الولادة هي البدء، والنهاية هي التوقّف أو الانتهاء، وما بينهما رحلة العمر الطويلة، فكل ولادة هي بداية، وفي شهر شعبان، شهر الولادات الخالدة، تضيء البدايات المهمة في حياة الأمة وفي حياة العالم أجمع، تلك البدايات التي شعَّت بأنوارها على المسلمين والبشرية جمعاء، فكانت البداية بضوء ولادة الإمام الحسين، عليه السلام، في غرّة هذا الشهر المضيء.
الإمام الحسين، عليه السلام، مدرسة الصمود الخلّاق، ومنبع الثورات الخالدة، فنار الصبر، وجوهر الكفاح الإنساني في مواجهة الظلم والطغيان، كما أنه النبع الأخلاقي العميق، فسيد الأحرار، عليه السلام، متعدد الأهداف، البداية رفع راية الكفاح ضد الظلم، وإنقاذ الإسلام من المأزق الذي وضعه فيه يزيد المارق، حين استهتر بالدين وحاول أن يحرفه عن مساره الذي أرسى قواعده الرسول محمد صلى الله عليه وآله.
🔺 الإمام الحسين، عليه السلام، مدرسة الصمود الخلّاق، ومنبع الثورات الخالدة، فنار الصبر، وجوهر الكفاح الإنساني في مواجهة الظلم والطغيان، كما أنه النبع الأخلاقي العميق
فكانت الولادة في مطلع هذا الشهر، وبدأت أضواء الرحمة والقيم العظيمة تشع في أرجاء الأرض كلها، بدءاً من أمة الإسلام، صعوداً إلى الناس أجمعين، ثم تبلورت رحلة الكفاح الحسيني، حين خرج الإمام عليه السلام من الحجاز، رافعا صوته عاليا، معلنا تمنّعه الراسخ في رفض البيعة ليزيد المنحرف، فكانت المواجهة الكبرى في كربلاء الثورة.
لتبدأ المنازلة الكبرى بين الخير والشر في صراع يمثل المواجهة الأزلية بين الذين يعيثون في الأرض فسادا، وبين الذين يعمرونها بالخيرات والمواقف الإنسانية التي تحيي الزرع والضرع وتزيد الحياة طهرا و وضوحا صلابة وعدلا.
إنّ بداية هذا الشهر المضيء بولادة الإمام الحسين سوف تُدعَم وتكتمل بولادة الإمام الحجة المنتظر، عجل الله تعالى فرجه الشريف، وذلك في منتصف هذا الشهر الذي أكرم المسلمين والبشرية بهذه الولادات المضيئة على مدى الدهر، فحين بدأ شعبان الأنوار والمحبة والإيمان بالولادة المعطّرة للحسين عليه السلام، بدأت مصابيح الثورة ضد الانحراف السلطوي الأموي، وأخذت تتضاعف اصوات الحق، وانتشرت حالات الرفض ومقارعة عرش الاستبداد.
هكذا مهدت ثورة الإمام الحسين عليه السلام، لقواعد الكفاح ضد الطغيان، وإيقاف عجلة الظلم التي استهدفت المستضعفين من المسلمين ومن سكان الأرض جميعا، ففي منتصف شهر شعبان المحبة والأفراح، سوف يولد مصباحا عظيما من مصابيح العدل وترسيخ الرحمة بين بني البشر.
إنه الإمام المهدي الحجة المنتظَر، عجل الله تعالى فرجه الشريف، حيث تترابط العرى بين نهضة الحسين، عليه السلام، وبين الولادة الميمونة في منتصف شهر شعبان، فيكون عنوانها المتوهج (نشر العدل في ربوع الأرض)، وتخليص الناس من ظلم الحكام المتجبرين الظالمين، وبسط السلام، وإعادة الاعتبار لكل الذين سامهم الظلم والقهر والاستبداد.
🔺 لقد مهدت مدرسة الكفاح الحسينية لهذا الظهور المبارك، وأعطت الدروس المضيئة للموالين المحبين لأهل البيت، عليهم السلام، الهادفين إلى حماية الإسلام من الانحراف
ولادات عظيمة في شهر شعبان، تبدأ بولادة سيد الشهداء وأبي الأحرار وملهم الثوار والثائر الأعظم الذي فتح بوابات الكفاح الإنساني على مصاريعها في الرحلة البشرية المتواصلة للخلاص من الظلم والتجبر، وهو الإمام الحسين، عليه السلام، لتمتد وترتبط بالولادة التي تتم في منتصف هذا الشهر، حيث ينتظرها المؤمنون الموالون المستعدون لظهور الإمام الحجة المنتظر، عجل الله تعالى فرجه الشريف.
لقد مهدت مدرسة الكفاح الحسينية لهذا الظهور المبارك، وأعطت الدروس المضيئة للموالين المحبين لأهل البيت، عليهم السلام، الهادفين إلى حماية الإسلام من الانحراف، والساعين دوما إلى حماية حقوق المسلمين من الانتهاك السلطوي المنحرف، وقد تعلّم الموالون دروس الكفاح في المدرسة الحسينية، وهكذا خرَّجت هذه المدرسة موالين مستعدين لاستقبال الإمام الحجة المنتظر، عجل الله تعالى فرجه الشريفـ ومؤازرته على نشر العدل في ربوع الأرض.
وهكذا يحتفل المسلمون، ومنهم الشيعة الموالون لأهل البيت عليهم السلام، وهم بانتظار حلول شهر الولادات المضيئة، ليتباركوا بهذه الولادات الخالدة، ويستمدوا منها روح الأمل بغد أفضل وأجمل، ويسعون إلى تصحيح المسارات الخاطئة، ويبقون على أهبة الاستعداد لمواجهة حالات الانحراف السلطوي.
فهؤلاء الموالون الكرام الأصلاء، تعلموا من الحسين،عليه السلام، الثبات على منهج الكفاح لحماية كرامة الإنسان، ورد الاعتبار له، كما فعل سيد الشهداء، وكما يريد الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فالولادات المضيئة امتداد لبعضها، والأهداف واضحة ومعروفة وغايتها واحدة، وهي حماية حقوق وحريات وعقائد الناس، فمرحى بشهر السعادات والخيرات الكريمة، ومرحى بشهر الولادات المضيئة.