الكلمات: مثنى، وثلاث (بضم الثاء)، ورباع (بضم الراء) ليست مرادفات للكلمات: اثنين، وثلاثة، وأربعة.
فكلمة «مثنى» تعني اثنين مكررا؛ أي: اثنان اثنان. وكلمة «ثلاث» (بضم الراء) تعني ثلاثاً مكررا؛ أي: ثلاث ثلاث. وكلمة «رباع» (بضم الراء) تعني اربعا مكررا؛ أي: اربع اربع.
فمثلا؛ اذا قال المعلم للطلاب: خذوا من الكتب اثنين؛ كان المراد ان يشترك جميع الطلاب في كتابين فقط؛ وهذا غير معقول، اما اذا قال: خذوا من الكتب مثنى؛ كان المراد ان يشترك كل واحد منهم في كتابين؛ وهذا معقول.
وقد نطق القرآن الكريم بهذه الكلمات الثلاث في آية تعدد الزوجات، وهي اﻵية الثالثة من سورة النساء، وهي قوله – تعالى-: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، (سورة النساء: 3)؛ ولم يقل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنتين، وثلاثا، واربعا؛ ﻷنه لو جاء بهذا التعبير لكان المراد هو ان يشترك جميع الرجال في الزواج من امرأتين، او من ثلاث نساء، او من اربع نساء؛ وهذا غير معقول وغير ممكن؛ طبيعة الحال.
ولذا قال: (مثنى وثلاث ورباع)؛ فيكون تبيين اﻵية الكريمة:
﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم﴾ سائر﴿النِّسَاءِ﴾ غير اليتيمات ﴿مَثْنَىٰ﴾ أي: اثنتين اثنتين (وثلاث) أي: ثلاثا ثلاثا (ورباع) أي: اربعا اربعا؛ فيكون المراد: يباح لكل رجل ان يتزوج من امرأتين، ومن ثلاث نساء، ومن اربع نساء كحد اعلى؛ وهذا معقول بطبيعة الحال، ومطابق للشرع المقدس.
وعليه؛ فالواو في اﻵية الكريمة ليست على حالها؛ فليست واو الجمع؛ اذ لو كانت كذلك، لكان المراد إباحة الجمع في الزواج بين تسع نساء في وقت واحد؛ وهذا خلاف الشرع المقدس.
ونظير هذا التعبير نجده في اﻵية الأولى من سورة فاطر في وصف أصناف الملائكة من حيث عدد أجنحتها؛ وهي قوله – تعالى-: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} أي: اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة اربعة؛ أي: كل ملك من قسم من الملائكة له جناحان، وكل ملك من قسم آخر من الملائكة له ثلاثة أجنحة، وكل ملك من قسم ثالث من الملائكة له اربعة أجنحة.