مناسبات

كيف نرسّخ ثقافة الغدير؟

لقد جاء اعلان يوم الغدير عطلة رسمية في البلاد خطوة موفقة ورفع ولو قليلا من الظلم الذي لحق بشخصية الإمام علي ع بتهميشه تارة، ومساواته مع الأدنى منه و بتكتم على فضائله ومناقبه الكريمة وطمسها اثارة الشبهات حولها.

في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام تحل ذكرى عيد الغدير، وكما يبدو من بعض الروايات أن هذا العيد هو أعظم الأعياد في هذه الأمة.

يدخل الراوي على الإمام أبي عبد الله الصادق، صلوات الله عليه، ويقول له : هل لهذه الأمة عيد غير عيد الأضحى وعيد الفطر ويوم الجمعة؟

فيقول الإمام صلوات الله عليه: “نعم وأعظمها حرمة وهو عيد الغدير الذي عين فيه النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، عليا امير للمؤمنين وقال: “من كنت مولاه فعلي مولاه”.

لعل وجه الأهمية في هذا العيد أنه يرتبط بقضية القيادة في الأمة، وهي قضية مهمة جداً

 فيقول الراوي وأي عيد هو؟ كان إجراءات التعتيم الإعلامي التي قامت بها الحكومات المتعاقبة حجبت عن الأذهان هذا العيد، ورغم أنه كان في عهد الإمام الصادق، صلوات الله عليه شيء من الحرية ولكن إجراءات التعتيم تجعل هذا السائل لا يعرف حتى هذا اليوم.

 فقال الإمام صلوات الله عليه: “نعم أعظمها حرمة وهو عيد الغدير الذي عين فيه النبي الأعظم صلى الله عليه وآله علياً أميراً للمؤمنين، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه”. يقول الراوي: فقلت وأي يوم هو؟

 فيقول الإمام: “هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة”.

 ولعل وجه الأهمية في هذا العيد أنه يرتبط بقضية القيادة في الأمة، وهي قضية مهمة جداً، وإذا أردنا أن نقرب دور القيادة في المجتمع، يمكن أن تمثل لذلك بهذا المثال؛ وهو دور الأب في العائلة، فإذا كان الأب متديناً، فكيف تنشأ هذه العائلة في ظله؟ وإذا كان الأب غير متدين وكان طالحاً وليس بصالح، فإن النتيجة تكون عكسية.

موقع القيادة في المجتمع ربما أهم من موقع الأب في العائلة؛ لأن الأب في العائلة ربما ليس بيده كل القدرات وكل الإمكانات، إنما  بيده إمكانات محدودة، فيها تمتلك الدولة، لاسيما في هذا العهد، إذ الدول تتبنى النظام الشمولي والنظم الأحادية التي تضع يدها على كل شيء، حتى رغيف الخبز.

 وحتى النظم التي لا تملك هذا النحو وهذا النمط، فإن لهاإمكانات هائلة لا يمكن أن تتصورها، فإذا كانت القيادة صالحة، يكون المجتمع صالحاً، أما إذا كانت القيادة طالحة فإن المجتمع  سيكون طالحاً، أو هذا من العوامل المهمة في توجيه المجتمع فلا عجب بعد  ذلك، ولا ينبغي أن يتعجب الإنسان من عظمة عيد الغدير، بل أعظم الأعياد؟  الرواية يقول الشاعر:

عيد الغدير أعظم الأعياد

كم فيه الله من الأيادي

هنالك ثلاثة أبعاد في قضية القيادة وقضية الغدير، نشيرإليها على نحو الاختصار:

البعد الأول: النص.

البعد الثاني: الشخص.

البعد الثالث: المنهج.

البعد الأول: النص والتعبّد الشرعي نحن نعتقد أن قضية الغدير {لمن كان له قلبٌ أو ألقى السَمْعَ وهو شَهِيدٌ}.

هي قضية واضحة، لا يوجد فيها أي غموض، فاذا حاججنا احد المتشددين بمنطق عقلاني وبالبلاغة والفهم وسالناه هذا السؤال هل تقبل حديث الغدير؟

 سيقول: نعم نقبله. لكن ليس كما تفهمونه انتم.

 و قد قدمنالنا ادلة وبراهين من كتبهم وقد كفانا ذلك العلامة الاميني بموسوعته( الغدير) وضربنا له هذا مثال؛ إذا قال حاكم البلدة إلى الناس أني أوشك أن أرحلم من بينكم وأدعى فأجيب، ولن تروني بعد ذلك، فمن كنت أنا وليه فلان وليه، فإذا قال الحاكم هذا الكلام، ماذا يفهم الناس من هذا المنطق، ومن هذا القول؟ هل يفهمون شيئاً آخر غير قضية القيادة والخلافة؟

‏القضية الثانية: الشخص

وبعيداً عن قضية التعبد الشرعي، عندما تقارن بين شخصية أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وشخصية الذين يوضعون في عداده، حتى قال الإمام، عليه السلام، في الخطبة الشقشقية: حتى صرتُ أُقرن إلى هذه النظائر”.

في كل عصر وزمان نحتاج الى منهج الامام علي في الحكم الى ان يرث الارض ومن عليها

فالبون شاسع وبعيد جداً والحقيقة، إذا كان الدهر منصفاً لما كان يضع هؤلاء في عداد الإمام علي، صلوات الله عليه.

 إذن، قضية الكفاءة العلمية مهمة جداً، ولا يقل البعض: إن العلم لا دخل له في القيادة، بل إن العلم مؤثر في القيادة، فالقائد الجاهل يكون فاقداً للأفق، والفرد إنما يتخذ القرار على ضوء آفاقه المعرفية وهذا واضح، أما الفرد الجاهل مثل الحكام الذين حكموا الدولة الاسلامية والى اليوم.

القضية الثالثة: المنهج والمنهجية

منهج الحرية في مقابل منهج القمع أما الإمام علي، عليه السلام، لم يُكرِه أحداً على بيعته، فأي شخص رغب في المبايعة بايع، ومن ثم يجب لم يبايع فالقضية ليست فقط في قضية علي، عليه السلام، ومعاوية وإنما هي قضية منهجين، ونحن سنظل إلى ظهور الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه، نعاني نتائج المنهج الآخر، وهو منهج باق.

 فقد قال الإمام، عليه السلام: لا تكرهوا أحداً على البيعة فأرادوا أن يصلوا صلاة التراويح التي هي بدعة واحتج عليهم أمير المؤمنين عليه السلام ولم يقبلوا بها، فقال: لابنه الحسن، صلوات الله عليه : “اتركهم فلا إكراه” وهذه مفردة من مفردات المنهج الذي يحتاجه العالم اليوم إن مال الأمة للأمة، فهل ثمة دولة في العالم تقول: إن مال الأمة للأمة؟ أو نفط الأمة للأمة والحقيقة إذا كانوا يعطون النفط للأمة الآن، هل كان يبقى فقير؟ إذا كان المنهج الذي يساوي بين جميع الناس ويقول: “لو كان المال مالي لساويت بينهم فكيف والمال مالهم” .

فنحن في كل عصر وزمان نحتاج الى منهج الامام علي في الحكم الى ان يرث الأرض ومن عليها. فعيدكم مبارك يامن سمع ذلك الصوت في الغدير، ووعاه وصدقة وعجن بعقيدته امتثالا لامر الله سبحانه وتعالى ورسوله الاكرم ووليه الأعظم.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا