أمرنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالإعداد الجيد لوسائل الدفاع عن أنفسنا وأعراضنا واموالنا وديننا يقول ـ تعالى ـ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}
📌خير أمة يجب أن يقودها خير أئمة أيضاً وهذا ما نعتقد به في مدرسة أهل البيت الأطهار، عليهم السلام، وهوما نعتقده بفكرة الإمامة والولاية
ويقول ـ تعالى ـ: { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، فالسلم والسلام امر جيد ولايمكن ان تقوم مدنية إلا في ظل الأمن والأمان والاستقرار ولكن هذا لايكون على حساب عزة الأمة وكرامتها، والقوة هي التي تحصن الامة الإسلامية، وتجعل لها هيبة في عيون وقلوب أعدائها فيرهبونها ويخافون منها وهذا ما قاله رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في أكثر من مناسبة: “نُصرت بالرعب مسيرة شهر”، كان الله يُلقي الرعب في قلوب أعداء الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، بمجرد سماعه اسمه الشريف، او ذكره عندهم.
وخير أمة يجب أن يقودها خير أئمة أيضاً وهذا ما نعتقد به في مدرسة أهل البيت الأطهار، عليهم السلام، وهوما نعتقده بفكرة الإمامة والولاية.
الإمام الحسين، عليه السلام، عندما خرج من المدينة المنورة لم يخرج طلبا للسلطة والحكم الظاهري، بل لتثبيت السلطة والحكم المعنوي الواقعي، ولذا قال، عليه السلام: “اني لم اخرج اشراً ولابطراً ولامفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”. وضّح الجمال في نهضته وقيادته المعصومة المباركة وهي الإصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
في هذا المعترك الحضاري حيث اختلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، يقيّض الله ـ تعالى ـ لهذه الأمة خاصة، ولهذا الخلق راية تدلهم على الاتجاه الصحيح، والطريق السليم، تلك الراية التي حاول أئمة الجور واشياعهم طمسها، وان يدفنوها مع صاحبها بشط الفرات، إلا أنها كانت عصيّة على الجميع، فكانت كلما اشتد الظلم والجور، وحاولوا دفنها، وطمسها رفعها الله واعلاها من جديد تلك هي راية الحق والعدل والشهادة. راية الإمام الحسين، عليه السلام.
ويمكننا العودة لرؤية السيدة زينب، عليها السلام، ووصفها للوحة الجمال الحسينية العاشورائية لم يبقَ من الأمة إلا انتم ياعشاق الإمام الحسين، عليه السلام، ولذا ترون تأويل رواية ام ايمن بحذافيرها اليوم في واقعنا حيث أن شياطين الجن والإنس يحاولون ليخرجوكم من الجنة التي انتم فيها، لاسيما عندما ترتعون في بيوت الإمام الحسين، عليه السلام، ومجالسه، وتحت منبره الشريف، وتبقى زحوفكم المليونية المباركة شوكة في عيون أعدائكم، فهم في حيرة من أمرهم فماذا يفعلون بكم، وما السبيل ليخرجوا الحسين، عليه السلام، من قلوبكم، وبيوتكم، وعقولكم، وافكاركم وحياتكم.
أو كيف يخرجكم من حضن الحسين، عليه السلام، ومجالسه، وزيارته ومرقده ويروكم انكم عندما تذكرون قائدكم سيد الشهداء، ترخصون كل شيء في سبيله، وتتحولون إلى خدام كلكم كبيركم وصغيركم، ورجالكم ونسائكم، وشيبكم وشبانكم إلى خدمة الحسين، عليه السلام، وزواره كائنا من كانوا حتى لو كانوا يهودا، ونصارى ومجوسا، وصابية، فلا فرق عندكم فالكل زوار أبوعلي الإمام الحسين، عليه السلام.
- الحضارة والتجلي الحقيقي للجمال الحسيني
إذا أردنا أن نتحدث عن قيادة الإمام الحسين، عليه السلام، لركبه الحضاري البسيط الذي اجتاز في حوالي أربعين منزلا من مكة المكرمة حتى وصل إلى أرض المعراج، حيث وقف فرسه ولم يتحرك، عرف المولى أبي عبد الله، عليه السلام، انه وصل إلى المكان المطلوب فيه بناء الحضارة الانسانية، وتجسيد الجمال الحقيقي للبشر في لوحة حقيقية وواقعية لن يكون لها مثيل، ولا نظير عبر العصور والدهور، حتى يقوم حفيده باني الدولة الربانية والحضارة الانسانية على الحق والعدل ويحقق حلم الأنبياء والأوصياء والأولياء، عليهم السلام بشعاره المعروف: “يا لثارات الحسين”، هناك ستكون الحضارة الحسينية، والتجلي الحقيقي للجمال الحسيني، الذي رأته شقيقته السيدة زينب، عليه السلام.
- الإمام الحسين يضع الحجر الأساسي للفتح الرباني
إن ركب الإمام الحسين، عليه السلام، مثّل قيادة خاصة لركب خاص اختاره الله على علم على العالمين، وكلفهم بحمل رسالته والذهاب إلى تلك الساحة (كربلاء)، التي هي قطعة من جنة الخلد ليبنوا عليها الحضارة الإنسانية، ويبدأون الرحلة بوضع حجر الأساس الحضاري للفتح الرباني الذي سيحكم العالم في يوم من الايام، وذلك بعد أن يعم الظلم، والفساد، والاشر، والبطر، ويملي الطغيان كل البلدان فيقوم حفيد القائد المظفر الإمام الحسين، عليه السلام، ليبني الحضارة الحسينية الراقية في دنيا الانسانية.
ورد في حديث بن مسعود قال النبي، صلى الله عليه وآله: “لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني او من اهل بيتي يواطئ اسمه أسمى يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا”، اي ان الدنيا لا ولن تنقضي حتى يظهر الجمال والجلال الحقيقي للحياة، وكما اراده الله ـ تعالى ـ لها، لأن الأرض خلقت للصالحين والاتقياء الانقياء، وليس للطالحين والمجرمين الأشقياء كيزيد الشر، قال ـ تعالى ـ: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ}.
الأرض يرثها الحسينيون الحضاريون وليس غيرهم من البشر الذين شوهوا صورة الحياة وجمالها باعمالهم الطالحة، وافسدوا الدنيا بما فيها، وصدق ربنا حيث يقول: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
اخيراً؛ يمكن القول ان راية الإمام الحسين، عليه السلام، هي راية تصحيحية، وهي تلك الراية التي رفعها الله يوم رفع الأشقياء ذاك الرأس الجميل له على رمح طويل راح يقرأ آيات القرآن الكريم، ويرتل سورة الكهف الجميلة، فمن يستطيع أن يكسر آية رفعها الله وركزها جبرائيل، وانبتها رسول الله، صلى الله عليه وآله، وسقاها سيد الشهداء بدمه الطاهر الزكي.
📌 الأرض يرثها الحسينيون الحضاريون وليس غيرهم من البشر الذين شوهوا صورة الحياة وجمالها باعمالهم الطالحة
ان الأعداء ينظرون إليكم من خلال تواجدكم في المجالس الحسينية في محرم الحرام، ثم ينتظروكم ليروا ما تفعلون وكيف تتفاعلون مع مسيرة الأربعين المظفرة، ليرسموا لكم الخطط المعادية ولكن في كل عام تفاجؤونهم بجديد، ويعطيكم سيد الشهداء المزيد من الحب والحنان والقوة والتأييد.
فبوركت مسيرتكم، وبورك جهدكم وجهادكم أيها الحسينيون الابطال يا من ترسمون أرقى وأنقى لوحة للجمال في العالم في مسيرتكم المليونية.
السلام على الحسين وعلي بن الحسين وأبناء الحسين واخوة الحسين وانصار الحسين عليهم السلام ورحمة الله وبركاته وتحياته، والسلام لكل الحسينين الذين تحدوا الظلم والفساد ومواجهة الطاغوت في كل زمان ومكان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين على نعمة الخدمة للإمام الحسين عليه السلام.