لقد اضاءت الأرض نورا، يوم مبعثه واصبح الكون من انفاسه عطرا، قال الإمام الصادق، عليه السلام، في وصف خُلقه: “كان رسول الله، صلى الله عليه وآله يقسّم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذاك بالسوية ولم يبسط رجليه بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك عليه الصلاة والسلام يده من يده حتى يكون هو التارك، فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه مال بیده فنزعه من يده”.
“إن المعاني الجميلة المرسومة في وجه النبي محمد، صلى الله عليه وآله، كان لها الأثر الكبير في نفوس الناس، فكان عندما يتحدث مع الناس ينجذبون إليه ويذعنون إليه، ولا فرق في ذلك كون المستمع واحداً أو أكثر، ولقد كان مؤدباً وملتزماً ومتواضعاً لا يفرق في المعاملة فالغني والفقير عنده سواء، وكان قوي الذاكرة ذكياً صريحاً، ولديه ثقة بنفسه، ولا يتردّد في الإقدام على عمل ما، وهذه الأخلاق السامية غطت أفكاره أنحاء العالم .”يقول المستشرق إدوارد كيب بن.
🔺 إن المعاني الجميلة المرسومة في وجه النبي محمد، صلى الله عليه وآله، كان لها الأثر الكبير في نفوس الناس، فكان عندما يتحدث مع الناس ينجذبون إليه ويذعنون إليه
هذا هو رسول الله، صلى الله عليه وآله، علنا نتعظ من سيرته، خصوصاً مَن يتزعم فرقة أو أمة أو طائفة، حزباً، وظيفة، إنه لم يصنف ذلك التصنيف الغربي الذي خلق الطبقات والفوارق كـ (VIP) أو رؤساء يتسلطون على رقاب شعوبهم بالحديد والنار، هي نفوس صغيرة حينها تبوأت مقعد قيادة أو كرسي مسؤولية استفحل فيها التكبّر والترفع والغرور وما حدثت الآخرين إلا من وراء حجاب، وتلك هي النعرة الإبليسية التي جعلت إبليس يتكبر على سيدنا آدم، عليه السلام، رافضاً السجود له، بينما رسول الله، صلى الله عليه وآله، قاد الأمة بالسلم، بالرحمة، بالمحبة، بالتواضع، فاستولى على القلوب لا على الملك والسلطان، وهذا هو سر الله سبحانه في نبيه المصطفى وحبيبه الأغر، صلى الله عليه وآله. وعدونا عرف نبينا أكثر منا، عرف سياسته المحكمة، واستراتيجياته المتقنة في قيادة دولة وتغيير أمة بكاملها حتى اعتبر أعظم شخصية عرفها التاريخ البشري بشهادة الغرب.
فها هو (بن غوريون) مؤسس إسرائيل يقول: (إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد)، وهذا واضح جلي بمحاربة الفكر المحمدي الاصيل واستبدالة بفكر انهزامي متقبل لكل الافكار الغربية، حتى ينشأ جيل خاوٍ فكريا،وعقائديا، لكسر مقاومة الاسلام الداخلي ثم التوجه الى كسرها بقوة السلاح الغربي المتفوق بلاشك، لنأحذ ومضة مماكتبة الاحرار الغربيون وهم يقفون منبهرين امام قوة شخصية النبي محمد، صلى الله عليه وآله، ودفاعة عن القيم في بيئة قفر، لاماء ولا شجر، وكيف ربّى نفوس أبيةً حملت مشعل الاسلام عاليا.
يقول الأديب الروسي (ليوتولستوي): “إن النبي محمداً أعظم الرجال المصلحين، ويكفيه فخراً أن هدى أمة برمتها إلى الحق وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام واني لتعذبني رغبتي في أن أكون مفيداً للبشرية، وأن أساهم في شكل أفضل في حصول هذه الإنسانية على السعادة، ترى هل من الممكن أن أموت ذات يوم يائساً من دون أن أحقق هذه الرغبة”.
حقاً لم يشهد التاريخ الإنساني شخصية بلغ بها الكمال ذلك المبلغ كرسول الله، صلى الله عليه وآله، فقد قرأنا سيرة العظماء وقادة العالم وساسة البلاد فلم تعرف الإنسانية إنساناً مثله، قد يتميز أحد القادة العظماء بخاصية محددة كونه محارباً شجاعاً أو قائداً اجتماعياً مصلحاً، أو رئيساً عادلاً، لكنه في الجوانب الأخر ناقص، إلا نبي الرحمة الذي جمع كل صفات الكمال، وشمل كل رفيع الخصال، فمن قوة الشخصية إلى القيادة الحكيمة والخلق العظيم والعبقرية الاستثنائية.
لنجعل مبعثه المبارك يوما للوحده الاسلامية المباركة، حتى ندخل الرعب بقلوب أعداء الاسلام، ونكون اخوةً متحابين في الله.