في ظل الحجر الصحي الذي طال عشرات من دول العالم ومنها العراق، بسبب جائحة كورونا، والذي ادى الى توقف عشرات الآلاف من المواطنين عن اعمالهم بسبب اجراءات الحظر الالزامي الذي تفرضه معظم الدول منعا لتفشي هذا الفايروس القاتل، سارع تجمع الشباب الرسالي في كربلاء الى تبنّي حملة اغاثية لذوي الدخل اليومي، فوزعت أكثر من ألف سلة غذائية في العاصمة بغداد وكربلاء المقدسة، ولكن ارتأت ادارة التـــــجمع الى تفـــــعيل المجتمع ككل في مـــــؤازة بضعه بعــضا، وبشكل يومي ومستمر، فكانت فكرة( أهل الخير ما ناسيك)، ولمزيد من التفصيل حول هذه الحملة الاجتماعية، عقدت مجلة الهدى حواراً خاصا مع الدكتور مجتبى التميمي احد كوارد التجمع الرسالي …
س: لو تتفصلون بنبذة تعريفية عن الشباب الرسالي، وكيف ولدت فكرة الخبز بالمجان؟
ج: تجمع الشباب الرسالي، مجموعة مؤسسات ثقافية تعنى بالشباب بمختلف الفئات العمرية، فالكشافات التي تعنى بالاطفال والاشبال، والروابط تعنى بشباب الاعدادية، أما المنتديات فهي توجه اهتمامها بطلاب الجامعات.
ولأن الثقافة الاسلامية لا يمكن أن تكون مجرد كتابات، أو محاضرات او كتب او غيرها، كان لابد لها من النزول للساحات لتؤدي رسالتها السمحاء بخدمة الناس لاسيما المستضعفين والمحرمين.
ولدت فكرة أو حملة ( اهل الخير ما ناسيك) بعد اجراءات حظر التجوال والحجر الصحي الاجباري، الذي ادى الى توقف العمل والحياة في العراق، فكانت الفئات ذات الدخل المحدود، كالكسبة والعمال الذين يعتمدون في موردهم المالي على الأجر اليومي، هم المتضرر الاكبر، فكان لابد من الوقوف معهم في هذه المحنة، فقام الشباب الرسالي بتوزيع حوالي ألف سلّة غذائية مشتملةً على مختلف المواد الاساسية، بدفعات ثلات، غطت الكثير من الاسر الفقيرة في كربلاء وبغداد.
وكان لابد من مبادرة أكبر خصوصا وأن نسبة الفقر في بلدنا مرتفع، وفي الوقت ذاته اردنا من خلال هذه الحملة نشر ثقافة التكافل بين افراد المجتمع، والحثّ على عمل الخير -ليس للاثرياء فقط- و إعانة المحتاجين في توفير المادة الغذائية الاساس وهي؛ الخبز الذي لاغنى عنه.
س: كيف وجدتم تفاعل الناس مع مبادرات كهذه؟ وما هي رسائلكم الاجتماعية لنشر ثقافة العطاء؟
ج: كان تفاعل الناس مع الحملة كبيراً، ولله الحمد.
وهنا؛ قبل ذكر التفاصيل، لابد من تبيان آلية الحملة التي قد تكون غير واضحة لدى البعض، وهي: أن يوضع سبورة وبوستر توضيحي في المخبز المشارك بالحملة، يأتي من يريد التبرع بشراء أقراص ممغنطة وملونة، كل قرص بألف دينار ويلصقه على السبورة، فيأتي المحتاج ليأخذ القرص الممغنط ويعطيه الى الخباز ويأخذ بإزائه ثمن ألف دينار من الخبز، وهي في العادة ستة الى ثمانية اقراص من الخبز.
[.. كانت رسالة الحملة الاجتماعية هي الأهم من التبرع و إعانة الفقراء، وهي رسالة التكافل الاجتماعي، و أن يرحم الغني الفقير، الى جانب قيم انسانية وأخلاقية أكد عليها ديننا الاسلامي العظيم ..]
وجدنا ان الكثير من المخابز رحبت بالفكرة، بعدها انتشرت في مناطق عدّة بمدينة كربلاء المقدسة، ثم انتقلت الفكرة الناجحة الى مناطق من العاصمة بغداد، لتشجيع الناس على المشاركة، والأهم اعطائنا احصائيات يومية حول عدد المساهمة في الحملة وعدد المستفيدين من المحتاجين، وتخفيض اسعار الخبر للفقراء.
أما عن تفاعل عامة الناس من المتبرعين فكان لا يوصف، فقد تلقينا الكثير من الرسائل والتعليقات الايجابية على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالشباب الرسالي، ومنها كان المتبرعين للحملة، وقد خصصنا رقم هاتف خاص بالحملة، تلقينا من خلاله على عشرات الاتصالات والتبرعات، وقام الكثير من الناس بالتبرع بمبالغ عينية للمخابز، بالاضافة الى التبرع باكياس طحين.
كانت رسالة الحملة الاجتماعية هي الأهم من التبرع و إعانة الفقراء، وهي رسالة التكافل الاجتماعي، و أن يرحم الغني الفقير، الى جانب قيم انسانية وأخلاقية أكد عليها ديننا الاسلامي العظيم.
س: هناك مقولة شائعة بأن التبرعات تأتي من الاثرياء والميسورين فقط، ما رأيكم في ذلك؟
ج: بالعكس تماما، كان التبرع من الفقير والغني على حد سواء، فهناك الكثيرمن الناس ليسوا بتلك الامكانية المادية الجيدة، لكنهم رغم ذلك كانوا يتبرعون وباستمرار.
والملفت للنظر؛ ان مستوى التفاعل في الاحياء الفقيرة مع الحملة من ناحية التبرع كان اكبر واكثر.
س: مبادرة الاقراص الممغنطة تحمل طابع صدقة السر، هل تجد ضرورة لتكرارها في أماكن أخرى؟
ج: التبرع عن طريق القرص المُمغنط كان له هدف كبير غير الاهداف المذكورة، وهو عدم إذلال الفقير، واستشعاره بأن المعطي متفضل عليه، فبدون أن يحس احد يأتي الفقير ويأخذ الخبز، لذا من الضروري تكرار هذه التجربة الناجحة في الاسواق والمحلات الكبيرة، مثلا تشتري بعض المفردات، ولايأخذها الى المنزل، بل يتركها في سلة كبيرة بباب المركز التسوقي، ويأخذ الفقير منها ما يريد، دون الحاجة للطلب من احد، وكذلك تصفية ديون الفقراء للاسواق والبقالة سراً وغيرها من المبادرات المشابهة.
س: من الملاحظ اهتمام المؤسسات الخيرية بالمواد الغذائية، هل لديكم فكرة تطويرية لشمول سلع اخرى لا تقل اهمية لدى العوائل المتعففة، مثل الدواء والملابس وحتى تصليح بعض العطلات في الاجهزة المنزلية –مثلاً-. لاسيما في وقت حظر التجوال؟
ج: الاهتمام بالمواد الغذائية امر مهم، لكنه ليس نهاية المطاف، مما لاحظنا هو حاجة الناس لكثير من الامور الحياتية اليومية، غير المواد الغذائية، ولذا لزم توزيع بعض المبالغ بالاضافة للمواد الغذائية.
[.. الملفت للنظر؛ ان مستوى التفاعل في الاحياء الفقيرة مع الحملة من ناحية التبرع كان اكبر واكثر ..]
س: كيف تنظر الى تطوير فكرة العطاء لتشمل المساعدة المالية الى جانب العينية والغذائية مثلا، فكرة ” الكوبون” او البطاقات
المالية التي تتيح للنساء والعوائل المتعففة اختيار ما يريدونه من الاسواق؟
ج: الافكار التي ذكرتموها جميلة جدا، لكن مشكلتها تكمن في الحاجة لمبالغ مالية كبيرة، وهو ما نعول عليه ان شاء الله من تبرعات المؤمنين، وما هذه الحملة إلا بداية.