لي صديق طفولة نشترك انا وإياه في الكثير من المشتركات وتفرقنا الكثير من الاختلافات، ومن هذه الاختلافات انه في كل مرة ألتقيه، أجده اكثر رغبةً في جمع المال والوصول الى مستوى ثراء عالٍ يمكنه من العيش بمستوى عال ومريح كما يعتقد.
وفي كل مرة اضعه تحت احراج المنطق واطلب منه ان ينظر الى الاخرين الاعلى منه، بل يجب النظر الى الاقل كيف يعيشون فيكبح جماح شهوته مؤقتاً ليعود اليها بقوة في المرة القادمة، حينها تأكد انه موهوس بالثراء.
فما هو هوس الثراء؟
وماهي عوائده السلبية على الانسان؟
وكيف نواجهه؟
هوس الثراء باختصار هو: الرغبة العارمة لدى الانسان بإتجاه تكوين قدرة مالية تمنحه الاريحية والتفوق على الاقران في كافة متطلبات الحياة او اغلبها وبالتالي التغلب على الخشية من الفقر او العيش بحياة بسيطة غير مرفهة.
⭐ للاسف اقول: ان اغلب الناس سيما الشباب منهم اصبحوا اليوم مهووسون بالثراء السريع وهو ما يجعلهم يصلون الى حالات الجنون التي تفقدهم تركيزهم وتنزع من حياتهم المتعة والراحة
للاسف اقول ان اغلب الناس سيما الشباب منهم اصبحوا اليوم مهووسون بالثراء السريع وهو ما يجعلهم يصلون الى حالات الجنون التي تفقدهم تركيزهم وتنزع من حياتهم المتعة والراحة عكس ماكان عليه الوضع في السابق.
إذ كان الناس في السابق يأكلون قطعة خبز وما استيسر معها من طعام (قطعة بصل، تمر، خيار) او غير ذلك من الامور البسيطة فما الذي جرى لنا؟
وما الذي غيّب الرضا من نفوسنا وغيب معه الطمأنينة والراحة النفسيتين؟
والى اين نحن متجهون وماذا ستفعل بنا المادية؟
الاصابة بهوس الثراء هي اصابة بمرض نفسي ككل الامراض الاخرى التي تبعد الانسان عن فطرته السليمة، وتجعل منه كائناً يلهث وراء المالي طلباً للراحة فلا يجد المال ولا الراحة، ومن هنا تحديداً سيفقد الانسان بوصلته وهدفه الانساني في الحياة، ليحل محله هدفاً دنيوياً رخصياً لا قيمة اذا ما قورن بهدف وجود الانسان بالحياة ورسالته فيها.
- ماذا سيخلف هذا الهوس؟
حتما انه سيخلف عدة مخلفات منها:
1- ان الانسان يبتعد عن المحددات الصحيحة في الكسب، حيث يحاول جمع المال بغض البصر عن الطريقة التي يجمع بها، فالمهم هو الجمع وليس التفصيلات الاخرى التي تتعلق بالجانب الشرعي من عدمها، وفي مثل هذه الحالة سيقع المصاب بالمحظور وينجس نفسه بكسبٍ غير مشروع سيذهب يوماً كالهباء المنثور.
2- كما ان من سلبيات اتجاه الانسان الى الكسب قد يجعل منه يتجاوز على حقوق الاخرين وممتلكاتهم الشخصية، إذ ان الكثير من المراهقين تحت سطوة هذا المرض اللعين يقتلون ويسلبون ويسرقون اموال الناس ويدخلون في تعاملات ربوية محرمة تأكل الاخضر واليابس ولو بعد حين.
⭐ من سلبيات اتجاه الانسان الى الكسب قد يجعل منه يتجاوز على حقوق الاخرين وممتلكاتهم الشخصية
وبدافع الثراء السريع الذي يشوّش افكار الشباب يتجه الكثير منهم الى الانضمام الى الاحزاب السياسية طمعاً في الحصول على مناصب او امكاسب مادية من هذه الاحزاب، وهذا الانخراط سيذهب بماء وجوههم ويجعلهم يقبعون تحت سطوة هذه الاحزاب التي تعتاش على قوت الفقراء من الناس وهذه خسارة اخرى من خسارات الانسان في الحياة.
- كيف نواجه الرغبة في الثراء السريع؟
ليتغلب الانسان على هوسه الشديد بالمال ورغبته الجامحة الوصول الى مستوى ثراء بأقصر وقت ممكن يجب عليه ما يلي: ان يخضع الى العلاج المعرفي السلوكي الذي يغيّر قناعته في ما يخص الثراء، إذ ان المصاب لابد له من يعي حقيقة ان المال وسيلة للعيش وليس غاية وحين يكون المال غايته سيتخلى عن انسانيته من دون شك. كما على الانسان ان كل مكسب في الحياة يقابله ثمن معين فليس صحيحاً ان يضحي الانسان بكرامته من اجل مكتسبات تافهة لا تساوي شيئا قبالة خسارة لكرامته وحريته وخسارته لاخرته ايضاً، ومن هنا يجب العمل على الكسب المشروع والتأني في تحقيق الاهداف فمن يصعد سريعاً سيهوى سريعاً، وبذا يمكن للانسان ان يقف عن هذا الهوس بعد القناعة بما ذكرناه.