كل الامم والشعوب الحرة والمستضعفون في الارض يرتفع عندهم منسوب الأمل لذكر اسمة الشريف وصفاتة القدسية، إلا الطغاة فإنه كابوس لا يكاد يفارقهم لانهم بالظلم يحيون فكل المؤمنون في مغارب ومشارقها تنتظر ظهوره المبارك.
- مفهوم الانتظار
حالة ترقب لنبأ عظيم له الأثر في نظام العالم، وهو في حد نفسه من الأمور الإيجابية، فإن فيه جمع كلمة المؤمنين، وشدّ أواصرهم، وجعلهم مستعدين لاستقبال قائد عظيم ينجي الإنسانية المعذبة من الضياع، وينقذ الناس من الهلاك.
كما أن له الأثر في النفوس فيخرجها من الإحباط الذي يصيبها عند تراكم الظلم الذي هو ظلمات، كما أنه يبعث الأمل فيها بالتغيير النوعي من جميع الوجوه والأنحاء، فهو عملية تربوية هادفة يحصل بها ارتباط خاص بين المؤمنين والمهدي الموعود، فيترقبون خروجه ويأملون أن يدخلوا تحت لوائه، فيعمل المؤمن عندئذ بما يرتضيه ليحظى بقبوله ويدخل في رفقته، وينطوي تحت لوائه فليس الانتظار مجرد بارقة أمل عند اليائسين أو إنقاذ المعرضين عن الدين وتعاليم سيد المرسلين الله.
🔺 الانتظار ليس مجرد طقوس، بل عمل ورؤية وتربية، وموقف يتخذه المؤمن ليكون مستعداً لتلقي الفيض الربوبي بظهوره الشريف
فإذا كان المقصود من الانتظار هذا المعنى كانت سلبياته أكثر من إيجابياته، فيكون الواقع العملي حينئذ يدور بين اليأس والأمل وكلاهما بعيدان عن الواقع، فلابد أن يكون الانتظار الذي أمر الأئمة الهداة به شيعتهم من الأمور الإيجابية وهو الذي ذكرناه آنفاً، فيكون من أهم المقتضيات لخروج المنقذ العظيم، وله الأثر في اقتراب موعد ظهوره، بل هو نوع من الظهور، فلنسمه الظهور الأصغر مقابل الغيبة الصغرى، وإلا كان سبباً في تعاسة الإنسان، ويزيد في إحباطه، وإلى ما ذكرنا تشير الممهدات التي وردت في جملة من الأخبار، وهي تبين حالة الانتظار الذي يعيش معه المؤمن المكابد، ويتحلى بالصبر الذي لابد منه في تحمل المهمة.
ولرب سائل يقول: هل تعني حالة الانتظار طقوسا تمارس من قبل المكلفين فحسب؟ أم الانتظار يعني ديناميكية العمل الفكر الرؤية الموقف؟
نقول: الانتظار ليس مجرد طقوس، بل عمل ورؤية وتربية، وموقف يتخذه المؤمن ليكون مستعداً لتلقي الفيض الربوبي بظهوره الشريف، وبذلك يدخل المنتظِر في زمرة المؤمنين به والراضين بفعله السالكين على نهجه، والعاملين بتوجيهاته لكونه إمامهم وقائدهم، فإن كانت الطقوس من دعاء ونجوى من روافد هذه العملية التربوية للانتظار فلا بأس بها، وإلا لم يكن لها التأثير المطلوب ولعل سائل يسأل الى الذين يحاربون هذه الفكرة التي اذا لم تنفع بزعمهم فإنها لاتضر: هل هذه الفكرة تمنع المهندس من انشاء جسر على طراز الحديث؟!
ام دكتور مختص بعلم الجراثيم من انتاج مصل مضاد يقي البشرية من العلاك؟! كلا ابدا لايوجد في نظرية المنقذ هذا التوجة او حتى اشارة توحي با الخمول والجمود او قبول الظلم والخنوع.
- نحو عالمية الانتظار والتمهيد
إن اخطر ما يواجة شبابنا غير المتحصن بعقيدة اسلامية ثابتة وراسخة لا تزلزلها رياح الشك او طول الانتظار.
يعد المشهد الثقافي في عالمنا اليوم الحدث الأبرز في الساحة الفكرية، ويزخر هذا المشهد بالكثير من الأفكار والرؤى والاصطلاحات الجذابة، ومن لا يمل في هذه الساحة مبدأ فكرياً رصيناً سيذوب في خضم هذا المعترك الثقافي وينصهر تلقائياً به.
يقول بعض أرباب الثقافة: إن استعمار الناس لا يكون إلا بسلخهم عن ثقافتهم وتنشئة جيل جديد يؤمن بثقافة المستعمر، وهذا ما نشهده اليوم، إذ إن الغلبة لمن ثقافته غالبة وبذلك يعرفون العلمانية ويؤسسون للعولمة.
🔺 الأمة التي تعيش التجديد وتنهض بماضيها المواكبة الحضارة وتنشئ جيلها بخلفية رصانة معتقدها، تكون عصيةً على هذا الموج العاتي وهذا ما يتمتع به التشيّع لأهل البيت عليهم السلام
أما الأمة التي تعيش التجديد وتنهض بماضيها، المواكبة للحضارة وتنشئ جيلها بخلفية رصانة معتقدها، تكون عصيةً على هذا الموج العاتي وهذا ما يتمتع به التشيّع لأهل البيت؛ فمن يمتلك عنصر الممانعة الفكرية اليوم هم الشيعة الإمامية فحسب، ولا يمتلكونها إلا بما عندهم من تراث لأهل البيت، ورصيد علمائي لا نظير له عند المقابل.
فالثقافة والفكر المهدوي في الأطروحة العالمية لإنقاذ البشرية وتسيّد العدل الذي يمتلكه الشيعة الإمامية يخترق اليوم جدران الخنوع الفكري والصمت البشري، ودورنا في هذه المرحلة أن نعرف ثقافتنا جيداً، وأن نرفدها بطاقاتنا لنكون عناصرا تجلو صدأ الظلم والجور الذي اكتسبته البشرية بجحودها عنصر الهداية وينبوع الخير.
فأهلا بشهر شعبان الخير، وكل عام والاسلام بعزة وأمان، ومبارك لهذا الوليد وليد الخيروالامل لكل الانسانية.