صراع الخير والشر وجد منذ عاش الانسان على وجه الارض، وهذا الصراع متمثّل على الصعيد الشخصي، وعلى الصعيد الاجتماعي.
– الصعيد الشخصي: هو ما يعانيه الفرد في نفسه، ما بين أفعل ولا أفعل، وهذا الصراع متمثل بالتردّد؛ تردد الفكرة ما بين أن تصبح واقعاً أو تلغى كأن لم تكن، نجد الحاكم هنا والمحاسب هو الضمير، وأحياناً يكون على هيئة خوف، وهذا الخوف نابع من تفكير الفرد بنتائج ما سيفعله، بما إنه المتضرر بالدرجة الاولى؛ فخوفه من العقاب على ما سيفعله يمثل رادعاً ايضاً، فالخوف والضمير هما المحاسبان والمسؤولان عن إيقاف قوة الشر.
-
“الضمير هو نور الذكاء لتمييز الخير من الشر”. كونفوشيوس
– الصعيد الاجتماعي: هو ما يتعلق بظلم أو إصابة الاذى والضرر للفرد وللآخرين، وخاصة إن كان الفرد ذا سلطة كأن يكون مسؤولاً عن شركة، أو مستشفى، أو مسؤولاً عن بلدة؛ فحجم الشر هنا يتضاعف ليصيب مجموعة كبيرة من الناس.
نحن نكرر من التاريخ بعض اللامفيد والمُضر، ولا نعيد المفيد، ولو أخذنا من التاريخ المهم والمصلح والذي سيغير للأفضل لأصبح الحال أفضل.
لِمَ نعيد السيئ ليتعلم منه العامّة ؟ ولِمَ نكرر من التاريخ أسوأه؟ دعنا نُذكّر بالأفضل حتى يتعلم منه جيلنا، ثم يغير للأفضل؛ فالسيئ لا ينقصنا، فيوجد منه الكثير، والنفس الانسانية ليست ملائكية دائماً، فربما تخترقها الحالة الشيطانية بسهولة فتزرع فيها روح الشر، فإن تذكرها بما لا تفعله، ستفعله وتضيف عليه أكثر! أما النفس الملائكية؛ فأنت تمد لها يد العون، للمضي والتفكّر بشكل جديد يهيئ للجميع سبل خير جديدة لا غبار عليها.
فهنا يتجسد دور الكتّاب وأصحاب الاقلام الخيّرة فيما يلي:
1- أن يحبّبوا الخير للقارئ، من حيث إظهار جوانبه ونتائجه، وبهذا الجانب أيضاً علينا ان ندرك دورهم في إيضاح أهمية الخير والغوص في تفاصيل الخير مهما كانت ضئيلة، وإيضاح نتائجه وهذا هو عكس ما عليه الحالة الخاصة بالشر، فهنا لا نحتاج التوغل في تفاصيل حادثة سلبية، كأن تكون عملية خداع واحتيال، أو جريمة قتل، او سرقة، وذلك من خلال الايقاع بأصحابها بطريقة غير صحيحة تؤدي الى خلق حالة من الفوضى في حياة الشخص، وقد تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في حياة الآخرين، وخاصة في حالات الانتقام، ففيها يجب تسليط الضوء على مفهوم التسامح، ونتجنب الحديث عن الانتقام بطرق بشعة وغير مألوفة تشيع الحالة السلبية في ذهن القارئ او السامع، لان تكرار الحديث عن الحالة، يفتح باباً لاحتمال حصول حالات اخرى مشابهة من الصعب الحؤول دونها.
2- السعى لنشر مفاهيم الخير؛ ففكرة جيدة في نطاق محدود لا تأخذ حقها، ليس لها تأثير، أو تكون ذا تأثير محدود، فليس الهدف من هذا نشر الخير، بينما النشر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ـ مثلاً ـ يكون فيه تأثير الى درجة عالية في نفوس الاشخاص، بالإضافة إلى وسائل النشر الاخرى.
ففي حالة الخير ذكر التفاصيل الصغيرة أو الحالات المحببة الى النفوس لها تأثير ايجابي يغير الواقع بشكل غير متوقع في حياة الفرد والآخرين، وهذا أيضاً مشابه للحالة الاولى، في إثارة الفضول لدى الفرد ليكرر أعمال الخير التي سمع بها، من باب التجربة، او تناول فكرة جديدة، وهذا ما يمكن ان يفعله الكاتب في زرع بذرة خير واقتلاع بذرة شر، فتنمو مفاهيم الخير وتصبح سائدة في المجتمع، او انك تمنحه القوة للمضي قدماً بافكاره الجيدة، وهذا هو هدف الكاتب السامي.
-
“السعادة هي معرفة الخير والشر” أفلاطون
حيث إن نصف الحلول تكمن في هذه النقطة عندما يعلم الانسان بأن هذا طريق مظلم، وذاك مضيء بعامل مساعد، كما ذكرنا؛ وهو العقل، الذي يكون تحت تأثير اليقظة، فهو يصنع طريق السلام مع النفس، ومع الاخرين، وهذه المعرفة تستدرجه نحو السير الدائم في طريق الخير ومن ثم الثبات وهو الاهم.
بالمحصلة؛ إن الكاتب المسؤول من شأنه أن يزرع نقطة فاصلة يحسم فيها انتصار الخير على الشر، بالاضافة الى الجزم بأن الارادة الذاتية المتمثلة بالعقل هو الذي يمكّن الانسان من التمييز ليخلّصه من تعرجات الطرق.
“اعمل الخير لأصدقائك يزيدوك محبة، و اعمل الخير لأعدائك ليصبحوا أصدقاءك”. تولستوي
انفض غبار التأريخ، وانهض، واصنع التأريخ بالخير. اصنع الخير ما استطعت، فإن الخير يصنعك ما استطاع سبيلا.