أمرُّ غيمةً لأقِيك من أوار قاحلة، علّني أرتقي بقطرة الى سخاء مطرك.. أسعِفْني لأقترب من طهر مائك.. أنت الماء وأنا الذي أتعبني اللهاث.. بدم كحّلْتَ عينَ المدى.. وبدمعة أُكحّل عيني لأعرفك، وبفكرة من سطوع وهجك أوقدتُ رأسي.. تبتسم دمعتي وهي تطوف حولك.. لن أسقطها سريعاً لأبصرك بعذوبة فرات، ولأغسل سخام الأدران.. علّ طائر الروح يلحق بك.. يا سيد القافلة.
الرمح تحت شمس رأسك يتلوّى في قاع ذلٍّ وخيبة.. سِرْ.. إلى ما يشاء مداك.. وأشعِلْ البِيدَ صحواً، ودَعْ الذي تخلَّفَ عنك يخبو ويظمأ في صحراء هُوّته، يلوك ما تسعّر من سراب.
باتجاهك نمضي.. نشير إليك ونطلق أرواحنا إلى سماء ألقك.. نهفو إليك.. فعندك تطمئن القلوب.
الطريق طويل.. وبدونك كل طريق ضياع.. بفيض نورك نشفى.. وعلى أعتابك نستريح.. أي نشيد أطلقه دمك الطهور! يا أصدح صوت، وأيّ زمان لا يخجل من وضوحك! وأيّ ظلام لا ينجلي بسراجك! نأتيك بطوفان عشق أبدي.. نأتيك نهراً ظامئاً لنرتوي من معينك.
منذ عذوبتنا نجري إليك فراتاً علّنا نسقيك عشقا فتشفع .. نجري إليك .. ونشدو.. ويصدح الأذان:
الله أكبر…
كل شيء نازل إلا شموخ المأذنة.
الله أكبر…
كل شيء زائل إلا ربيع المأذنة.
الله أكبر…
كل شيء ساكت إلا أذان المأذنة.
الله أكبر…
من ضجيج الأزمنة.
إليك الحب غيث من قلب نبي .. فأغدقْ يباسنا بنور من رحمة نبي.
سِرْ.. إلى ما تشاء العصور .. إلى ما يخافه الظلام .. ليكن صدرك أوسع وإن اندَلَقتْ نحوك خيول الضغائن.. وشمسك أسطع وإن دارت حولك الظلمات، ولولاك سيدي.. لا مأذنة.. وحيداً.. انصهرتَ في حبه.. له وحده لا شريك له.. فدلّنا يا دليل العقول؛ كيف نذوب عاشقين؟ و كيف نزيح غبار الخراب عن مداد أبصارنا؛ يا كل المدى؟ غريباً كنتَ في حبه .. فهل من غربة تضمّنا إليك فنسعد؟ وهل من ومضة توقد ألبابنا فنرقى؟ سِرْ شعاعاً في غياهب الدهور وشق الأعاصير التي لا تستريح.
ولكن؛ أدرْ رأسك صوبنا لكي تنتبه القافلة.
فهنا طفلة.. قد تضيع في متاهة طريق.. وهنا زهرة، وقلوب تبعثرت بقنبلة حقد، ورؤوس تدحرجت كالكُرات ..تكالبت على مراميها وتعفّرَت برملِ هاوية، أدرْ رأسك صوب عتمة لم نستيقظ منها بعد.. فمَن سواك سيوقظنا لنتألق فيزدان وطن.