الهدى – بغداد ..
تتجه وزارة الصناعة والمعادن لإبرام عقود مع جهات حكومية عدة، لتجهيزها بالمنتجات الغذائية المحلية المختلفة.
وقال مدير الشركة العامة للمنتوجات الغذائية في الوزارة، حيدر شويع مزعل، إنه في الوقت الذي تعمل فيه الشركة على رفع طاقتها الإنتاجية ورفد الأسواق المحلية بالمنتوجات الغذائية المحلية الصنع، تتجه بالتزامن مع ذلك إلى إبرام عقود مع القطاعات الحكومية لتجهيزها بالمواد الغذائية كوزارتي الصحة والداخلية، فضلاً عن الأمن الوطني، إلى جانب جهات حكومية أخرى، مضيفاً أن تلك الجهات قدمت عروضها إلى المصانع التابعة إلى شركات الوزارة، أُسوة بتجهيزهم بمنتجات الألبان من معمل أبو غريب المتوقف منذ العام 2003.
وبين أن إبرام تلك العقود سيعزز من المنتج المحلي الذي يحمل مواصفات لا تتوفر في نظيره المستورد منها خضوعه لفحوصات الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية قبل البدء بمراحل الإنتاج ولحين الانتهاء منها، كما أن الفحوصات تكون مختبرية وبايولوجية، وفي حال مخالفتها يتم إتلاف المنتج بالكامل فضلاً عن احتواء المنتج المستورد على مواد حافظة والتي تشكل خطراً على صحة الإنسان إلى جانب أسعار المحلية المدعومة، علاوة على عدم استنزاف العملة الصعبة في عمليات الاستيراد.
ونوه مزعل بأنه في حال زيادة الطلب عل المنتجات المحلية ستكون هناك زيادة في الإنتاج، وبالتالي فستزداد الحاجة إلى الأيدي العاملة بهدف رفع الطاقات الإنتاجية لأيٍّ من معامل الشركة، مؤكداً حرص شركته على تحقيق الأمن الغذائي بتوفير المنتج المحلي وبيعه للمواطنين بأسعار مدعومة، فضلاً عن جودة المنتج الذي أمسى منافساً للمستورد، مذكراً بأن معمل أبو غريب كان قد حصل العام 2015 على شهادة (الايزو الاسترالية) لجودة منتجاته عالميا.
ويشهد القطاع الصناعي في العراق أزمة ممتدة ألقت بظلالها على الاقتصاد الوطني، مع توقف آلاف المصانع عن العمل بسبب تحديات متعددة، أبرزها الإغراق السلعي، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعف الدعم الحكومي في السنوات الماضية.
ورغم تعهّد الحكومات العراقية المتعاقبة بالعمل على تنشيط هذا القطاع الحيوي، يبدو أن الطريق نحو النهوض بالصناعة المحلية محفوف بالكثير من الصعوبات والتحديات التي تقف عائقًا أمام تلك الجهود.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الصناعة العراقية تشهد تراجعًا، حيث تتوزع المصانع بين تلك التي توقفت تمامًا وأخرى تعمل بكفاءة متواضعة لا تلبي احتياجات السوق المحلية.
ويقول الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، إن الصناعة العراقية عانت خلال السنوات الماضية من تدهور كبير، حيث تعطلت آلاف المصانع عن العمل بسبب ضعف السياسات الحكومية وانعدام الدعم الحقيقي للقطاع، ما أدى إلى شلل واضح في الإنتاج المحلي.
ونوّه المشهداني إلى أن التكاليف الإنتاجية المرتفعة لعبت دورًا كبيرًا في تعطيل المصانع، حيث لجأ الكثير من الصناعيين إلى التحول نحو التجارة بدلًا من الاستمرار في الإنتاج، ما أثر على ديناميكية القطاع الصناعي.
وكشف الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي، بأن آخر إحصائية للصناعات العراقية، تشير إلى وجود نحو 67 ألف مصنع صغير ومتوسط، لافتًا إلى أن نحو 35 ألف منها متوقفة.
وأضاف المرسومي، في حديث صحي، بأن أسباب توقف هذه المصانع ترتبط بقلة الدعم، خاصة فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية والوقود، فضلًا عن فتح الحدود للسلع الأجنبية المنافسة للسلع العراقية المماثلة.
من جانبه، أكّد رئيس اتحاد الصناعات العراقي عادل عكاب، بأن “الجهد متواصل لإحياء آلاف المعامل الصناعية في عموم مناطق العراق”، لافتًا إلى أنه توجد معامل تحتاج إلى تحديث خطوط الإنتاج وأخرى للتأهيل.
وبيّن عكاب أن “التوجه الحكومي مع إحياء الصناعات المحلية في مختلف مفاصلها بهدف تقليل الاستيراد، لا سيما أن مقومات إحياء الصناعة الوطنية متوافرة في البلاد، ويمكن أن نحقق الاكتفاء الذاتي في بعض منها، والأخرى يمكن أن نتكامل مع أسواق أخرى لتغطية الطلب المحلي من منتجاتها”.
وتتعدد الحلول التي يمكن أن تسهم في إحياء الصناعة العراقية وتحفيز نموها، حيث يرى الخبراء أن هناك حاجة ماسة لتطبيق سياسات تشجيعية وداعمة تركز على تحديث خطوط الإنتاج، وتوفير تسهيلات في استيراد المعدات الحديثة، بالإضافة إلى تعزيز دور الحكومة في دعم الصناعات المحلية عبر تيسير الإجراءات الجمركية وتنظيم دعم الطاقة.
وتلعب الصناعة دورًا حيويًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة، ولا سيما في العراق الذي يمتلك إمكانيات ضخمة في هذا القطاع.
وفي ظل الظروف الحالية، يمكن للصناعة أن تكون محركًا رئيسيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على السلع المستوردة، مع توفير فرص العمل، وتقليص البطالة، وتحفيز النمو الاقتصادي.