فکر و تنمیة

نظرية الضوء عند الإمام الصادق، عليه السلام

عندما نقول أن للإمام جعفر الصادق، عليه السلام، فضلاً كبيراً على ما توصلت اليه الانسانية من تطور وتقدم في العديد من ميادين العلم، علينا أن نؤكد القول بالدليل الواضح، حتى تعرف الاجيال، ولاسيما الشباب في العالم الاسلامي والعالم بأسره، من هو الامام الصادق، عليه السلام، وما أقوى حجة من علماء الغرب، وهم يشهدون للإمام بالأسبقية والريادة العلمية في مجالات عدّة، يوم كان العالم، وتحديداً الغرب يغطّ في سبات الجهل.

جاء في كتاب صدر عام 1968 باللغة الفرنسية، شارك في إعداده علماء واساتذة جامعات معروفون في الغرب، تحت عنوان “الامام الصادق، كما رآه علماء الغرب”، وقد ضمّ الكتاب شهادات علمية على ريادة الامام، عليه السلام، في مجالات عدّة، اخترنا منها؛ “نظرية الضوء” التي يتحدث الكتاب أنه يعود الفضل في اكتشافها الى الامام الصادق، عليه السلام.

فقد كشف الامام، عليه السلام، “أن الضوء ينعكس من الأجسام على صفحة العين البشرية، أما الأجسام البعيدة فلا ينعكس منها إلا جزء صغير من الضوء، ولهذا تتعذر رؤيتها بالوضوح الكافي. أما إذا استعنا بجهاز أو آلة لتقريب الضوء إلى العين، كالجهاز الكهربي الضوئي – مثلاً- فعندئذ يمكننا مشاهدة الجسم البعيد بنفس حجمه الحقيقي وبوضوح تام، بمعنى أن الجسم الذي يبعد عنا بثلاثة آلاف ذراع، نراه وكأنه يبعد عنا بستين ذراعاً، فنكون بذلك قد قربناه أكثر من خمسين مرة”.

روي عن الإمام الصادق، عليه السلام، قوله في بعض دروسه: “إن الضوء القوي الساطع يستطيع تحريك الأجسام الثقيلة، وإن النور الذي ظهر لموسى على جبل الطور لو كانت مشيئة الله، لحرك الجبل”

وحسب ما جاء في هذا الكتاب فان “هذه النظرية انتقلت من الشرق إلى أوروبا، ودُرّست في المعاهد العلمية والجامعات الأوربية، نتيجة للاتصال الذي تحقق بين أوربا والشرق في أثناء الحروب الصليبية. وكان من جملة المهتمين بها روجر بيكون، الأستاذ بجامعة أكسفورد. وجاءت نظرية بيكون في الضوء مطابقة لنظرية الإمام الصادق، عليه السلام، فلو استعنا بما يقرب ضوء الأجسام البعيدة إلى عيوننا، لأمكننا مشاهدتها وقد قربت إلينا خمسين مرة عن بُعدها الحقيقي. وبفضل هذه النظرية اخترع لِبرشي الفلامندي، المجهر عام 1608م، واستعان غاليليو بهذا المجهر في اختراع المرقب الفلكي عام 1610م. وفي ليلة السابع من يناير (كانون الثاني) سنة 1610، بدأ غاليليو يرصد النجوم مستعيناً بمرقبه. وكان غاليليو من خريجي جامعة بادوا الشهيرة في مملكة باتاويوم، التي سُميت في ما بعد؛ بوني تي، والتي تسمى عاصمتها اليوم فينيسيا أو البندقية. وبعد تخرجه أصبح أستاذاً في نفس الجامعة. وعندما شرع يرصد النجوم في أول ليلة، حيره منها أن يرى القمر شبيهاً بالأرض من حيث أن سطحه تغطيه سلاسل من الجبال والوديان، فتحقق من أن الكون لا ينحصر في الكرة الأرضية، وأن القمر بدوره عالم من عوالم دنيانا الكثيرة. ولولا فرضية الضوء التي أتى بها الإمام جعفر الصادق، عليه السلام، لما تمكن لِبرشي الفلامندي، وغاليليو، من صنع المجهر الفلكي لرصد انعكاس ضوء الشمس على الكواكب الأخرى، ومن ثم تأكيد نظرية كوبرنيكوس القائلة: إن الكرة الأرضية تدور حول الشمس وكواكب أخرى. وكان للمجهر الفلكي الذي صنعه غاليليو صدى بعيد في الأوساط العلمية المختلفة في البندقية، حتى إن رئيس الجمهورية آنذاك؛ دوج، وعدداً من نواب مجلس الأعيان استبدّ بهم الشوق لرؤية الأجرام السماوية من خلال هذا المرقب. فاضطر إلى نقله من مدينة بادوا الجامعية إلى العاصمة “البندقية”، وأقامه على برج من أبراج الكنيسة لكي يتسنى لأعضاء مجلس الأعيان التطلع إلى السماء في الليل و رؤية النجوم والكواكب، ولما سُئل غاليليو عن سر رؤية سطح القمر وما عليه بوضوح، ردد نظرية الإمام الصادق، عليه السلام، وهي أن هذا نتيجة لانعكاس الضوء من سطح القمر ووصوله إلى العين، وقال إن هذا المرقب يجمع أشعة الضوء المنعكسة من سطح القمر ويقربها إلى العين، فتراه قريباً منها”.

 أرسطو يُخطئ في نظريته الفلكية

ليس هذا وحسب، بل يسجل هذا الكتاب على أرسطو، وهو الفيلسوف اليوناني الشهير، خطأ فاحشاً في علم الفلك، علماً أنه يُعد في نظر البعض من عباقرة الفكر الانساني، وله آراء في الفيزياء والسياسة والشعر والمسرح، وهو أول من وضع علم المنطق، بيد أن هذا الكتاب يقر بأن “من الحقائق العلمية المؤسفة أن الشخصية الفذة للفيلسوف الإغريقي أرسطو القائل إن الأرض ثابتة ولا تتحرك، وإن الشمس والنجوم تدور من حولها، والشخصية العلمية الرصينة للعالم بطليموس الذي جاء بعد أرسطو بخمسة قرون، و أكد نظريته هذه، قد حالتا دون تقدم علم الفلك قرابة ألف وثمانمائة عام، أي من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الخامس عشر الميلادي”.

يربط الكتاب بين هذا الكشف العلمي على يد الامام الصادق، عليه السلام، وبين مسيرة العلم التي واكبها كبار علماء الغرب، بمعنى أن “لها الفضل فيما توصلوا اليه من نظريات واستنتاجات علمية

ويربط الكتاب بين هذا الكشف العلمي على يد الامام الصادق، عليه السلام، وبين مسيرة العلم التي واكبها كبار علماء الغرب، بمعنى أن “لها الفضل فيما توصلوا اليه من نظريات واستنتاجات علمية، ومن ابرز هؤلاء الفيلسوف الفرنسي؛ رِينِه ديكارت، وقد “بدأ عصر النهضة بالنظرية التي طلع بها العالم البولوني كوبرنيكوس القائلة بأن الأرض تدور حول الشمس، وجاء بعده العالم الألماني كبلر ليدعم هذه النظرية ويميط اللثام عن قوانين حركة الكواكب حول الشمس، ومنها؛ الأرض، ثم جاء غاليلو من بعدهما، فبث روحاً جديدة في هذه الحركة العلمية وأعطاها دفعة قوية بإثباته حركة السيارات حول الشمس بالرؤية والعيان. ولولا هؤلاء الثلاثة، (كوبرنيكوس- كبلر- غاليلو) وما تمخضت عنه جهودهم وبحوثهم العلمية، لما ظهر فيلسوف مثل ديكارت، بمنهاجه الخاص في التحقيق فهو الذي أرسى للبحوث العلمية أساساً منهجياً سديداً في عصر النهضة والتجديد، ولعله لولا هؤلاء الفلاسفة الثلاثة العظام، لعاش ديكارت بدوره في نفس الظلمات التي عاش فيها كثيرون قبل ظهور هؤلاء في متطاول القرون”.

ثم يتطرق الكتاب الى دور الكنيسة في تكريس التخلف العلمي في الغرب بأن “موقف الكنائس المسيحية التي اعتقدت تأكيداً لهذه النظرية، أن الأرض هي قاعدة العالم ومركزها الثابت، كانت من العوامل الهامة في ترسيخ نظرية أرسطو واستمرارها”.

وجاء في مكان آخر من الكتاب: “وقد أقام هؤلاء العلماء الثلاثة البراهين أمام العالم على أن آراء أرسطو وغيره من الفلاسفة ليست كلها آراء سليمة تصمد أمام الطعن أو المعارضة، وأن الكنائس المسيحية التي استندت إلى نظرية أرسطو لتعزيز رأيها بشأن ثبات الأرض كانت مخطئة بدورها”.

سرعة الضوء

ويتحدث الكتاب عن سرعة الضوء التي شغلت العالم وما تزال، وقامت عليها نظريات واكتشافات علمية باهرة، في حين أن الفضل في هذا يعود الى الإمام الصادق، عليه السلام، إذ ان نظريته في “الضوء وحركته وسرعته لا تقل أهمية عن نظريته الخاصة بالضوء وانعكاساته.

 فمما قاله أن الضوء ينعكس من الأجسام على العين بسرعة  “كلمح البصر”، أي إن الإمام، عليه السلام، عرف أن للضوء حركة، ولو أسعفته الوسائل التقنية الحديثة لاستطاع أن يقيس هذه السرعة بدقة شديدة.

 وقد روي عن الإمام الصادق، عليه السلام، قوله في بعض دروسه: “إن الضوء القوي الساطع يستطيع تحريك الأجسام الثقيلة، وإن النور الذي ظهر لموسى على جبل الطور لو كانت مشيئة الله، لحرك الجبل”.

 ومن مؤدى هذه الرواية أن الإمام الصادق، عليه السلام، تنبأ بأساس نظرية أشعة الليزر، وفي رأينا أن آراء الإمام في الضوء وحركته وانعكاس أشعته من الأجسام إلى العين أهم من نظرية أشعة الليزر، لأن هذه النظرية قد عُرِفَت مقدماتها قبل الامام الصادق، عليه السلام، وفي الأزمنة القديمة وعند مختلف الأقوام والشعوب.

ففي مصر القديمة – مثلاً- كان الناس يعتقدون بأن الضوء ينفذ من الأجسام ويحركها ولا تحول دونه حتى الجبال، وأن الضوء الضعيف لا ينفذ في كل شيء ولا يجاوز الأجسام الصلبة أو الجبال، في حين أن الضوء القوي يفعل هذا إن شاء،  ويبدو أن أمثال هذه النظرية كان شائعاً عند أقوام كثيرة قبل ظهور الأديان السماوية، وكانت هذه الأقوام تعتقد أن القدرة التي يتمتع بها الضوء من فعل السحرة.

 وليست لدينا معلومات دقيقة عن مبدأ هذه الفكرة وتاريخها، ولكننا لو تركنا جانباً موضوع الطاقة الكامنة في الضوء، فإن الذي قاله الإمام الصادق، عليه السلام، عن الضوء وحركته يتفق تماماً مع ما أثبته البحث العلمي المعاصر. وغاية ما في الأمر أن العلم الحديث قاس سرعة الضوء وهي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ولكن هذا المقياس لا يجدي في قياس المسافات الفلكية الشاسعة في الدراسات الفضائية.”

الى هنا، ينتهي المقتبس من الكتاب المذكور، وتبقى المكتشفات والمنجزات العلمية العظيمة للإمام الصادق، في بطون الكتب، بحاجة لمن يسلط الضوء عليها لنعرف حقيقة شخصية الامام  الصادق، عليه السلام، وفضله على العلم والمعرفة والانسانية.

  • المقال منشور في مجلة الهدى العدد286 في كانون الثاني 2015

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا