فکر و تنمیة

في الانتقاد خروج عن الموضوعية بدافع الحقد والحسد

الناجحون يتعرضون للانتقاد اكثر من غيرهم من باقي الناس، فالجزء الاكبر من الانتقاد هو ترجمة للحسد والحقد وعقدة النقص التي تسيطر على الُمنتقد فتفقده لبه ويحول ما يجول بخاطره من الم الى تهكم وقذف من دون دليل او حتى مكاشفة صريحة لكون اغلب المنتقدين لا يمتلكون الشجاعة ليواجهوا الاخرين. 

لا نستطيع الهرب من الانتقاد ونفشل احيانا في مواجهة المنتقدين الحاسدين بسبب عدم موضوعية طرحهم والخبث الذي يدفعهم الى توجيه الانتقاد فتصاب النفس بالألم كما يصاب الجسد، وهو في النهاية  “تجربة غير سارّة لكنها ضرورية للنمو والتعلم”، كما يصفها (ونستون تشرشل).

📌 من علامات فشل المنتقِدين وتحاملهم انهم يقومون بتوجيه كلامهم اللاذع لمن يحاولون النيل منه امام الناس، وبطريقة غير اخلاقية تفتقر الى الذوق

  • بين النصيحة والفضيحة

من علامات فشل المنتقِدين وتحاملهم انهم يقومون بتوجيه كلامهم اللاذع لمن يحاولون النيل منه امام الناس، وبطريقة غير اخلاقية تفتقر الى الذوق مما يؤدي الى احراجه، وهو ما يجعله معانداً ومخالفاً لما يوجه له وان كان صواباً، لان الكلام خرج من اطار النصيحة ليدخل في اطار الفضيحة، في هذا السياق يقول العظيم علي بن ابي طالب، عليه السلام، “النّصح بين الملا تقريع”.

  • اشارة

اود الاشارة الى انني في مقالي هذا اتكلم عن الانتقاد السلبي حيث ان الكثير من الناس لا يفرق بين الانتقاد و النقد، إذ يشير المصطلح الاول توجيه اللوم الساخط اللاذع الذي يقلل من اهمية الانسان وقيمته، اما النقد فيحمل المعنيين السلبي والايجابي وقد يذكر الجميل بنفس الدرجة من ذكر القبيح.

  • اسباب الانتقاد:

تتعدد الظروف والمواقف التي يتعرض فيها الانسان للانتقاد فقد يكون وسيلة لتوصيل شكوى حقيقية لمعاناة او وجود مشكلة يعاني منها الُمنتقد، او قد يكون وسيلة لتأكيد السلطة والسيطرة الاجتماعية، أو بهدف تسقيط الآخر واظهاره بصورة الفاشل بغية تأليب الرأي العام ضده وبالتالي تقليل ارصدته في محيطه الاجتماعي.

ومن الاسباب التي تدفع الانسان الى انتقاد الآخرين هو خوفه من كفاءة انسان ما وجاذبيته الطاغية على الجو العام والتي يتعقد انها تسحب البساط من تحت قدميه، او قد يكون من يوجه له الانتقاد ذو شخصية قوية ومؤثرة في المجتمع ولا يستطيعون الوصول الى مكانته فيبدأون بتسقيطه، او انهم يشعرون بالقلق من نشاطه الوظيفي ومهاراته.

 ويحاول الُمنتِقد جذب انتباه المُنتقَد للتواصل معه، إذ يفتقر الى المهارة الكافية للاشتراك معه في حديث فيكون الانتقاد بمثابة فتح باب للحديث، وقد يحصل الانتقاد بسبب التنافس للحصول على مركز وظيفي معين كما في الدوائر الحكومية وفي جميع مفاصل الحياة، واخيرا قد يشعر المُنتقِد بالاحباط نتيجة لعدم استماعك اليه والاستجابة الى مطالبة مما يشعل لديه نار الحقد التي يحاول ان يطفأها بالانتقاد.

  • كيف نواجه النقد السلبي؟

بأي حال من الاحوال لا يمكن للانسان لاسيما المنتِج ان يتجنب النقد ولا يستطيع ان نمنع الآخرين من توجيه النقد لنا، ويبقى الحل في ان نغير من استجابتنا لكل ما يوجه الينا وهذا يتم عبر التالي:

اولاً: من المهم ان يُعطي الفرد لنفسه وقت للتهدئة بعد تلقي النقد مباشرة، ومهم ايضاً ان نتنفس بعمق قبل ان نفكر بالرد، وهذا الفاصل الزمني يمنح الانسان مقداراً من التروي اللازم لمواجهة النقد بحكمة.  

ثانياً: من الذكاء ان يطلب المُنتقَد من المُنتقِد بيان الدافع وراء انتقاده والتسلل الى افكاره عبر سحب الكلام من فمه دونما يشعر، وبناءاً على الكلام الذي يقال يمكن ان تتولد اجابات او براهين تفاديا لسوء الفهم الذي ينجم في مثل هذه الحالات ويؤدي الى تأزم المواقف.

📌 من المهم ان يُعطي الفرد لنفسه وقت للتهدئة بعد تلقي النقد مباشرة، ومهم ايضاً ان نتنفس بعمق قبل ان نفكر بالرد

ثالثاً: ضرورياً جداً ان لا نرد على الانتقاد بعبارات قاسية تجرح موجِّه الانتقاد مما يولد صورة لدى الاخرين اننا فعلاً مخطئين، وبذا يثبت الانتقاد ويكون شيء ثابت وليست تهمة عابرة.

رابعاً: استخدامنا البرود في الرد على الانتقاد يفوت الفرصة على من يحاول اثارتنا ومحاربتنا نفسياً، وينتج اعتقاداً لدى الناس اننا متزنين عاطفياً ومتمكنين من ادارة ذاتنا وبالتالي لا نتأثر بمثل هذه الزوابع.

خامساً: لابد من التفكير في اننا نواجه الانتقاد لكوننا اصحاب اثر، ومن هنا نجعل منه طاقة لمواصلة الجهود والتطوير وليس التراجع، فليس من الصحيح ان يتراجع الانسان عندما يواجه الانتقاد لاسيما الذي يكون الباعث من وراءه الحسد.سادساً: حتى وان تعرضنا للانتقاد؛ يُفضّل ان نناقش باحترام على الرغم من كوننا نختلف مع من ينتقدنا، وهذا الاحترام سيجعله يغير من موقفه المعادي، وربما يتراجع ويكف عن انتقادك في مناسبات قادمة، كل هذه الاستراتيجيات يمكننا عبرها مواجهة المنتقدين والتغلب على استفزازهم وبالتالي وأد اغراضهم وغاياتهم.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا