رأي

نعطل الحياة أم نعطي الحياة لرموزنا؟

من الصعب ايجاد رابط بين تعطيل الحياة في مدينة او بلد بأكمله، والإدعاء بإحياء ذكر رمز من الرموز الدينية او السياسية في ذكرى وفاته من خلال إعلان يوم الذكرى عطلة رسمية، يبقى فيها طلاب المدارس والجامعات وموظفي الدوائر الخدمية والمحاكم والمصارف في بيوتهم.

يكفي أن نستعيد الحديث المشهور عن الامام الصادق، عليه السلام، في حثّه على إقامة المجالس الحسينية بأن “أحيوا أمرنا”، وهو حديث يمثل بحد ذاته نموذجاً مشرقاً لما يجب فعله إزاء القضايا الكبيرة والشخصيات العظيمة في تاريخنا، فالمطلوب هو الإحياء، فكيف يكون يا ترى؟ هل بتوقف العمل في مؤسسات الدولة وما يستتبعه من توقف لاعمال الكثير من الناس؟ أم باستثمار المناسبة لتكون فرصة لتمويج القضية بين الناس، ونشر تفاصيل عن سيرة حياة الرمز؟

ما أجمل أن يقف طلبة المدارس والجامعات دقيقة صمت على أرواح الشهداء، او تخصص لهم فترة زمنية لفعاليات فنية وثقافية تعرّف بالمناسبة وتحكم الربط فيما بينهم وبين صاحب المناسبة، فتظهر مهارات ومواهب في الشعر، والرسم، والخط، والانشاء، والصناعات اليدوية وغيرها كثير من الفعاليات التي من شأنها أن تُحيي المناسبة في القلوب.

⭐ ما أجمل أن يقف طلبة المدارس والجامعات دقيقة صمت على أرواح الشهداء، او تخصص لهم فترة زمنية لفعاليات فنية وثقافية تعرّف بالمناسبة وتحكم الربط فيما بينهم وبين صاحب المناسبة

وهذا ينطبق على جميع المناسبات التي نعتزّ بها، لاسيما ما يتعلق بالمعصومين، عليهم السلام، فمن الجدير إحياء ذكر أمير المؤمنين ـ مثلاً- في ولادته، وفي يوم تنصيبه أميراً للمؤمنين (الغدير)، وحتى يوم استشهاده في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية من خلال فعاليات مختلفة لا تأخذ الوقت الكثير، في الوقت نفسه تضخ المعرفة والوعي عن هذه الشخصية العظيمة، وسائر الشخصيات الفذّة في تاريخنا، ونفس الأمر ينسحب على مناسبات وطنية تتعلق بالاستقلال والتحرير والتأميم وغيرها، كلها تحتاج لتأصيل وتوعيه لما فيها من مضامين ودلالات تتعلق بحياة الفرد والمجتمع، والتعريف بالعلاقة بين ما حصل في الماضي، وما يعيشه انسان اليوم، وأن التضحيات في الايام الخوالي هي التي صنعت الحرية والكرامة والحياة الطيبة اليوم.

اذا كان هذا صحيحاً فان توجيه الموظفين وطلبة المدارس والجامعات الى غرف النوم يعني أننا نعطي رسالة خاطئة إزاء رموزنا ومن نريد تخليدهم، فكيف سيتعرفون عليهم، هل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أم التطبيقات والالعاب في جهاز الهاتف النقال؟! ربما يشعر البعض بنوع من التجاهل المصحوبة بالمهانة اذا كان يوم المناسبة والناس يزاولون أعمالهم بشكل طبيعي، فعليهم الكفّ عن العمل للانتباه الى من لا يجد الكثير علاقة بينه وبين واقعه ومعيشته في ظل الاوضاع المأزومة، بينما الذي نعرفه ونؤمن به أن التضحيات الجسام لرموزنا الكبيرة إنما كانت لعلو شأن الأمة وإضاءة الطريق أمام افرادها للعيش الكريم وتحقيق المزيد من التقدم والرخاء والازدهار.

عن المؤلف

محمد علي جواد تقي

اترك تعليقا