الهدى – متابعات ..
شنّ النظام السعودي حملة انتهاكات ضد مراسم إحياء عاشوراء في مناطق القطيف كافة، حيث بات النظام يتفنن في آليات قمعه لمظاهر عاشوراء ويبتكر الأساليب الرامية لمنع موالي آل البيت (عليهم السلام) من أداء واجب العزاء بمصاب الإمام الحسين (ع).
ففي جزيرة تاروت أغلقت السطات مسجد “أبو عزيز”، ومنعت القيمين عليه من إقامة الصلاة وإحياء موسم عاشوراء فيه.
وإلى جانب ذلك، أغلقت السلطات القسم النسائي في حسينية “كريم أهل البيت” في تاروت لتفرض حظراً على مشاركة النساء في موسم عاشوراء، وشمل الحظر البرنامجِ العاشورائي السنوي للفتيات الذي يقام في الجزيرة.
كما أزالت القوات السعودية الرايات العزائية العاشورائية في حسينية الربيعية وعدد من المآتم، وتكرر الأمر نفسه في “حي المجيدية”، حيث تم حظر ثلاث مجالس حسينية، ومنعت الشيخ أحمد القطري من قراءة المجالس الحسينية، وفي الأوجام، أفيد عن الاعتداء على قبر النبي اليسع (عليه السلام).
وإزاء هذه الحملة الممنهجة، رد أبناء القطيف بعد ساعات على اجراءات النظام من قلب القطيف في ساحة الشريعة، عصر الأحد الماضي. حيث تجمهر، في مشهد مهيب، حشد من أبناء المنطقة في الساحة مؤكدين البراءة من أعداء الإمام الحسين(عليه السلام) ومجددين العهد والولاء للخط الرسالي.
وكان المشهد المنقول يظهر بوضوح خلو المباني المجاورة من الرايات الحسينية، بعد أن عمد النظام إلى منع رفعها، وأزالتها في بلدة أم الحمام في القطيف، إلى جانب منع تشييد المجسمات والنقل المباشر للتجمعات النسائية في عدد من منازل البلدة.
ويبدي النظام تركيزه في الآونة الأخيرة على أماكن الاحياء الخاصة بالنساء، سواء في الحسينيات أو في المنازل التي يجري افتتاحها ونقل وقائع المجالس العاشورائية الخاصة في الرجال عبر “البث المباشر عن طريق الشاشة الموصولة بـ”بروجكتور” أو غيرها من وسائط النقل. وأمام هذا الواقع.
ويتذرع النظام أن فتح البيوت للتجمعات النسائية بغرض حضور مجلس عاشورائي هو أمر مخالف، بزعم عدم تحصيله لتصريح مسبق من دائرة الأوقاف والمواريث.
ويفرض النظام السعودي شروط تعجيزية على إقامة المجالس الحسينية بمجملها، وتعكس قرار النظام بـ”قطع النفس” عن المناسبة.
وفي سياق متصل، استهدفت قوات النظام السعودي عدداً من الحسينيات والمساجد التي تحيي ذكرى عاشوراء للرجال دون أخذ تصريح، وذلك يعود لأسباب منطقية مرتبطة بالشروط المفروضة لأخذ تصريح، على سبيل المثال إلزام المعنيين على الحسينينة بضرورة وضع كاميرات وغيرها من الأمور.
عدا عن أن العديد من أصحاب البيوت المفتوحة للإحياءات تعرف مسبقا أن النظام لن يمنحها التصريح لكون المكان ليس مسجلا كحسينية أو مسجد في دائرة الأوقاف والمواريث، الأمر الذي تعاملت معه السلطات باستدعاء أصحاب البيوت والمعنيين في الحسينيات غير المصرح عنها بتوقيع تعهد بوقف المجالس والمآتم فيها.
واعتقلت قوات النظام السعودي، مساء الأحد الماضي 23 يوليو/تموز 2023، الشيخ صالح آل غريب، وهو من علماء الدين في مدينة صفوى بمنطقة القطيف.
وكان سجن المباحث السياسي في الدمام قد استدعى الشيخ آل غريب، وفور وصوله إلى بوابة السجن اعتُقل ولم يُسمح له بالتواصل مع عائلته.
وكان النظام قد منع الشيخ مصطفى الموسى، الخطيب في مجلس الإمام الحسين في ساحة القلعة، من صعود المنبر الحسيني العاشورائي وطالب المعنيين بتغيير الخطيب بأي رجل دين غيره.
والسبب الحقيقي وراء هذا الفعل يكمن في محاولة قمع تأثير الموسى على أبناء القطيف والتضييق على أدائه لرسالته، وذلك لما يحظى به الموسى من شعبية وجماهيرية تجذب شريحة واسعة ومتنوعة من فئات المجتمع القطيفي لحضور مجالسه.
وباتت الإجراءات المعلن عنها لإحياء مراسم عاشوراء بما فيها من معايير مقيّدة للحريات الدينية، باتت أمرا اعتياديا ومحسوبا لكوّن النظام السعودي يرى في إحياء شيعة أمير المؤمنين لواقعة كربلاء موعدا متجددا لشد العضد، والتواصل الروحي والقلبي بين أبناء القطيف والأحساء.
كما أن هذه المناسبة تحاكي واقعا ما زال قائما وفيه من الظلم والاستكبار ما يكفي للدفع باتجاه تبني خيار الرفض والمواجهة والتحدي.
ويعمد النظام السعودي إلى جانب أجهزته الأمنية والإعلامية إلى إثارة التشكيك بالولاء الوطني للشيعة في القطيف والأحساء بذريعة ارتباطهم بمرجعيات دينية موجودة خارج بلداتهم، لإسكات مطالبهم بالمساواة وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية دون قيد أو شرط. كل ذلك يأتي في سياق حملة النظام الممنهجة ضدهم وتأليب الرأي العام عليهم وإثارة الشكوك حولهم، كما إقامت فاصل زماني ومكاني بين فئات الشعب.