قراءة فی کتاب

القرآن الكريم يؤسس لإعلام بنّاء

البصائر القرآنية تناغي فطرة الانسان وتعالج مشاكله الكثيرة المتلاحقة، فكثيرة هي مشاكل الانسان خصوصا في زماننا هذا، ولم تكن البصيرة الإعلامية بعيدة في الطرح القرآني، إذ لها أسس وقواعد في آيات الذكر الحكيم.
ولأهمية الإعلام في تحصين المجتمع الإسلامي داخليا، سواء في الجانب الإيجابي منه عبر التأكيد على قول الصدق، وتحري الحقيقة، أو في جانبه السلبي، في الحث على عدم الكذب، ومحاربة الشائعة، ولأهمية ذلك جاءت آيات كثيرة لتؤسس لمبدأ قرآني في الإعلام، يكون قائما على القيم الحقة، والمبادئ الأخلاقية الفاضلة، خلافا لبعض المدارس الإعلامية الأخرى، التي تجعل من الكذب سلما تتسلق منه للوصول الى غاياتها.

الإعلام اليوم أصبح ذا تأثير كبير في المجتمعات، تستخدمه الدول على الصعيد الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الداخلي يستخدم للتثقيف، وبث الارشادات وتدعم الجبهة الداخلية أثناء الحروب والأزمات، أما على الصعيد الخارجي، فيتم توجيه الإعلام لصالح الدولة وبما يضمن علاقاتها الخارجية، وتصدير الثقافة المحلية الى الدول الأخرى.
العالم اليوم أصبح قرية صغيرة ويتم تداول الأخبار والمعلومات بشكل سريع، وعلى مستوى الدقيقة الواحدة تتدفع آلاف الاخبار والمعلومات صحيحها وكاذبها، ولاشك ان جزءا كبير من الاخبار موجه ويحمل في طياته اهداف المؤسسة الإعلامية.

ونحن كمسلمين لسنا في منأى من السهام الإعلامية التي تبث الشائعات، وتحاول أبعاد المسلمين عن دينهم، او إضعاف علاقتهم به في أقل التقادير التي يسعى اليها أعداء الإسلام.

وفي مواجهة تلك الحملات الإعلامية الكبرى لابد لنا أن نواجه، وان يكون لنا السلاح الفعّال، وفي اعتقادنا أن القرآن الكريم أرسى لقواعد وأسس إعلامية كاملة، تمكّن الانسان من ان يكون عنصرا إعلاميا فعّالا في المجتمع، سواء في الجانب الإيجابي (قول الحقيقة) او في الجانب السلبي( محاربة الشائعة).

بين أيدينا كتابا بعنوان “الإعلام الرسالي في مواجهة الإعلام الجاهلي” ومن ضمن سلسلة قرآنية تصدر عن مركز القرآن يهدي” الذي يستقي المواضيع القرآنية من موسوعة (من هدى القرآن) لسماحة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرّسي (دام ظله).

هوية الكتاب: سلسلة القرآن يهدي الجزء الثالث: “الإعلام الرسالي في مواجهة الإعلام الجاهلي”.

إعداد وتحرير: الشيخ غالب صالح المطري.

تحقيق: مركز القرآن يهدي للدراسات القرآنية.

الناشر: دار المحجة البيضاء – لبنان – بيروت.

وفي ما يلي استعراض لفصول الكتاب والذي يقع ضمن أربعة فصول:

الفصل الأول: ما هي الكلمة الصادقة؟
في هذا الفصل يتعرّض المؤلف الى عدة مواضيع أهمها، بيان ماهية الكلمة الصادقة وفوائدها، يقول: “لكي يكون كلامنا سديدا يجب ان نبتعد عن التبرير، والكذب والنميمة، والغِيبة والتهمة، وكل آفات اللسان، وهذا ينعكس مباشرة على سلوكنا، وسلامة تحركنا في الحياة”. (ص21).

الفصل الثاني: مسؤولية الكلمة الصادقة ومواجهة الفتن
في هذا الفصل يحمّل المؤلفُ المؤمنَ مسؤولية الكلمة الصادقة، فلا يكفي ان يتصف المؤمن بالصدق فقط، بل لابد ان يتحرى الكلمة الصادقة اولا، ويواجه الانباء الكاذبة ثانيا، يقول المؤلف: “لان الشائعات الباطلة قد تتلاقفها الألسن؛ دعا الله المؤمنين الى الكلمة الصالحة، والى تحمل مسؤولية الكلام، ولا يتم ذلك إلا بالتفكير، والاستقراء المنطقي، وقبل ذلك كله بتقوى الله، ذلك ان التقوى تصنع في النفس نوعا من الرقابة الذاتية والمحاسبة، فالمتقي يخشى من اتهام الآخرين، ومن المشي بالغِيبة والنميمة، وهذه الأمور من مقومات الإعلام المنحرف، والشائعات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}. (ص:39).

في اعتقادنا أن القرآن الكريم أرسى لقواعد وأسس إعلامية كاملة، تمكّن الانسان من ان يكون عنصرا إعلاميا فعّالا في المجتمع، سواء في الجانب الإيجابي (قول الحقيقة) او في الجانب السلبي( محاربة الشائعة).

الفصل الثالث: الشائعة سلاح إبليس كيف نحاربها؟
وفي هذا الفصل يتطرق المؤلف الى مواضيع مهمة الإعلام وهو ما يتعلّق بالشائعة، وكيف يتم مواجهتها وكشف مصدرها، ذلك أن الشائعة لها دور كبير في بث الأكاذيب والاراجيف داخل المجتمع الايماني، ولابد ان يتحصن هذا المجتمع لمواجهة الشائعة أنّى كان مصدرها.
يقول المؤلف: “من الضروري أن يمتلك المجتمع مواقفَ ثابتة ومحددة سلفا من الشائعات، فقد أودع الله في كل إنسان عقلا يستطيع من خلاله التعرّف على صحة او خطأ الأفكار التي تُنشر في المجتمع، إذ لكل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا، فيدرك الانسان إن شاء اهداف الشائعة أنى كانت ومصدرها، وكيف يتحداها” . (ص67).
ومن ثم يتطرق المؤلف الى مواضيع أخرى ذات صلة بمحاربة الشائعات وسبل مواجهتها وكشفها، وبالتالي السيطرة عليها او ردها من حيث أتت.

الفصل الرابع: عقبة المثيرين للشائعة
في هذا الفصل وهو آخر فصول الكتاب، يتناول المؤلف عاقبة مثيري الشائعة، ففي الدنيا لابد ان يُفضحوا، حتى يكون رادعا لهم، يقول المؤلف: “يبين ربنا جزاء من ينشر الشائعات في المجتمع ،و هم عادة من ذوي النفوس المريضة، وكما تؤكد ذلك البحوث العلمية الحديثة، ذلك المبتلين بالعُقد الجنسية، هم الذين يسعون لبث الشائعات المختلفة عنها، فلأنهم يعانون من الإحباط الجنسي ـ مثلا ـ يثيرون الشائعات لينتقموا من المجتمع، وكأنه المتسبب في إحباط هذه الغريزة في ذواتهم، أو لا أقل يتسلّون بهذه الكلمات ليعوّضوا بها عما فقدوه، وعما يشعرون به من عقدة الجنس”. (86).

في ختام هذا الاستعراض؛ بين أيدينا كتابا مهما، ويجدر بالمؤمن ان يقرأ هذا الكتاب ويستوعب مضامين البصائر القرآنية في الإعلام ليتمكن من مواجهة السيل الإعلامي الهائل الموجه ضد الاسلام، وضد الاسرة المؤمنة بالذات.

ملاحظة: يمكن الحصول على هذا الكتاب من مكتبة دار البصائر، كربلاء شارع قبلة الامام الحسين عليه السلام.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا