإبلاغ عنهم في حال تواجدهم في مقار العزاء التي حددتها وفق لائحتها وقيدت الأهالي بها.
وختمت تعليماتها بأن عدم الإلتزام بهذه اللائحة التي تعنون بجائحة كورونا ولكنها تفرز حقداً دفينا وسياسة متعمدة في التمييز الطائفي بأنه سيصار إلى محاسبة المخالفين لها، بعقوبات تحددها النيابة العامة بحسب تعبيرها.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا