قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: “مَن سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن”. (البداية والنهاية، ج ۸ ص ٣٥ ؛ تاريخ مدينة دمشق ص ۷۸ ).
فريةُ كثرة الزواج والطلاق التي حاول اعداء اهل البيت، عليهم السلام، ألصاقها بل أخذ حتى بعض المسلمين المنخدعين بالأساليب الأموية يصدقها بل يرددها بلا ادنى تحقيق من معرفة الغاية والأسباب لهذا الافتراء الذي ينسبه بعض المؤرخين إلى الإمام الحسن، عليه السلام، هو موضوع كثرة زواج الإمام عليه السلام وكثرة طلاقه، وهذا أيضاً من وضع معاوية وأعوانه؛ لأن معاوية كان قد تعلّم أساليب الحكم من الرومان فكان فاسقاً لا يتورّع عن القيام بأي جريمة من شرب الخمر، والفحشاء، وهتك حرمة الأفراد وغيرها. (كتاب الغدير الأميني ج:١؛ ج:١١).
وهذا بلا أدنى شك أو ريب هو ديدن الطغاة في كل عصر قتل المعارض لهم بطريقتين الاولى: شخصا، او ما يسمى الإغتيال السياسي، وهذا ما يفعله الصهاينة الان على الساحة وعلى رؤوس الأشهاد؛ يقتلون المعارض ويقدمون التعازي لذوي الفقيد ويذرفون علية دموع التماسيح.
الثانية: محاولة النيل من شخصيته وسمعته أمام المجتمع وهو ما نعيشه في الواقع والأساليب غير الأخلاقية التي تنم عن طبيعة أصحابها، وقد نال أهل البيت، عليهم السلام، الحظ الأوفر من دون القادة المعارضين للنهج الأموي فكان لزاما إلصاق هكذا تهم بالامام الحسن المجتبى، عليه السلام، من قبل أناس لا تعرف للحياء أو المروءة وجها.
فمعاوية ومن دون شك وتردد فإن دولته التي شُيّدت على الجور، والاستبداد، والسيف، ورؤوس الحراب فإنها إلى جانب التهديد، والترغيب كانت تستخدم أسلوب التضليل، والتزوير، ولذا فقد سعى معاوية إلى اتهام مخالفيه كي يخدش شخصيتهم، ويقضي على محبتهم في قلوب الناس، وكان يطلق الإشاعات، والدعايات المضللة بين أناس لا يميزون بين الناقة والجمل.
أصل القصة هكذا إن شخصاً من أهالي الكوفة دخل يوماً إلى الشام، عاصمة معاوية، ومعه بعيره، فشاهده واحد من أهل دمشق وعرفه بأنه غريب فأمسك بجمله وادعى ملكيته، وبما أن الحادثة كانت بعد واقعة صفين، فإن الشامي قد ادعى بأن هذا الكوفي قد سرق منه ناقته هذه في حرب صفين فاشتد بينهما النزاع ورُفع أمرهما إلى معاوية، وكان الشامي قد أحضر خمسين شاهداً من أهالي دمشق بأن هذه الناقة تعود له.
معاوية ومن دون شك وتردد فإن دولته التي شُيّدت على الجور، والاستبداد، والسيف، ورؤوس الحراب فإنها إلى جانب التهديد، والترغيب كانت تستخدم أسلوب التضليل، والتزوير، ولذا فقد سعى معاوية إلى اتهام مخالفيه كي يخدش شخصيتهم
ولهذا فقد قضىى معاوية للشامي وأعطاءه البعير، فقال الكوفي لمعاوية: جميع هؤلاء الشهود يكذبون لأن هذا البعير جمل وليس بناقة.
فقال معاوية: قد قضيت ولا يمكن نقض حكمي، وبعد ذهاب أهل الشام، أدخل الكوفي معه إلى داره ودفع له قيمة البعير ثم قال: أبلغ علي بن أبي طالب بأني اُقاتله بأكثر من مائة ألف لا يميزون بين الناقة والجمل. (مروج الذهب : ج ٣ ص ١٣).
وهذا أسلوب جميع الحكام المستبدين، والطغاة التي تبتلي بهم الأمم، وهناك احتمال آخر في مثل هذه الرواية بألمها من وضع منصور الدوانيقي العباسي، لأن أولاد الإمام الحسن عليه السلام كانوا يثورون باستمرار ضد حكمه الجائر، فكان يروم إسقاط شخصية الإمام كي لا يميل الناس إلى بنيه المجاهدين، وفي أحد الأيام خطب في الهاشمية على الخراسانيين وذكر كلاماً غير لائق بعلي وبنيه، عليهم السلام، قال فيه: إن الحسن بن علي صالح معاوية على أن يجعله معاوية ولي عهده، ولذا هادن معاوية وسلمه جميع الأمور، وتوجه إلى النساء يتزوج يوماً هذه ويطلق أخرى وكان دأبه هكذا إلى أن أغمض عينه عن الدنيا.
أما ما يذكر من الشواهد التاريخية وبعض الروايات التي جاءت في كتب الشيعة أو السنة بهذا الخصوص فإنها ضعيفة السند أو ضعيفة الدلالة على اصطلاح علم الرجال .
ثم إن الذي يبتلى بالحكام الظلمة والمستبدين ويشاهد كيفية نسبة التهم والافتراءات على مخالفيهم، ويرى أسلوبهم في الاستبداد، وخلق الأكاذيب، والحيل، والسُكر، والنفاق، وخاصة عند الأمويين والعباسيين، يعرف صحة ما قلناه، ولا أقل من أن يُحتمل أو تكون عنده شبهة بأن هذه الأحاديث من موضوعاتهم، وعلى سبيل المثال: فإن أبا سفيان اتهم شخص النبي، صلى الله عليه وآله، بالجنون، واتهم عليا، عليه السلام، بترك الصلاة، كما أن يزيد بن معاوية اتهم الإمام الحسين، عليه السلام، بالخروج على دين جده، صلى الله عليه وآله .
وهكذا فقد حاربوا أهل بيت النبي الأطهار، عليهم السلام، بكل أسلوب حاقد، وفي هذا يقول أحد الشعراء:
عبد شمس قد أضرمت لبني
هاشم ناراً يشيب منها الوليدُ
فابن حرب للمصطفى وابن هند
لعلي وللحسين يزيدُ
(النزاع والتخاصم، للمقريزي: ص ٢٦).
لذا تعد المنظومة الاعلامية، ومنظومة القيم الاخلاقية، والمهنية، والاجتماعية علاقة فاعلة ومتداخلة، لكون وسائل الاعلام في أي مجتمع هي الوسائل الناقلة لأنماط التفكير والمعرفة والقيم، لذا فهي تسهم في خلق قدر كبير من الثقافة الاجتماعية لدى المجتمع، إذ أن احدى أهم سمات العمل الاعلامي هو العمل على زيادة ترابط الأواصر المجتمعية بين أبناء المجتمع الواحد وخلق رأي عام وطني موحد يساعد في لملمة أجزاءه والمحافظة عليه من الضياع والتشرذم.
ونحن نعيش زمن السياقات الجديدة التي نشأت في مجتمعاتنا العربية خصوصا بعد موجة سقوط الدكتاتوريات العربية، بدأ الاعلام يلعب دوراً رئيسياً في توجيه الرأي العام وتسيير الحالة السياسية والاجتماعية، وهذا ناتج عن سياسة تفتيت هوية المجتمعات وتسقيط واغتيال القادة الحقيقيين، وترك فراغا في الساحة العربية والإسلامية وإبراز القادة المزيفين وحرمان الانسان من الاحساس بقيمته الذاتية والشخصية والتي كانت تنتهجها تلك القيادات الفاعلة.
ومن منطلق تنبيه الإعلام الحُر أن يأخذ دوره الحقيقي للدفاع عن منظومة القيم فإننا لتغمرنا السعادة الكبيرة بوجود هذا الفضاء الرحب في حرية الاعلام، نلاحظ للأسف سوء استخدام هذه الفسحة الواسعة من الحرية من قبل بعض وسائل الاعلام من خلال تعاطيها مع المشاكل والأزمات التي تضرب عالمنا العربي والاسلامي بشكل ينذر باستفحال هذه الظاهرة الخطيرة التي من شأنها تفتيت وحدة المجتمع وتمزيق نسيجه.
وهنا نود الاشارة الى خصوصية الحالة العراقية وما أنتجته من افرازات سياسية واجتماعية القت بظلالها على واقع المجتمع العراقي، جعلت المتلقي العراقي يتناول يوميا جرعات كبيرة من خطابات اعلامية متنوعة في اتجاهاتها واهدافها، من خلال وسائل الاعلام المتعددة الأمر الذي سبّب تراكم نفسي هائل لدى المواطن يحمل في طياته الاحساس بالشك وفقدان المصداقية بوسائل الاعلام بشكلها العام، باستثناء تلك التي آلت على نفسها اعتماد الجوانب المهنية في إيصال الخبر أو الحدث بعيدا عن التزييف أو المجاملة، بخلاف البعض الآخر من وسائل الاعلام التي تجرّدت من اخلاقيات المهنة وكانت بعيدة أشد البعد عن الاندماج في منظومة القيم الاجتماعية.
من منطلق تنبيه الإعلام الحُر أن يأخذ دوره الحقيقي للدفاع عن منظومة القيم فإننا لتغمرنا السعادة الكبيرة بوجود هذا الفضاء الرحب في حرية الاعلام، نلاحظ للأسف سوء استخدام هذه الفسحة الواسعة من الحرية من قبل بعض وسائل الاعلام من خلال تعاطيها مع المشاكل والأزمات التي تضرب عالمنا العربي والاسلامي
فلا وجود الأعلام هادف ومستقل بمعزل عن الجوانب الأخلاقية للمهنة، متمنين من كافة وسائل الاعلام في عراقنا الجديد وهو يرفل بهذا الفضاء الرحب من الحرية ان تتبنى حزمة من القيم الموضوعية ودفاعهاالمستميت للحق واهله واعلاء مظلومية أهل البيت ع وكشف وصد السيل الجارف الذي يحارب العقيدة والشعائر الحسينية .
ونحن على عتبة زيارة الأربعين المليونية لابد للكل أن يتكاتف لكشف سيل الأكاذيب والنفاق والتدليس الهادر الذي مارسه معاوية في حروبه ضد أهل البيت، عليهم السلام، واليوم اتباعه يتبعون نفس تلك الأساليب، فلابد أن يكون دورنا فاعل ومؤثر بشكل ايجابي في أيصال رسالة الإعلام في الدفاع عن حق اهل البيت، عليهم السلام وبكل مصداقية .
فسلام على الإمام الحسن، يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا مظلوما مسموما مغصوب حقه مقطع كبده.