نحب ونكره ونفضل ونرفض وهذه هي عادة البشر وسجيته وفطرته التي فطره الله عليها، وهذا يحصل للبشر باستمرار بفعل الشعور والشعور بدوره يتحول الى سلوك وهكذا تعقد سلوكياتنا اليومية، لكن نتعرض احياناً الى زوبعات شعورية غير متزنة تدفعنا صوب التطرف والابتعاد عن الاعتدال والوسطية، وبالتالي نقع في بعض المشكلات النفسية والاجتماعية ذات الآثار المرهقة، وهذا الزوبعات تعرف نفسياً بالنزوات، فماهي النزوة؟
وماهي آثارها على الانسان؟
وكيف يمكن مواجهتها؟
تعرف النزوة بأنها: قوة بيولوجية لاشعورية في الإنسان منبعها جسدي تقود الانسان الى القيام بأفعال غير محسوبة وغير متزنة، أو هي حالة إثارة أو حاجة للإشباع معين مثل الجوع والعطش والرغبة الجنسية وتوجه الجهاز النفسي نحو موضوع الإشباع وبفضل هذا التوجه يصل الفرد إلى حالة راحة وخفظ للتوتر.
من الواقع:
احدهم متزوج منذ سنوات طويلة وله من الابناء أربعة، ويتمتع هو عائلته بنوع من الاستقرار والهدوء، وقد استمر على هذا الحال لسنوات طوال قبل ان تعصف به نزوة التعرّف على إحدى الموظفات الجديدات معه في الوظيفة، فدخل معها في علاقة وهو ما جعله يهتم بها على حساب زوجته وابنائه مما أدى الى إهمالهم، وبالتالي ما أثّر وبشكل سلبي وهو ما عرض زوجته الى العديد من المشكلات الصحية وتدهور تحصيل ابنائه الذي كان ينتظر منهم الدخول في تخصصات علمية عالية، والمصير انهم نسوا كل احلامهم ورضوا بأن يدخلوا في تخصصات بسيطة تناسب مستوى حياتهم الجديدة.
يمر الناس عموماً بنزوات كثيرة بغض النظر عن سنهم وتعليمهم وثقافتهم وحتى تربيتهم النابعة من بيئتهم الاجتماعية التي ينشئون بها، ولو تمعنا في أحوال الناس لوجدنا ان الجميع او اغلب الناس إن لم يكن جميعهم قد مروا يوماً بنزوة أخلّت توازنهم وأبعدتهم عن جادة التعقل والمنطقية، لكنّ طريقة التعامل معها تختلف من شخص لآخر تبعاً لوعي الانسان بالنتائج التي تتمخض عنها الرغبة في المحافظة على ما في اليد بدلاً عن التخلي عنه لنزوة عابرة.
على الانسان الراشد أن يتعامل مع نزواته بتعقّل ويدرك انعاكساتها عليه لئلا يؤذي من معه او من هم تحت حمايته ورعايته، سيما الآباء والامهات
ليس الرجال وحدهم من تعصف بهم رياح النزوات العاتية، بل إنّ النساء ايضاً لديهم نزوات كبيرة ومؤثرة في حياتهن، فبعضهن نتيجة لنزوة انفصلن عن ازواجهن وبعضهم دخلن في مشاريع اقتصادية خاسرة افقدتهن كل ما يملكن وما الى ذلك من النتائج التي تترتب على تعرض النساء كما الرجال، فالاثنين يشتركون في حجم الخسائر ونوعها لكن يختلفون في طريقة التعامل معها ايضاً.
طرق المواجهة:
لمواجهة خطر النزوات علينا وتفادي آثارها الوخيمة علينا ما يلي:
أول مايجب فعله من الانسان الذي يتعرض لنزوة هي اختبار مشاعره والنظر الى الموقف نظرة محايدة بتجرد من العاطفة الهدامة التي تغيّب العقل في التعاملات الانسانية المختلفة، وعند الاختبار ستختفي الكثير من المشاعر المصاحبة للنزوات لكونها لا تصمد امام المنطقية والعقلانية، والفائدة في ذلك هي إطلاق العنان للمشاعر للابتعاد عن الكبت وحساب العواقب والمكاسب ليغادر الانسان عن قناعة ورضا وهذا الاهم، لكون السلوكية التي يغادرها الانسان بقناعته لايعود إليها بينما التي يغادرها بالاجبار سيعود اليها إن سنحت الفرصة.
وعلى الانسان الراشد أن يتعامل مع نزواته بتعقّل ويدرك انعاكساتها عليه لئلا يؤذي من معه او من هم تحت حمايته ورعايته، سيما الآباء والامهات، والتفكير بكون النزوة لا تعبر عن المشاعر الحقيقية للفرد يسهل على الانسان التعاطي معها بصورة سليمة، وبالتالي ستقف عند هذا الحد ولا تتطور ولا تأتي بالويلات على صاحبها ومحيطه الاجتماعي.
في الخلاصة قراءنا الاكارم نقول: الناس على اختلافاتهم يتعرضون بين الحين والآخر لنزوة وهذا امر عادي وليس مستغرب، لكن الكلمة الفصل هي طريقة التعامل معها وإبعادها بالطريقة الصحية بدلاً من الوقوع بحبائلها وحين لات مندم.