فکر و تنمیة

كيف نتخلّص من شعور الخوف؟

خلال تقدمك في رحلتك بالحياة سيكون عليك مواجهة مخاوفك، الخوف شعور طبيعي، فحينما تبدأ مشروعا جديدا، أو تخوض مغامرة جديدة، أو تخرج عن المألوف، ستشعر عادة بالخوف، فلماذا نشعر بالخوف عندما نعرف علينا الانتقال الى او الدخول بمرحلة جديدة؟

يُعرَّف الخوف بأنه شعور، أو رد فعل عاطفي، يصيب الإنسان عند تعرُّضه لموقف يشعره بالخطر. والخوف جزء من استجابة البقاء عند الإنسان، ومن الطبيعي أن يكون الإحساس بالخوف غير مريح إلى أقصى حدّ.

فصاحب المشروع الجديد من الطبيعي ان تتولد لديه الكثير من المخاوف من قبيل يمكن ان يفشل المشروع، او لم يحقق النجاح المطلوب او المتوقع، وكذلك المقدم على دراسة معينة، يضع امام عينيه فكرة الرسوب وعدم التخرج من المرحلة الدراسية.

الشخصية التي ضع هذه الاحتمالات في طريقها ربما ليس لديها ايمان مطلق بأن الله عز وجل هو الموفق وهو الذي يسهل جميع أمور الانسان طالما تصب في خدمة المجتمع والإنسانية، فالاتكال على الله في كل شيء يجعل الفرد مطمئنا بما سيحصل في المستقبل كله بترتيب من عند الله.

ومن الصحيح ان يضع الفرد بعض الاحتمالات الواردة والتي قد تعترض طريقه، لكي يعمل على وضع الحلول لها، ولكن وللأسف، يسمح معظم الناس للخوف بأن يمنعهم من اتخاذ الخطوات الضرورية لتحقيق أحلامهم، بينما قليلون منهم من لا يسمحون له بأن يمنعهم من القيام بما يرغبون به، أو ما ينبغي عليهم فعله هو أن يشعروا بالخوف، وأن يفعلوا الأمر على أية حال.

الاعتراف بالمخاوف بدلا من تجاهلها، وكذلك مواجهة الخوف بالتعرض التدريجي للموقف، وأيضا التعبير اللفظي للتحدث عن المخاوف يعد قوة في تقليل الشعور بالخوف

هناك ردود أفعال جسدية ترتبط بالخوف؛ حيث يصبح التنفس وضربات القلب أسرع، مع قُشعريرة وارتجاف، وتعرق وغثيان، واضطراب في المعدة، وقد يكون الوصول إلى التجمد، وبذلك يكون الخوف من العوامل السلبية التي تؤثر على الانسان وصحته وحياته الاجتماعية الأخرى، بعد ذلك نريد ان نسأل.

لماذا نشعر بالخوف؟

منذ آلاف السنين كان الخوف هو الطريقة التي تخبرنا بها أجسادنا بأننا خارج منطقة أماننا، تحذرنا من خطر محتمل، تمنحنا فيضا من الأدرينالين الذي نحتاج إليه لنهرب بعيدا، وهذه الاستجابة مفيدة في الأيام التي كانت تطاردنا فيه الضواري، لكن معظم الأخطار التي نتعرض لها في وقتنا الحاضر ليست كلها مهددة لحياتنا.

يصوغ الخوف فضاءات سلوكنا، ويبدو أنه قد أصبح ظاهرة عامة شاملة، إذ لم يعد هناك منحى في المجتمع في منأى من هذا الشعور، ويزعم عدد من علماء الاجتماع اليوم بأن المجتمع في يومنا الحاضر تشبع بثقافة الخوف، لقد أصبح الخوف عدسة مكبرة محتومة ثقافيًا، نرى من خلالها العالم.

وفي هذا الصدد يقول عالم الاجتماع زيغمنت باومان عما أطلق عليه “الخوف المضلل”: إنه الخوف الذي ينجمُ عن مواجهة مباشرة مع موضوع خطر، أو عن فرد سبق أن تعرَّض لمثل هذا الموضوع، بالأحرى إنه خوف يتجلى في شكل شعور بالشك؛ أي شعور بوجود مخاطر محتملة قد تباغتنا من دون سابق إنذار، وأن العالم مكان غير آمن.

أسباب الخوف:

للخوف مسببات كثيرة، كالخوف من الظلام، أو المرتفعات، أو ركوب الطائرة، أو التفاعل الاجتماعي، والخوف من بعض الحيوانات، والخوف من الموت، وكل هذا خوف طبيعي وصحي ناجم عن طلب حماية الإنسان لنفسه.

وفي مثل هذه الظروف ليس في مقدور العقل البشري فعل شيء يذكر عندما يعترينا الخوف؛ الخوف طاقة مدمرة في الإنسان، وهو شعور مُعدٍ، إذا شعر شخص ما بالخوف من شيء ما، فإن هذا الخوف ينتقل إلى الآخرين.

والسؤال هو: هل يمكن لي كإنسان إنهاء الخوف تماما؟

ربما لم تسأل نفسك سؤالا كهذا من قبل؛ لأنك لا تعرف سبيلا للخروج من دائرة الخوف.

عندما تفكر في هذا السؤال بنية فهم الخوف، وإدراك طبيعته وبنيته وماهيته، وتحتك به بصورة مباشرة، ستلاحظ أنه ليس منفصلًا عنك، بل قابع في كيانك. وهو مرتبط بالماضي الذي يحاول إعادة توليد الحاضر دائمًا وأبدًا؛ ليصبح الماضي ذاكرتنا التي تعرف ذاتنا.

لا يمكننا التخلص من الخوف بسهولة، فلا يمكننا أن نقرر ألا نخاف فحسب، لكن يمكننا التدرب على تغيير نمط ردود أفعالنا على مدى فترة من الزمن، ومن الأمور المهمة، التي يجب أن نتذكرها عن الخوف، أننا نصنع معظم مخاوفنا بأنفسنا، فنحن نخيف أنفسنا بتخيل النتائج السلبية، ولا بد من السعي لإيجاد حل لمناخ الخوف الذي نحوط به أنفسنا، بدلًا من العيش فيه.

الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه، ويعتمد الدور الذي يؤديه الخوف في حيواتنا على قدر ما نسمح له به أن يفعل، حيث يقوض الخوف الاجتماعي العفوية فيما يتعلق بالآخرين، وبالتالي يقوض العلاقات الاجتماعية، نحن لا نألو جهدًا في سبيل القضاء على المخاطر جميعها التي تهدد حياتنا وحياة أطفالنا، ولكن يبدو أن خشيتنا من تعرضهم إلى الأذى بطريقة أو بأخرى تُفضي إلى سلبهم تجارب هامة.

كيف نتخلص من الخوف؟

أترغب في أن تشعر بالأمان وتكون شخصا جيدا، أم تريد أن تخوض المخاطر وتغدو شخصًا عظيما؟

إن الخوف شعور طبيعي يصيب الإنسان إذا تعرض لموقف خارج عن المألوف؛ بحيث يسبب له التوتر والقلق والفزع، ويمكن التغلب عليه ببعض الخطوات:

من الصحيح ان يضع الفرد بعض الاحتمالات الواردة والتي قد تعترض طريقه، لكي يعمل على وضع الحلول لها

أولى هذه الخطوات الاعتراف بالمخاوف بدلا من تجاهلها، وكذلك مواجهة الخوف بالتعرض التدريجي للموقف، وأيضا التعبير اللفظي للتحدث عن المخاوف يعد قوة في تقليل الشعور بالخوف، وآخرها الاسترخاء يساعد في تجنب الشعور بالخوف.

الخلاصة؛ إن الأشياء التي تمنحنا راحةً فورية من الخوف ميالة إلى تغذية ذلك الخوف على المدى البعيد، ففي كل مرة نرفض فيها أمرًا من الأمور نتيجة خوفنا، نؤكد على اعتقادنا بأن ذلك الأمر لم يكن آمنًا، أو بأننا لم نكن قادرين على التعامل معه، وكلما أبعدنا أمرًا من الأمور عن حياتنا نتيجة الخوف، تقلصت حياتنا قليلًا.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا