الْغِيبَةَ: الاِغْتِيَابَ، أَي الْحديثُ عَنْ اِنْساِنٍ في غَيْابه بما فيه من عيوب يسترها ويسوءه ذِكْرُها. وتظهر عيوب الفرد المستورة، في الوقت الذي لا يملك فيه الدفاع عن نفسه.
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}. (الحجرات/12).
اما النميمة :- فهي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد تزرع التَّفرقة بين الناس، حاملة على التجسُّس لمعرفة أخبار الناس.
فالغيبة والنميمة من أشد الظواهر سوءا وانتشارا في المجتمع، وان الغيبة آية المنافق، كما ذكرها الامام علي.
وكما هو شائع الكثير من الناس يقتل الوقت بالكلام عن الناس ونقل الكلام بين الناس، وهذا مالا تذكر منه أي فائدة
-
ما هي اسبابها؟
1– الشعور بالعجز والنقص: إن الغيبة والنميمة يلجأ إليها الإنسان العاجز، حين لا يجد ما يتفوق به على شخص ما،
فيرميه بسهام النقص والسوء وتشويه صورته ليصبح أفضل منه أو لينال مكانته أو للتقرب لرئيس العمل، وكثير من الأمور التي من شأنها ان توقع شخصا بريئا، فهذا يولد الشعور بالرضا عن الذات نوعا ما، فعملية التمويه تلك تتم بالعقل الباطن لاثبات الذات، محاولا التقليل من شأنه، لكن في الحقيقه إنه لا يقلل من شأن الشخص الآخر بل يحط من شأنه هو نفسه في الدنيا والآخرة.
تكسر الغيبة روابط الثقة بين الناس، فمن يتعرض لموقف من شخص غيبةً او نميمةً، فإنه لم يعد يثق بالناس الآخرين مهما كانت صلتهم ومحبتهم، فانه يصبح يترقب السيء من حوله
2 ـ الحسد الحقد أو الغيرة وهذا ينبع من عدم القناعة وعدم الرضا بما يحيطه من نعم فيلتفت الى ما ينقصه، فيقارن نفسه بغيره.
3– مصاحبة السوء ووقت الفراغ الذي هو مفسدة للنفس وكلاهما دافع قوي للانسان نحو نتائج سلبية.
-
آثار الغيبة والنميمة على المجتمع:-
1– تحبط الأعمال وتمحو الحسنات
فعن الإمام الصادق، عليه السلام أنه قال :”الغيبة حرام على كلّ مسلم وإنّها لتأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب”.
وعاقبة المغتاب سيئة، فانه سيجد في الدنيا إن الناس تبتعد عنه لان عيوبه وشعوره بالنقص يظهر عليه فيصبح غير محبوبا بين الناس، ولا يصدقه احد أو يثق به.
2 – تهدم روابط المحبة والتسامح بين افراد المجتمع، سواء بين الاقارب او الاصدقاء او زملاء العمل، فان تلك الأواصر بين الافراد تتفكك ويسودها الانتقام او تسود القلوب مشاعر سلبية، خاصة عندما تصبح دون صراحة ومواجهة بين الاشخاص ويدفن الموضوع كأنه لم يكن ظاهريا بينما باطنا فالانسان يتآكل ألما وحقدا، ويعي من أمامه والمواقف والكلمات مترسخة، فالغيبة والنميمة تفسد العلاقات والمحبة.
3 – ان الكلام الصادر ممن نحب أو نحترم أو نوايانا صادقة وطيبة تجاهه يكن كلامهم صادم وجارح ومؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حياتنا الشخصية، وبدورها تؤثر سلبا عالم المحيطين بنا المقربين.
4 – تكسر روابط الثقة بين الناس فمن يتعرض لموقف من شخص غيبة او نميمة لم يعد يثق بالناس الآخرين مهما كانت صلتهم ومحبتهم، فانه يصبح يترقب السيء من حوله.
-
كيف نتخلص من الغِيبة؟
1– الإيمان بالعدل والتركيز على إنه سيتم كشف الحقائق عاجلا أم آجلا فلا تنطق إلا بخير، فهكذا تحول العدو الى صديق لا يجد ما يحاربك به فتنتصر عليه، وتتجنب من قد يرد الضربة لك، هكذا ستصبح وردة بيضاء نقية يبتهج من يراها.
الايمان بالعدل والاحترام، فالاحترام في المجتمع أولا، واحترام النفس قلبها فكل ما تفعله يعني احترامك لنفسك أولا
الإنسانيون أخوة فأحب لأخيك ما تحب لنفسك، فالشعور بالآخرين نعمة كبيرة وما تفعله للآخرين سيفعله الآخرين لك. ومن جانب العدالة كل مواقفك السلبية والإيجابية ستواجهها قبل موتك، فكر فيما تفعله تحتاج إليه، فالنوايا الطيبة وهي أجمل ما بالانسان لها مردودها وهذه العدالة.
2 – كن على قدر المسؤولية فلا تنطق بكلام بغياب الغير مالم تجرؤ على نطقه أمام الشخص، فانك ستواجه الأمر عاجلا أم آجلا وأنت في غنى عن عبىء وامور أخرى، كسلسلة حلقة تتبع حلقة، قد ينتهي أو لا ينتهي! المهم انه لا ينتهي على خير.
3 – التحرر من محاولة اثبات الذات للآخرين والتعويض عنها باثبات ذاتك لنفسك وكذا محاولة مقارنة نفسك بغيرك بل مقارنة نفسك بنفسك فيما مضى.
فكل انسان له مزايا وعيوب، لا تنظر للآخرين على إنهم عيوب فقط انظر من جانب آخر ستجد مزاياهم، فركز على عيوبك واصلح من نفسك بمراقبتها ليس مراقبة الناس فالآخرين ليس من شأنك دع شؤون الآخرين ليرتفع شأنك، وان الله يستر ويتوب على الانسان، فلماذا تبحث عن ثغرات وعيوب الاخرين.
4 – محاسبة النفس في كل موقف وفي كل وقت، فعلى المغتاب أن يبدأ بنفسه وأن يعتمد على محاسبتها فهذا يساعده على أن لا يقع في الغيبة مرة أخرى فقد شدد أهل بيت النبوة على محاسبة النفس يوميا، ويا له من علاج للنفس ليس فقد من الغيبة بل من عدة امور هذا من ناحية أم من ناحية أخرى فعلى المؤمن أن يعي ماذا يقول وان يكون دائما الخوف من الله وان يذكر الله دائما بقلبه وعقله.
فالنميمة والغيبة رسول الشر بين البشر، لا تقرب مودة الا أفسدتها ولا عداوة الا جددتها، ولا جماعة الا بددتها، واعلم ان من يثرثر لك سوف يثرثر عليك فلا تستمع.