الهدى – وكالات ..
قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث تتزايد المجاعة، في وقت أجمعت فيه المنظمات الإنسانية على انتقاد إدارة الأزمة، وبدأت فيه الاشتباكات تتوسع في جميع أنحاء البلاد، ولم تعد مجرد مواجهة بين مجموعتين مسلحتين.
ونبه كاتب تقرير للمجلة، كابوسين غرابي، إلى أن الصحفيين الأجانب ممنوعون من دخول البلاد التي قتل فيها حتى الآن 4 صحفيين سودانيين منذ بداية الصراع بسبب قيامهم بالتحقيق في موضوع الصراع الدائر، مشيرا إلى أنه اعتمد في تقريره على لاجئ سياسي سوداني في فرنسا يدعى توما، لديه اتصالات بالسودان.
ويشير التقرير الى ان، توما، فرّ من الحرب الأهلية في بلاده منذ 6 سنوات، وهو يعيش على إيقاع صمت عائلته التي تعيش في ضواحي الخرطوم، منذ انقطاع الوصول إلى الإنترنت في السودان لعدة أسابيع، وهو في قلق دائم خوفا من تلقي خبر إصابة أحد أقاربه.
واليوم -كما يقول الكاتب- وردت رسالة على واتساب كتب فيها إسلام الذي يعيش في منطقة باري وسط العاصمة “كل يوم تتجمع مجموعة من الجنود بالقرب من المنزل، ويطلقون نيران المدفعية الثقيلة على وزارة الدفاع، وردا على ذلك، يتساقط وابل من القذائف على الحي. جيراني ماتوا. آه، لو تعلمون مدى خوفي!”.
وأشار الكاتب إلى أن الإقامة في الخرطوم أمر صعب، بعد أن أصبحت مدينة أشباح وهجرها سكانها بنسبة 70% منذ بداية الصراع، ولم يبق إلا من ليس لديهم خيار آخر، بسبب كثرة المخاطر وصعوبة المغادرة التي تحتاج إلى العثور على سيارة وعبور نقاط التفتيش.
وبين كاتب التقرير، ان السودان يعيش أزمة سياسية وإنسانية غير المسبوقة، وأصبح “أسوأ مكان للعيش على وجه الأرض في الوقت الحالي”، كما يقول بعض العاملين في المجال الإنساني، بعد أن تم تهجير 8 ملايين شخص من ديارهم، في أكبر أزمة نزوح في العالم، إضافة إلى هجرة 1.5 مليون إلى البلدان المجاورة رغم هشاشتها الاقتصادية.
وتنتقد الجمعيات الإنسانية إدارة الأزمة من حيث التمويل أولا، حيث تم توفير أقل من 40% من الميزانية اللازمة في عام 2023، حسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لأن كثيرا من الصراعات الدولية وعديدا من الأزمات الكبرى في جميع أنحاء العالم قد خنقت السودان، بل إن العاملين في المجال الإنساني يتوقعون جفاف الأموال بشكل أكبر عام 2024، “مع معاناة 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي وظهور جيوب من المجاعة”.
وذكرت المجلة أنه في الأسابيع الأخيرة، اتخذت المعارك بعدا مختلفا، ولم تعد مجرد مواجهة بين مجموعتين مسلحتين، إذ بدأت المليشيات المحلية تتطور، لا سيما في كردفان ودارفور، خاصة أن بعض السكان يتسلحون للدفاع عن أنفسهم، مما ينشر العداء والاستياء والدمار والعنف والكراهية، لتنتشر جرائم الحرب في جيوب معينة ومستشفيات معينة.
وإذا كان الصراع يدمر ويفقر البلاد، فإن الأخطر هو أن مستقبل البلاد أصبح على المحك، بسبب هجرة الأدمغة لأسباب سياسية واقتصادية، وموت الشباب وانخفاض الاستثمارات الأجنبية، مما يعني حاجة البلاد إلى عقود من الزمن للتعافي من الصراع الحالي.
وختم الكاتب بأسئلة لا يرى لها جوابا رغم بصيص من الأمل: هل سيتمكن البلد من الخروج من الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تطارد العاملين في المجال الإنساني على الأرض؟ وهل سيتمكن السودان من تجنب حرب أهلية واسعة النطاق يقال إنه على حافتها؟
وفي سياق متصل، أعلن وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، يوم امس الإثنين (26 شباط 2024) انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة، وكشف عن نهب 2700 كيلوغرام من الذهب من مصفاة الخرطوم الحكومية، بسبب تطورات الحرب التي تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل نيسان الماضي.
ولم يحدد الوزير الجهات المتورطة في عملية نهب الذهب، لكنه أشار إلى أن “احتياطي السودان من الذهب مازال في مكان آمن”.
وقال إبراهيم في مؤتمر صحفي، الاثنين، بمدينة بورسودان، شرقي البلاد، إن الحرب أوجدت ظروفا صحية “صعبة”، وأدت لفقدان كميات من الأدوية، تقدر بأكثر من 500 مليون دولار.
وأضاف أن “الحكومة حرصت على وضع ميزانية مرنة لعام 2024، حتى يسهل تغييرها كل ثلاثة أشهر، بحسب متغيرات الوضع، لأنها ميزانية حرب”.
وفشلت الجهود حتى الآن في إنهاء الصراع المستمر منذ عشرة أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقُتل آلاف الأشخاص وأُجبر نحو 8 ملايين على الفرار من منازلهم، الأمر الذي يعني أن السودان أصبح به أكبر عدد من السكان النازحين في العالم.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي حوالي 25 مليون شخص، باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.