لا يمكن ان تمر مرحلة عمرية من حياة الانسان بدون حدوث أخطاء، ومن غير الممكن ان تمر طفولة الفرد من غير الوقوع بمثل هذه الأخطاء التي تؤدي غالبا الى مشاكل بين الوالدين والطفل بسبب عدم معرفة الطريقة المثلى في التعامل مع هذه الحالات، وهنا يبرز السؤال الأهم لأولياء الأمور، كيف تتعاملون مع اطفالكم عندما يخطئون؟
يعتقد عدد غير قليل من الأهالي بأن الأطفال في سن مبكرة لا يميزون ما يقومون به من تصرفات سواء كانت صحيحة ام خاطئة، وبالتالي فهم بحاجة الى بلوغ عمر معين ليفرق بين الصح والخطأ، فقد اكدت دراسات أُجريت على أطفال لم يتجاوزوا عامهم الأول، أن في إمكان الطفل في هذه السن الصغيرة التمييز بين الصح والخطأ، ولذلك يجب الانتباه إلى رد فعله إذا أخطأ.
- ممارسات خاطئة
من أسوأ الممارسات التي يقوم بها الأهل حين يخطئ طفلهم، الضرب وتوجيه الكلام القاسي والجارح له، مما يؤدي إلى زعزعة ثقته في نفسه ويصبح ذا شخصية ضعيفة مستقبلاً ويعجز عن مواجهة الآخرين، وقد يعاني أحياناً مشاكل جسدية، كما قد يعمد بعض الأهل إلى منع الطفل من الخروج من المنزل، في وقت يسمحون لإخوته بذلك، وهذا السلوك يولّد في نفس الطفل شعوراً بالكره الشديد لإخوته، فيغار منهم ليتفكك الرابط الأسري فيما بينهم.
⭐ من أسوأ الممارسات التي يقوم بها الأهل حين يخطئ طفلهم، الضرب وتوجيه الكلام القاسي والجارح له
تكثر أساليب تعامل الاهل مع الأطفال حينما يخطئون، وكثيرا ما يتعرضون الى الكلام الجارح والقاسي، الذي يولد فيما بعد مشاكل نفسية وجسدية لديهم، لذا يشدد علماء النفس والمتخصصون على ضرورة معرفة الوسائل الفضلى للتعامل مع الطفل حين يخطئ، فكيف يؤثر تعامل الأهل في نفسية الطفل حين يخطئ؟ وأيّ الأساليب عليهم اتباعها في هذه الحال؟
- ما هو الأسلوب الصحيح؟
من الأساليب الصحيحة في التعامل والتي يمكن اعتمادها عندما يخطئ الأطفال دون ان تترك تأثيرات سلبية على شخصيته هو التوجيه الكلامي، فمن المؤكد أن استخدام أسلوب الضرب مع الطفل لن يُجدي نفعاً، بل على العكس تماماً سوف يعرّضه لأزمات نفسية ومشاكل جسدية قد تدوم وقتاً طويلاً، لذا يجب استبدال هذه الطريقة غير المجدية بالتوجيه الكلامي، وذلك من خلال مواجهة الطفل بالخطأ الذي ارتكبه ومحاورته بشكل مفصل، مع الحرص على تنبيهه الى عدم الوقوع في هذا الخطأ مجدداً، وتجنّب استخدام العبارات القاسية والجارحة في ذلك.
ومن الضروري أيضا اتباع أسلوب معين في التعامل مع الطفل حين يخطئ، والثبات على موقف واحد لئلا يشعر الطفل بالارتباك والحيرة، فأحياناً يحاول الطفل التأثير في مشاعر الأم لتنسى العقاب الذي اختارته، لذا يجب أن تصر على موقفها ولا تتساهل أبداً معه.
أضف الى ما تقدم أسلوب الحرمان المؤقت، اذ يعد من الأساليب المجدية في التعامل مع الطفل الذي يخطئ، حرمانه من الأمور التي يحبها بشكل مؤقت، كمنعه من مشاهدة التلفاز، اللعب في الخارج، أو تناول الحلويات المفضلة لديه، أو ممارسة الألعاب الالكترونية، مع ضرورة كشف السبب الذي أدى الى حرمانه منها. قد يرفض الطفل هذا الحرمان ويلجأ الى البكاء المتواصل، إلّا أنه مع الوقت سوف يعتاد على هذا الأمر، وبالتالي سيمتنع عن ارتكاب الخطأ مرة أخرى.
ويصح ان توجه الام عقابها الى سلوك الطفل وليس لشخصه، أي التفريق بينه وبين ما اقترفه من سلوك غير مقبول، وبذلك تكون أمامه فرصة كبيرة للتغيّر وعدم الوقوع بنفس الخطأ، اذ يجب ألا يشعر الطفل بأن العقاب الذي يتلقاه هو لشخصه، بل لسلوكه الخاطئ، وبالتالي يتعلّم الطفل كيف يفصل بين سلوكه وشخصيته، ويتجنب الوقوع في الخطأ ثانية.
ابتعاد الاهل عن الوقوع في الأخطاء يساعد الطفل على تعلم هذه الخاصية، فلوا اخذنا على سبيل المثال جزئية الاعتذار عن الخطأ وكيفية ترسيخها في تصرفات الأطفال، فكيف للطفل ان يتعلم ذلك دون ان تشاركه سائر افراد اسرته هذا الأسلوب التربوي؟
وهنا يجب الانتباه الى ان الطفل سوف يمارس الأخطاء إذا رأى أهله يمارسونها، لذا على الأم أن تبادر الى الاعتذار من طفلها في حال ارتكبت خطأً ما، فيتشجع هو الآخر على الاعتراف بخطئه ويسارع الى تقديم الاعتذار.
- نصائح مفيدة
اسمحوا لي أيها الام والأب ان أقدم لكم نصيحة ربما تنفعكم في قادم الأيام، لا تشعروا بالإحباط عندما يخطأ أبناؤكم مرة او مرتين، وفي الوقت نفسه تذكروا انهم محظوظون بوجودكم في حياتهم، فهنالك ملايين الأطفال يفتقرون الى حضن دافئ وكلمة طيبة من الاب او الام، ربما لفقدان أحدهما الحياة، او يعيشون حالة انفصال عن بعضهما.
⭐ من المؤكد أن استخدام أسلوب الضرب مع الطفل لن يُجدي نفعاً، بل على العكس تماماً سوف يعرّضه لأزمات نفسية ومشاكل جسدية قد تدوم وقتاً طويلاً
اشكروا اطفالكم عندما يعترفون بالخطأ الذي ارتكبوه بغيابكم او دون علمكم، فالاعتراف بالخطأ من قبلهم يجعلهم بمرور الوقت قويي الشخصية، لا يخشون من الإفصاح عن المشاكل التي تواجههم في المستقبل، وبالتالي تكونوا قد ضمنتم تكوين شخصية صادقة لا تلجأ الى الكذب، قابلة للتغير نحو الصواب ومبتعدة الى حد ما عن الأخطاء التي قد تقع بقصد او دون قصد.
- الخلاصة
من أكثر التحديات التي تواجه الاهل بصورة عامة هي طرق التعامل مع الأطفال، لذا بينا في السطور السابقة جزء يسير من الممارسات الخاطئة والأساليب الصحيحة في التعامل مع الطفل الذي يرتكب الأخطاء، فهي يمكن ان تكون خارطة طريق وعمل منظم للتربية الصحيحة فيما يتعلق بالتعامل السليم.
فهي تقدم يد المساعدة والعون الى الطرفين وليس للأهل فحسب، بل ترشد الاثنين وتركز على الابوين أكثر من الطرف الآخر بحكم الاختلاف في العمر والسيطرة والتحكم في التصرفات، فمثلا ليس بمقدور الطفل في السنتين الأولى والثانية ان يجزم بانه تصرفه خاطئ ويتخذ قرار الابتعاد عنه وعدم ممارسته مرة أخرى.
هنا يأتي دور الاهل الذي يعد الحلقة الأهم ضن حلقات التنشئة الاجتماعية السليمة القائمة على أسس وقواعد الشريعة الإسلامية، تلك الشريعة التي وضعت لكل مرحلة عمرية منهجا تربويا لا يمكن التقليل من أهميته، وهي بذلك أصبحت المرشد الحقيقي والفعلي للآباء ليكونوا خير مربين ومؤثرين في شخصيات أبنائهم.