يتكوّن الانسان من شيئين اثنين: احدهما مادي ملموس وهو الجسد: والثاني معنوي وهو النفس او الروح، ومثلما يتعرض الجسد الى المرض فإن النفس هي الاخرى تمرض، وهو ما يتطلب رعايتهما والبحث عن حماية للجسد والروح بنفس القدر وعدم اهمال الصحة النفسية التي لها النصيب الاكبر من الاهمال في وقتنا الحالي لدواعٍ عديدة.
أهمية الصحة النفسية تكمن من كونها تساعد الفرد في أن يعيش حياته على أكمل وجه بإنتاجية ويستمتع بها، فضلا عن كونها تقلّل احتمال إصابته بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية التي لو اهملت ستوصل صاحبها الى مراحل غير محمودة ربما افضلها ان يفقد حياته.
نحن العرب على وجه العموم والعراقيين على وجه الخصوص وبسبب جذورنا البدوية نُشْكِل على الكثير من الامور التي نعتقد انها تمس كرامة الانسان وتحط من قيمته في المجتمع، ومن هذه الامور هي ان الفرد الذي يذهب الى الطبيب او المختص النفسي هو انسان مجنون وبالتالي يتعرض لانواع الاذى مما يجعله يفضل عدم الذهاب او محاولة الذهاب بسرية تامة.
- ماذا يترتب على عدم ترك علاج الاضطراب النفسي؟
يترتب على عدم مواجهة الانسان لضعفه وامراضه النفسية في بدايتها رغم امكانية الشفاء انه يصل الى مراحل متقدمة من المرض مما يعقّد امكانية العلاج، فحين يهمل الانسان نفسه ويرفض الاقرار بكونه يعاني من اضطراب او مشكلة نفسية، فإن يكون عرضة الى التمييز والنعت بكونه مجنون ويلاحق في الشوارع وخلفه الصراخ بأنواع الصفات، مما يجعله يثور غضباً ويبدأ بمهاجمتهم، و هو ما ادى الى تحول الكثير من الناس رغم كونهم اصحاء الى مجانيين حقيقيين فاقدين للاهلية الكافية للحياة الامنة نفسياً.
🔺 يتعرض الانسان صحاب المشكلات النفسية الى جملة السلوكيات المهينة له ولعائلته
كما ينتج من عدم إقرار الانسان لمشكلته ان تتطور مشكلته يوماً بعد آخر وبالتالي يكون غير مفضل في العمل والوظائف بصورة عامة، على اعتبار انه غير ملتزم بالمواعيد وان لا يستطيع اكمال يومه في العمل نتيجة الضغوط النفسية، فالانسان كثير القلق او المكتئب او الذي يعاني من أي مشكل لا يمكنه التركيز على عمله وبالتالي يفصل من عمله وهذا سبب رئيس لترك مئات الالوف من الناس حول العالم لوظائفهم رغماً عنهم.
ويعاني الانسان الذي يقبع تحت تاثير المشكلات النفسية من مشكلة عدم تفضيل الارتباط والاشتراك معه في مشاريع حياتية مختلفة، إذ ان اغلب الناس إن لم يكن جميعهم يرفضون ان تتزوج بناتهم من انسان لديه مشكلات نفسية ولعدة اسباب؛ منها انه لا يتعامل مع الزوجة بصورة سليمة لكون هو غير سليم فقد تتعرض للضرب والاهانة وغيرها من اشكال الاذى الجسدي والمعنوي.
كما انه لا يمكنه الانفاق عليها لكون غير مقبول في الوظائف كما اسلفنا وبالتالي تتعرض الى حالة عدم اشباع الحاجات الحياتية وهو ما يؤدي الى غياب التوازن وبالتالي وجود مشكلة في مستوى الصحة النفسية للانسان.
🔺 أهمية الصحة النفسية تكمن من كونها تساعد الفرد في أن يعيش حياته على أكمل وجه بإنتاجية ويستمتع بها
ليس هذا فحسب بل يتعرض الانسان صحاب المشكلات النفسية الى جملة السلوكيات المهينة له ولعائلته، فالاذى لا يقتصر عليه فقط بل قد ينال من جرف عائلته، حيث ان زوجته تتعرض للتنمر والسخرية والاستهزاء.
وابناءه في المدرسة يتعرضون الى ذات السخرية وكذا الحال بالنسبة لاخوانه، وهذا ما يعرضهم الى استنزاف الطاقة النفسية واعتلال الصحة النفسية وهذه خسارة كبيرة للانسان لان كل الخسائر قابلة للتعويض الا خسارة الصحة.
ختاماً قارئنا الكريم: سردنا اهم الاضرار والعوائد السلبية على حياة الانسان الذي يهمل صحته النفسية ولا يعالج مشكلاته بصورة سريعة، والآن ادعوكم الى الاتصاف بالشجاعة حين الشعور بأية مشكلة نفسية والاقرار بها والعمل على علاجها في مراحلها الاولى تجنباً لهذه النتائج المزعجة.