يوجد نوع من الناس يميلون الى ملاحظة النواقص والانتباه عليها وان كانت صغيرة او غير ذات تأثير كبير، وهي تشبه الى حد بعيد جلوسك على كرسي طبيب الاسنان وهو يقوم بإصلاح احد اسنانك فمن الطبيعي انك تنظر الى سقف العيادة فتلحظ احد مربعات السقف مفقودة، فيبقى تركيزك عليها فقط رغم ان العيادة فيها من الاناقة والنظافة والجمال الكثير، هذه المتلازمة تدعى بمتلازمة (المربع المفقود).
ما هو تأثير هذه المتلازمة على الانسان؟
وما هي أسبابها؟
وما هي الإجراءات التي تحد منها او تعالجها؟
يشرح العالم الأمريكي (براغر) في كتابه ( السعادة) المتلازمة بالقول ما معناه: ان المتلازمة ببساطة يقوم بموجبها التركيز على كل النواقص في حياتنا ما يفقدنا السعادة ومتعة اللحظة، فالناس يميلون بطبعهم إلى التركيز على ما هو مفقود، بدلاً من التركيز على ما هو موجود والخطر هو عندما يطبق نفس التركيز على الحياة الواقعية، فيفقد الانسان صوابه في نظرته الى الحياة مما يوقعه في فخ الغلو وبالتالي العيش في الوهم المثقل لكاهل الانسان المادي والمعنوي النفسي.
⭐ الناس يميلون بطبعهم إلى التركيز على ما هو مفقود، بدلاً من التركيز على ما هو موجود والخطر هو عندما يطبق نفس التركيز على الحياة الواقعية
من الطبيعي أن يعيش ضحية تلك المتلازمة غارقاً في التشاؤم وقد يطبع اليأس ختماً على كينونة حياته، ولن يكون الضحية راضياً عن نفسه أو عمن حوله، فتلك المربعات الكثيرة من التحصيل العلمي أو الاحترام العام له أو امتلاكه لشريك مناسب، لن تكون كافية عنده أو قد لا ينتبه إلى أهميتها إلا بعد فقدها فيندم ولات حين مندم.
- الرجال اكثر ام النساء؟
تقول الدراسات النفسية التي اجريت على ظاهرة متلازمة المربع المفقود ان امكانية اصابة النساء اكثر من الرجال، سيما فيما يخص الامور المنزلية على عكس طبيعة الرجال الذين يتماهون في اصلاح الاعطال او النقوصات التي يرون انها ليست مؤثرة او انها قابلة للتأجيل الى وقت لاحق، وهو ما يشعل فتيل الازمات بين الازواج بين حين وآخر.
- الاسباب:
1-من الاسباب المحتملة لازمة متلازمة المربع المفقود هو إمكانية ان يرث الانسان السلبية من احد ابويه او من كليهما، سيما في مرحلة الطفولة حينما يكون الانسان ملاصقا لوالديه مما يجعله مطلعاً على طرق تفكيرهم وبالتالي يستنسخ تلك الأفكار لتصبح فيما بعد معتقدات.
⭐ لابد ان نعي حقيقة ان الحياة ببساطة ليست مثالية ولا يمكن أن تكون خالية من المشكلات أو النقص
2- إن جماعات الضبط تشكل عاملاً من عوامل تشكيل هذه الخصيصة النفسية غير الطبيعية، والتي تمثل علّة نفسية تصيب الكثير من الناس على اختلاف أعمارهم واجناسهم واشكالهم ومنابتهم، وهذا هو أثر البيئة على شخصية الفرد، فطالما دعونا الى ضرورة ان يختار الانسان بيئته الاجتماعية بعناية لئلا يصاب بأمراض نفسية ومجتمعية يصعب التخلص منها.
- كيف تقلص مساحة الازمة؟
1-لابد ان نعي حقيقة ان الحياة ببساطة ليست مثالية ولا يمكن أن تكون خالية من المشكلات أو النقص، والتركيز على مربعات حياتك المفقودة أمر خطير للغاية، فقد يسلبك مشاعر الرضا والامتنان والسعادة، ليستبدلها مشاعر سلبية؛ كالندم، والنقمة، والغِيرة والحسد وغيرها من الأمور التي لو سيطرت على حياتك ستجعلك اسيراً الهم والحسرة، وبالتالي فقدان جزء كبير من الصحة النفسية للإنسان وهذا ما لا يعوضه أي تعويض وتلك هي الخسارة العظمى فلنحذرها.
2- إن ادارك الانسان لحقيقة الفرق بين ان يكون سعيداً او شقياً هو ان الانسان السعيد ذلك الذي يتمتع بنعم الله ويشكره عليها وهو جزء من المحافظ عليها وادامتها، بدلاً من الانشغال في التفكير في النواقص التي تأخذ من رصيد صحته الكثير، فيبدو هرِماً قبل أوان هرمه، فمن الأفضلية بمكان أن يركز الانسان على المربعات الأخرى في حياته، بدلاً من الاستمرار في التحديق في المربع المفقود سيما مع عدم إمكانية الاتيان بذلك المربع.
3- في سبيل معالجة متلازمة المربع المفقود في اطار الحياة الزوجية على الزوجين ان يركزا على الإيجابيات، ويتناسون السلبيات، أو لا يتنبهون إليها أساساً، وحين يتعامل الانسان مع الظاهرة بهذه الكيفية سيضمن على اقل تقدير تقليص مساحة نفوذها وذا المراد.