فكرة النوع الاجتماعي Gender)) الباطلة والموهومة، هي حلقةٌ في سلسلة، تمهِّد لها أفكار وتمهِّد هي لأفكار أشد فُحشاً ومنكراً، وتشكل تلك الأفكار معاً منظومة فكرية كاملة.
ومن السذاجة أن يعتقد أحد، إمكانية التعامل الانتقائي مع تلك الأفكار، بقبول بعضها ورفض الأخرى، إذ أنَّ قبول أحدها يعني بالضرورة قطعاً تقبُّل الأخرى – ولو بعد حين-، فالجذر البعيد لتلك الأفكار: تجاوز الوحي في التشريع، وإعطاء القداسة لرأي الانسان وموقفه، حتى لو خرج على ثوابت الفطرة التي ثبَّتها الشرع.
أما جذرها القريب، مشاريع مموَّهة ومزيَّنة، كالحرية الشخصية، والتحرر الجنسي، والمساواة، وتمكين المرأة، مروراً بالنوع الاجتماعي، فتغيير الجنس، فالشذوذ وغيرها. والحل: حالة القطيعة مع كل تلك الأفكار والمشاريع.
⭐ من يُتابِع الموضوع في العراق بدقة، يُشاهِد عملاً دقيقاً، خفياً، ومُتقَناً لنشر الفاحشة بأنواعها، بدءاً من تمييع القضية، مروراً بالتقنين واستخدام قوة الدولة وقوانينها في تدمير الأسرة
إنَّ هذه المنظومة الفكرية بمثابة (دينٍ) جديد، فكما أن للأديان أيدولوجية نظرية (العقيدة) تتفرَّع منها أحكام شرعية، كذلك المنظومة الفكرية الغربية بنسختها الليبرالية، تبدأ من أسس نظرية تمثِّل الجانب العقدي، ومن ثم تتفرَّع الى التشريعات، ولا ينفع مواجهة أحكامها في مجتمع قد شُبِّع بالأسس النظرية لها.
فمثلاً، حين يتم اشباع المجتمع بفكرة (الحُريِّة) ضمن المفهوم الغربي لها، بأن قناعة الفرد، وإرادته الحُرَّة هي القيمة العليا في جميع مناحي الحياة، وأنَّ الانسان لابد أن يحترم آراء الآخرين سواء كانت صحيحة أو خاطئة، حينها فلا عجب أن يتنزَّل ذلك الى فكرة (الجنس) و تفريقها عن النوع الاجتماعي Gender))، فيكون للفرد الحُريَّة في اختيار ما هو عليه، ما دامه لم يضر غيره – ما مأذي أحد!-
فإذا اختار الرجل صباحاً أنَّه رجل، وظهراً أنَّه امرأة، وليلاً أنَّه نخلة، فينبغي (احترام) رأيه، وعدم (جرح مشاعره) بمخالفته، فهذه الفكرة على سخافتها، إلا أنها نتيجة لسلسلة مفاهيم نظرية خاطئة، كمفهوم نسبية الحقيقة -عدم وجود حقيقة مطلقة أو عدم امكان ادراكها-، أو الحرية المطلقة وغير ذلك، وكما ينبغي مواجهة النتائج، ينبغي تفنيد المقدمات ايضاً.
ومن هنا لا يمكن لك أن تجد من يؤمن بالأسس النظرية لهذا الدين، إلا ويعتنق النتائج – ولو بعد حين-، فمن آمن بالحرية الشخصية – وفق المفهوم الغربي- لا يمكن له أن يخالف الشذوذ إلا ويكون متنكِّراً لأصل فكرة الحرية التي آمن بها!
من يُتابِع الموضوع في العراق بدقة، يُشاهِد عملاً دقيقاً، خفياً، ومُتقَناً لنشر الفاحشة بأنواعها، بدءاً من تمييع القضية، مروراً بالتقنين واستخدام قوة الدولة وقوانينها في تدمير الأسرة وحماية الفاحشة مثل قانون العنف الأسري وحماية الطفل و ما شابهها، فالأمر المخطط يدل على حركة منظَّمة، أشبه ما يكون بعصابةٍ يتعصَّب بعضها لبعض، أو حِزبٍ يجتمع على نشر الفاحشة.
بل إنَّ أدق وَصفِ لها، هي (أمة الفاحشة)، إذ أن كلمة الأمة تستخدم للدلالة على المجموعة البشرية التي تجتمع حول فِكرةٍ مركزية، فالمسلمون يجمعهم الإسلام فيكونّوا (أمة إسلامية)، وأما جماعة الفاحشة فهي مجموعة بشرية لا يجمعها عِرقٌ أو لونٌ أو دين، بل تجمعهم تلك الفواحش ومحاولة نشرها في المجتمع، فهم بحق (أمة الفاحشة).
اذا كان نشر الفاحشة والشذوذ عملاً منظماً، فإنه لا يواجه إلا بعملٍ منظَّم، وحينئذ فالانتصار الساحق سيكون للحق، والفطرة، لأن الباطل، مهما زُخرِفَ و زُيِّن يبقى قبيحاً، ولأن الباطل، مهما جَمَع من عناصِرَ القوة، من مالٍ واعلامٍ، و منظماتٍ مدنية و أممية يبقى ضعيفاً لأنه باطل، وعند أول مواجهةٍ مع الحق يزهق {إنَّ الباطل كانَ زهوقاً}.