الإنسان على مر العصور في صراع بين الخير والشر، وكما هو معروف؛ الخير والشر متعاقبان، ما إن حان دور الخير، حلّ الأمان والسلام، وإن حلّ الشر تذمر وتشاءم وساءت أفكاره كأنها نهاية الحياة.
نستعرض مشكلة تخصّ جيل عصر النهضة والتطور الحديث الذي يشعر فيه الإنسان أنه في قلق، ولاطمأنينة، بل تشاؤم، وسلبية بشكل مستمر دون المرور بمشكلة، أو التعرض لخطر ما، إنما السلبية متمركزة في عقله بلا أسباب. وكما هو معروف: “الواقع يردد الفكرة”، نجد ان هذا يؤثر في نفسه بشكل كبير، ويؤثر على المحيطين به؛ واقعاً في المكان والزمان، فهو بهذا يضيع مستقبله وسعادته بتفكيره العشوائي، مالم يمتلك الارادة ويغيّر تفكيره ليقبض بملء كفيه على واقع مشرق مثمر ومستقبل رفيقته السعادة.
-
كيف تتخلّص من التفكير السلبي وتصبح إيجابيًا؟
1- الثقة بالنفس: فلا أحد يستطيع ان يمنحك ما تمنحه أنت لنفسك، و افهم جيداً انك انسان حيّ كامل، لا ينقصه إلا ارادته، والارادة سلاح.
2- تصالح مع نفسك، قدر ذاتك، وأحبب نفسك ولا تبغضها، فكيف تتوقع أن يحبك أحد وأنت نفسك لا تحب نفسك، فتلك القاعدة الأساس التي ينطلق منها الانسان، ولا تسلم نفسك للملامة، فالأمور البسيطة غير المرئية لا تضعها أنت تحت المجهر، وهذه من المشاكل التي يعاني منها الشباب في يومنا هذا، فموقف صغير يستقر في ذهن الشخص لفترات طويلة بحيث تتراكم عليه الأفكار مما يتسبب في ذبول روح الشخص، بفعل ما تُضاف من مواقف وافكار ربما لم تكن موجودة في حينه، من شدة التفكير بالامر.
لتكن على ثقة أيها القارئ، لا شيء يستحق؛ فالحياة سهلة نحن من نصعبها ونضع العراقيل والافكار، ونضخم البسيط، فهوّن على نفسك.
3- ضبط النفس وتعلم السيطرة على الغضب، والسيطرة على ردود الافعال مع الآخرين، مثل رأي يخالفك، أو نقد يهدمك، وهذا يعلمك الصبر، وهو ما تحتاجه لتهذب نفسك في مسيرة حياتك.
4- الشعور بالرضا يمنحك السلام والطمأنينة، وهي تنبع من قلبك، فالسلام العالمي لا يمكنه التأثير عليك اذا كان قلبك وعقلك ونفسك يعاني الاضطراب، ولا يستطيع أحد أن يمنحك يد الأمان وانت تفتقر الى إرادتك لتحقيق هذا الأمان.
أما إرادتك، ووعيك في سلامك الروحي هو ما يصنع استقرارك بحيث لا يؤثر فيك الآخرون مهما كان السلبيون من حولك، فالشعور بالرضا هو الاكتفاء والغنى، بمعنى ان تكون قنوعا، فان الأقدار تمر على كل انسان بشدة و رخاء، ومهما عصفت بك الحياة فانها ستهدأ.
فما يحدث حقاً، ان الانسان يتذمر من قَدَره، ثم يبدأ يتساءل: ولماذا القدر هكذا معي دون غيري؟! و لو انتبه لنقطة هامة جداً لبدد تلك الأفكار كما تتبدد السُحب.
لماذا لا تمتنّ للاقدار التي قادتك للنجاة من كل خطر او سوء او حادث، انت تعيش اليوم فكن ممتنًّا لانك تستطيع التغيير في المجتمع.
5- إبدأ بالتغييرمن خلال بناء القاعدة والاساسيات النابعة من داخلك، و هو المنطلق نحو أول مراقي السلّم.
ابدأ من الآن بتغيير ما حولك –مثلاً- باختيار الاصدقاء الجيدين والايجابيين والداعمين، ممن لا يكون كل همهم الشكوى والتذمّر من هذا العالم، ثم قضاء أوقات ممتعة معهم.
6-غيّر الاشياء الروتينية المُملة بأخرى تدعو للتفاؤل، مثل استبدال كتب التشاؤم بكتب اخرى محببة للنفس وخفيفة، وفي هذا أنصح ان لا يكون الكتاب مطوّلاً ومملاً، كبداية، بل يجب ان تكون جاذبة ومشوقة، ويمكنك بهذا الاستعانة بالاصدقاء.
7-الترفيه؛ امنح نفسك وقتاً للراحة لاستنشاق الهواء النقي، وفي هذا الصدد من المفيد مشاهدة المناظر الطبيعية التي يغلبها اللون الاخضر، فهو ذو أثر فعّال، ثم إن النبات مصدر الاوكسجين، و هذا يمنحك قدرة اكبر للابداع، فالنعم متوفرة أنت لا تراها.
8-ممارسة الرياضة بشكل مستمر، فهي تزيد من نشاط الدورة الدموية، وتشعرك بالراحة والهدوء النفسي، وتساعدك على الاسترخاء والتفكير بشكل إيجابي.
9-تحديد أهداف بما يتناسب مع ميولك، وفي هذا الصدد على الهدف أن لا يتعدّى امكانيات وقدرة الانسان، إنما حسب المستوى، فمثلاً الرسم؛ المستوى المبتدئ منه، ثم المتوسط، والاحترافي. ففي هذه الحالة من المحال أن يقدم المبتدئ ما يستطيع أن يقدمه المحترف في النقطة الزمنية الواحدة، فالمبتدئ بجهده ووقته وصبره وتعلمه وتلقف الملاحظات والنقد سيصبح فيما بعد متوسطا ثم محترفا.
وحسب هذه المستويات تنتقل الاهداف، فوضع الخطة، وتحقيق الهدف مهما كان بسيطا، ومن ثم مع التطور والخبرة تنتقل من نجاح الى نجاح اكبر، ففرحك بنجاحك الصغير حافزٌ لك لنجاحات اخرى اكبر، حارب افكارك السلبية، ولا تقارن نفسك باشخاص آخرين ربما بدأوا قبلك.
أهم ما في الأمر هنا أن تصنع أول ثمرة للنجاح، وبذلك تتقوى الارادة فتعزم على تحقيق اكثر من ذلك، وهذا يتحقق اذا كنت عازما على تحقيق الهدف، أي لا يوقفك نقد ولا تفكيرك السلبي، وندب الحظ، جوهر المسألة هنا هو استشعار الايمان بفكرتك ونجاحها.
بعد ان يصبح تفكيرك ايجابيا ملء عقلك وقلبك، يصبح جزءاً من يومك وروتينك غير الممل، وتصبح صديقاً محبوباً عند الآخرين، ثم تؤثر فيهم ايجابيا وتدعمهم، وتؤثر في المجتمع ايضاً وتزرع بذور التفاؤل أينما وطئت قدماك، فمساعدة الآخرين أيضا ثمرة ترفع من معنوياتك وتزيد من طاقتك الإيجابية.
فالايجابية تنمي روح المحبة والتسامح في المجتمع وتحارب القلق، والاضطراب، والاكتئاب، والأمراض النفسية. والايجابية ايضا تمنحك ثقة عالية بالنفس لا تتزلزل وكلما اصبحت شخصاً ايجابياً فأنت تقترب من مفاتيح السعادة.