قال الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله: “صوموا تصحوا”.
الانسان تعترضه ثغرات المعيشة، وتتلوث روحه بالرين، ونفسه بالاضطرابات، وجسده بالأمراض، فيفقد شطراً من السعادة وهنأ العيش، فيسعى جاداً لاعادة تلك السعادة الى حياته؛ فيذهب الى الطبيب كي يعالج جسده، والى الخبير النفسي كي يزيل ما علق في نفسه من أمراض تؤدي الى القلق والأرق، ويبحث عن العالِم الرباني لكي يزكي ويطهر روحه من الرين والادران.
هذه ثلاثة اشياء تقوّم حياة الانسان سلبا أو ايجابا؛ الروح، والنفس، والجسد، فإذا مرضت الروح تعكرت الحياة، وإذا تلوثت النفس اضطربت الحياة، وإذا مرض الجسد صعبت الحياة، فالانسان بحاجة ماسة الى ان تستقر هذه الأمور الثلاثة؛ أن تكون روحه سليمة، ونفسه طاهرة، وجسده معافى، لكن يوميات الحياة ومشاكلها، ومتغيراتها لا تسمح ببقاء تلك الامور على شكلها الطبيعي؛ فالحروب، والقتل، والعاهات..، لا يسلم منها جسد الانسان، كذلك النفس، فالاهواء والشهوات تتجاوز حدودها بسبب ضعف الروح، ومغريات الحياة، فتضطرب النفس وتعيش الهموم والغموم فتكون غير مستقرة، والروح كذلك بحاجة الى ان تطهر سواء من ملوثات الجسد او النفس، وتلك الملوثات اشبه بغبار يجب ان يزال ويطهر.
⭐ الانسان حينما يصوم ينظم وقته، فطعامه وشرابه _ مثلا _ يُنظم، ذلك ان (المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء)، وبالصوم يطرد كثيرا من الامراض الجسدية التي سببها الأطعمة، ولو كنت مريضاً و ذهبت الى اي طبيب، فأول سؤال يوجهه إليك: ماذا اكلتَ؟
يأتي الصيام ليحل تلك المعضلات؛ سواء كانت في الروح، او النفس، او الجسد، لان الانسان حينما يصوم ينظم وقته، فطعامه وشرابه ـ مثلا ـ يُنظم، ذلك ان “المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء”، وبالصوم يطرد كثيرا من الامراض الجسدية التي سببها الأطعمة، ولو كنت مريضاً و ذهبت الى اي طبيب، فأول سؤال يوجهه إليك: ماذا اكلتَ؟
النفس؛ شهوات ورغبات تضغط على الانسان، سواء كانت شهوة طعام، او جنس، او جهاه، او شهرة..، يأتي الصيام ليهذبها، ويمنع الاستجابةَ لها والنفس تتروض، يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “إنما هي نفسي اروضها بالتقوى”، ومن الصيام تأتي التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والصيام أحد الطرق الرئيسية لبلوغ التقوى، فخلال الصيام تروّض الأهواء والشهوات وتبقى في حدودها، وبالتالي تسمو نفسية الإنسان وترتفع عن الافكار والتسولات الشيطانية، فحين تخمد الشهوة يظهر العقل الذي لا يرتضي لنفسه ان يكون في حضيض الشهوات والملذات الرخيصة، فالشهوات والأهواء حين تبقى مسيطرة على الانسان لا تستقر شخصيته، والحل الناجع للنفس هو قمع شهواتها، واحدى الطرق الفعالة في ذلك هو الصيام.
وكما يفعل الصيام ذلك مع النفس، كذلك مع الروح؛ فقوة الروح ومادتها في ارادتها وصبرها، والارادة تتحق عبر الصبر، لان الانسان تضعف ارادته بسبب ضغوط النفس والشهوات، وتقوية الروح هو بتقوية الارادة التي هي نتيجة الصبر الذي يتحقق عبر الصوم، وجميع امراض روح الانسان بسبب فقد الصبر، وضعف الارادة، “صوموا تصحوا”، هو صحة الروح والنفس قبل صحة الجسد، لان صحة الجسد مرهونة بالحالة النفسية للإنسان، وهذا هو الصيام الحقيقي، فأن يسهر ليلا، وينام طوال النهار، فذلك ليس صياما، وإنما ذلك كف النفس عن الاكل والشرب وحسب.
⭐ من المهم جداً أن يعرف الانسان المؤمن فلسفة الصيام، ويسعى الى تغيير منهج حياته في شهر رمضان
إذا أردنا أن نحقق غاية الصوم، سواء للنفس، او الروح، او الجسد، فعلينا أن لا ننام في طوال نهار الصيام، ولذلك من المهم جداً أن يعرف الانسان المؤمن فلسفة الصيام، ويسعى الى تغيير منهج حياته في شهر رمضان، فيجب الامتناع عن السهر في الليل حتى لا يُقضى نهار الصيام كله في النوم، لان في ذلك ضرر على ثواب الصوم، لان رسولا الله، صلى الله عليه وآله يقول: “صوموا تصحوا.
- مقبتس من محاضرة لآية الله الشيخ النمر (رضوان الله عليه).مواصفات الشيعي الحقيقي (13) الصيام وتغيير منهج الحياة الى الأفضل*