عند السير في الطرقات او الحضور الى التجمعات ترى من بين الأطفال المتواجدين في المكان طفلا لا يتحرك كثيرا، فضّل الانعزال ولا يبدي أي حركة زائدة، او قليل الحركة مقارنة بأقرانه الذين يلعبون ويتحركون دون الشعور بالممل، إذ يسمى الطفل بمثل هذه الحالة بالطفل الكسول، فما هي الأسباب التي أدت الى هذه النتيجة وكيف يمكن معالجتها؟
ويُعرّف الطفل الكسول: بأنه الطفل الذي يفتقر للحماس لأداء أي نشاط ذهني أو بدني، حتى اللعب، ويفتقد الى الرغبة في بذل أي مجهود، ولا يتعلق الأمر بمقدار الحماس فقط، بل قد تظهر على الطفل علامات التعب والإجهاد جراء أي مجهود بدني أو ذهني حتى وإن كان بسيطا، وعادة ما يكون الطفل الكسول غير منظم، وبلا أهداف، ولا يولي أهمية لأي شيء، أما في المدرسة، فغالبا ما ينسى أدواته، ولا يؤدي واجبه المنزلي، ويختلق أي عذر لتبرير سلوكه.
🔺 ينشأ الكسل لدى الأطفال عندما يغيب الحافز الداخلي لديهم للقيام بأي نشاط
وقد حذّر خبراء علم النفس من سكوت الاهل عند الشعور بأن أحد أبنائهم يمر بحالة كسل، ويؤكدون على ضرورة متابعة سلوك الكسل غير المرَضي لدى الصغار، أي الذي لا يرتبط بمشاكل عضوية، وهو ما لا يحتاج تدخلا دوائيا، وكل ما يتوجب على الوالدين فعله هو الوقوف على أسبابه الحقيقية، ثم وضع خطة عملية لمساعدة الطفل.
يشترك الأهالي في جعل أبناءهم ينشئون كسالى لا يقوون على أداء الاعمال التي يؤديها من بعمرهم؛ كالاشتراك في تأدية بعض الاعمال المنزلية المتعلقة بمساعدة الاب او الام في ترتيب المنزل او الخروج لقضاء مشاوير مهمة، ولا يرغبون أيضا في القراءة وقضاء الواجبات المدرسية، وفي العادة قد يكون الاهل من تسبب بذلك، عبر توفير كل ما يحتاجه الطفل حرصا منهم على سعادته، كشراء هاتف ذكي او تابلت او غيره من الأجهزة اللوحية التي تقلل حركتهم الى حد ما، من خلال قضاء ساعات طويلة مختفين وراء الشاشات الالكترونية منفصلين عن الواقع وما يحيط بهم من حركة وممارسات يومية.
تكرار ذلك بشكل يومي يجعل الطفل مائلا الى الكسل أكثر من النشاط والحركة، ويحاول خلق الاعذار لتبرير سلوكه او عدم قيامه بأي عمل يدلل على انه يتمتع بالحيوية المطلوبة ليكون في عداد الأطفال البعيدين عن سمة الخمول او الكسل التي تهيمن على شريحة واسعة من الأطفال في الوقت الحاضر نتيجة لجملة من الأسباب تطرقنا وسنتطرق الى أبرزها.
وينشأ الكسل لدى الأطفال عندما يغيب الحافز الداخلي لديهم للقيام بأي نشاط، فهم يلعبون بدافع البحث عن المرح، ويدرسون بدافع التفوق والتميز، ومن ثم، فإن غياب الحافز الداخلي أو خفوته، أو عدم ارتباط رغباتهم بأعمال تتطلب جهدا بدنيا أو ذهنيا، سيؤدي بهم إلى الكسل، خصوصا في حال كانت كل رغباتهم مجابة.
الأطفال الكسالى يميلون عادة الى الاستيقاظ في أوقات متأخرة، نظرا لعدم وجود الرغبة في النهوض مبكرا، بل على العكس يشعرون بنقص كبير وحاجة دائمة الى النوم والاسترخاء عبر متابعة اللعب على الهاتف الذكي او قضاء وقت امام التلفاز دون شعور الاهل بخطورة هذه المرحلة على الأطفال وانعكاس ذلك على حياتهم في المستقبل.
فمن المتحمل ان تكون شخصية الطفل الناشئ على حالة من الكسل غير المبرر، شخصية ضعيفة لا يمكن ان تتحمل المسؤولية الاجتماعية، وقد نستند بذلك الى مقولة، “من شب على شيء شاب عليه”، وبالتأكيد هذه ليست قاعدة يمكن الرجوع او الاحتكام اليها، لكن وفي نفس الوقت لمثل هذه الصفات آثار واضحة على الافراد عند البلوغ او الوصول الى مرحلة الشباب وتكوين الاسرة.
- طرق التخلص من الكسل
تضع لنا اخصائية الطب النفسي للأطفال والمراهقين شانتال أبو خليل بعض الطرق لتخليص الأطفال الذين يعانون من الكسل على مدار اليوم، اذ تأتي في مقدمة هذه الأساليب.
تحمّل المسؤولية: أي يجب أن يتحمل الطفل مسؤولية القيام بالواجبات المنزلية، ويجب على الأهل أن يكونوا قدوة له، ولا يقل أهمية عن ذلك تكليفه بمهام بسيطة وإشراكه في عمل المطبخ، مما يجعله يشارك بدلا من الجلوس في وضع الخمول ومتابعة الأجهزة الإلكترونية، وعلى الآباء الحرص على اتباع نمط حياتي يعتمد على الحركة والنشاط لتحفيز الأطفال.
مدح الطفل: من فوائد قيام الاهل بمدح الطفل باستمرار انه يعمل على تحفيزه على القيام ببعض المهام او الاعمال التي تلقى لأجلها المدح، حتى وإن كانت اعمالا بسيطة، فالتحفيز باستمرار والإطراء باستخدام الكلمات التشجيعية يساعد إلى حد بعيد على علاج الخمول.
ممارسة بعض الأنشطة في الهواء الطلق: فهي تشجيع الطفل على القيام بنزهة في الحديقة أو المشي مع ممارسة بعض التمارين، والتفاعل مع الأنشطة الاجتماعية الأخرى.
🔺 من فوائد قيام الاهل بمدح الطفل باستمرار انه يعمل على تحفيزه على القيام ببعض المهام او الاعمال التي تلقى لأجلها المدح، حتى وإن كانت اعمالا بسيطة
من جانبها، تشدد دكتورة علم النفس التربوي سانيا بيليني لموقع “ريزينغ انديبيندت كيدز”، على أهمية اعتماد استراتيجيات فعالة لتحفيز النشاط، مثل استخدام لهجة محفزة ومشجعة عند الطلب من طفلك القيام بمهام، فهذا أكثر فائدة من استخدام لهجة صارمة وعنيفة.
كذلك عندما تطلب من طفلك أن يفعل شيئا، استخدم تعليمات قصيرة ومباشرة وواضحة ومحددة بدلا من منحهم قائمة من التعليمات والأوامر؛ على سبيل المثال، إن قول” “أتمنى ترتيب ألعابك” أكثر فعالية من القول: “رتب ألعابك، أطفئ التلفاز، واذهب إلى النوم”.
إعطاء التعليمات بواقعية وبحزم مع الاهتمام بتحديد مدة معينة لإتمام أي مهمة، كتوجيهه بإنجاز الواجبات المدرسية خلال ساعة، أو اللعب لمدة نصف ساعة، او مشاهدة التلفاز لمدة نصف ساعة، وهكذا. لا يدرك أهمية الأطفال في المنزل إلا من عاش في وسط عائلي مفعم بالحب والطمأنينة بوجود زينة الله في الحياة الدنيا من حوله، ومن يدرك ذلك عليه ان يشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه بكل ما يتعلق بالأطفال وتربيتهم والاهتمام بصحتهم وسلوكياتهم، وحين وجود صفة الكسل لدى بعضهم على الاهل اتباع الطرق العلمية للتخلص منها بأقل الاضرار، وليس من الصحيح ان يلجأ الأهالي الى أسلوب الصدام المباشر الذي من المؤكد سيعقد الأمور ويجعلها تتجه نحو الخطر الوشيك.