ماذا فعل النبي محمد، صلى الله عليه وآله، حتى أصبح عظيماً بهذه الدرجة؟
و ماذا صنع محمد، صلى الله عليه وآله، للإنسان في تلك الفترة من حياته؟ حتى نجد أن البشرية كلما برزت فيها شخصيات عظماء من عباقرة ومفكرين تحولوا إلى أقزام بين يدي ذلك العملاق، يقول البروفسور (ستوبارت): إنه لا يوجد مثال واحد في التاريخ الإنساني بأكمله يقارب شخصية محمد فما أقل ما امتلكه من الوسائل المادية، وما أعظم ما جاء به من البطولات النادرة، ولو أننا درسنا التاريخ من هذه الناحية، فلن نجد فيه اسماً منيراً كاسم النبي العربي الذي قدمه للبشرية سابقا.
ولا يزال بإمكان أمتنا أن تستفيد من هذا الذي صنعه الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله، في حياته، إذا عرفنا أن الشيء الذي قدمه الرسول للإنسانية هو إتيانه بدين جديد شأنه شأن سائر الأديان التي جاء بها الأنبياء قبله، مثل موسى وعيسى، عليهما السلام فإنه في هذه الحالة يبقى سؤال أنه لماذا أصبح محمد، صلى الله عليه وآله، سيد المرسلين وخاتم الأنبياء؟
ما هي هذه الميزة الموجودة في خاتم الأنبياء التي لا توجد في غيره ممن سبقه؟
وحقا ان نسال لماذا هذه الخاتمية؟
🔺 لا يزال بإمكان أمتنا أن تستفيد من هذا الذي صنعه الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله، في حياته
والاسلام لم ينتشر في اقطار الارض واغلب الناس عكّاف على اصنامها، واوثانها فنسأل اهل الذكر فهم من يمتلكون الجواب الشافي الذي يطمئن له الفؤاد؛ عن أبي عبد الله، عليه السلام: “أن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إني كنت أول مَن آمن بربي وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} فكنت أنا أول نبي قال: بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله. (الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٤٤١ ح6).
- النبي الأكرم في عيون المستشرقين الاحرار
اشار الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ}، وكثير من المستشرقين والباحثين والمؤرخين ادلوا بآرائهم حول عظمة رسول الله، صلى الله عليه واله وسلم، ومنهم المؤرخ والكاتب والناقد (كارليل) الذي أثّر تأثيراً كبيراً في عصره، وإن كان نصرانيا إلا انه فَقَدَ ايمانه بالمسيحية ومع ذلك بقيت القيم تلازمه طوال حياته، والابطال في العالم، وكيف نظر الأقوام إلى صورة البطل، فاستعرض كيف نظروا إلى البطل في صورة إله، ثم في صورة رسول، ثم في صورة شاعر أو قسيس أو فيلسوف، لكن اللافت للنظر أن كارليل حين استعرض (صورة البطل الرسول) لم يختر غير النبي الأكرمحمد، صلى الله عليه وآله وسلّم.
نستعرض بعضا من آرائه:
١- وإني لأحب محمدا، صلى الله عليه واله سلم، لبراءة طبعه من الرياء والتصنع، ولقد كان ابن القفار هذا رجلا مستقل الرأي، لا يعوّل إلا على نفسه، لا يدعي ما ليس فيه، ويزعم المتعصبون من النصارى، والملحدون ان محمدا، صلى الله عليه واله وسلم، لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية، ومفاخرة الجاة والسلطان، كلا وأيم الله! لقد كان في فؤاده الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتوقد المقلتين العظيم النفس، المملوء رحمة وخيرا، وحنانا، وبرا وحكما، وحجى وإربة، ونهى -افكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة.
وقال كارليل ايضا: لقد قيل كثير في شأن نشر النبي محمد، صلى الله عليه واله سلم، دينه بالسيف، فإذا جعل الناس ذلك دليلا على كذبه، صلى الله عليه واله سلم، فذلك أشد ما أخطؤوا وجاروا، فهم يقولون: ما كان الدين لينتشر لولا السيف، ولكن ما هو الذي أوجد السيف؟ هو قوة ذلك الدين وأنه حق، والرأي الجديد أول ما ينشأ يكون في رأس رجل واحد.