يقول نيلسون مانديلا: “إن التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم”.
بلا شك إن التعليم يمثل اللبنة الأساسية لكل المجتمعات، وهو حق أساسي من حقوق الإنسان؛ ذكراً أم أنثى، وليس مقتصراً على نخبة معينة من الناس.
و لما كانت أول آيات القرآن الكريم على لسان الوحي تنزل للنبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، تقول: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
قال تعالى: {اقرأ} لا “احكم”، و بذلك تكون أول مؤسسة أقامها الرسول الاكرم هي مؤسسة تعليمية لا عسكرية، ولا اقتصادية، وهي سُنة مضى عليها الأنبياء من قبل، ويسير عليها العلماء من بعد، فقد كانت الدعوة الى التعليم تتصدر اهتمامات المصلحين والمُجددين.
هذا الإعداد الرباني للرسٌل، صلوات الله عليهم، الذين ارتبطت مهمتهم بالتعليم في إصلاح البشرية كلما فسد أمرها، أي ان تعليم بني البشر هي المهمة الرئيسية للرسل، وهو ما أكدت عليه آيات القرآن الكريم: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}، (سورة البقرة، 151). وايضاً؛ قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، (سورة الجمعة،2).
وكثيرة هي الاشارات النبوية الدالة على أهمية العلم والتعليم، و أنه بذرة نمو المجتمع، وطريق إصلاحه وتغييره وتكامله، ومن الامثلة على ذلك؛ إطلاق سراح أسرى غزوة بدر لقاء تعليم المسلمين القراءة والكتابة. وحديثه، صلوات الله وسلامه عليه و آله: “اطلب العلم من المهد ال اللحد”.
فالنبي الأكرم لم يذكر عمراً محدداً، ولا فترة زمنية محددة، ويمكن تعليل هذا الاهتمام الكبير بهذا المجال بأن التعليم يعد أساساً للثقافة ومكوناً رئيسيا للفكر الانساني؛ فعلى ضوء نوع التعليم يتحدد نوع الثقافة والفكر، و من ثمّ السلوك، بل و هوية المجتمع.
-
المعلم والتعليم
ولما كان المعلم هو الشخصية الرئيسية في مسيرة المنظومة التعليمية، فإن دوره سيكون مهماً فيما ينتج عن التعليم من نتائج علمية عملية، فالعلم لابد أن يتحول الى عمل، و إلا ليس هناك فائدة من التعليم الذي سيبقى محصوراً في بطون الكتب.
اذاً؛ المعلم هو ركيزة التقدم التي يستند إليها المجتمع، فاذا ما أردنا بناء دولة متقدمة لا يمكننا ذلك ما لم يقوم بهذه المهمة مجتمع متعلم، لذا يكون دور المعلم كبير في بناء الأجيال المثقفة علمياً وفكرياً، والتي ستعمل على تقدم البلد، ومن ثمّ صناعة بلدان متطورة.
من هنا نقول ان نجاح المسيرة التعليمية وتفوقها أساس تقدم البلاد وتطورها، وفشل المسيرة التعليمية وفسادها يمثل السبب الرئيس الذي يقف وراء تدهور الشعوب وتخلف المجتمعات بسبب عدم تحصيلها للوعي وللعلم وللثقافة الكافية لرفع سقف المطالبات الشعبية لصانع القرار، فالشعوب غير المتعلمة تقبل بأقل الحقوق وأبسط الخدمات، بل ربما لا تفكر بالحرية إلا ما ندر.
لذا نلاحظ اهتماماً كبيراً في البلدان المتطورة بالجانب التعليمي، وعلى العكس في البلدان المتأخرة والمتدهورة، فطريقة اعداد المعلم هي لبّ القضية لديهم، أي عندما يتم تهيئة كادر تدريسي متطور مواكب لأساليب التعليم العالمية المتطورة، فإننا سوف نتجاوز أهم العقبات في هذا المجال، لأن المعلم المتطور في أساليبه التعليمية، يكون قادراً على خلق أجيال متعلمة، ومن ثمّ صناعة عقول علمية تساعد على تقدم المجتمع.