كل مسلم يؤمن أن الله -تعالى- يستطيع أن يقبض أرواحنا بنفسه مباشرة دون الحاجة إلى عزرائيل، ويستطيع أن يعد حسناتنا وذنوبنا دون الحاجة إلى الملكين (رقيب وعتيد) ويستطيع تبليغ الوحي لرسوله دون الحاجة إلى جبرئيل وهكذا في بقية الأمور، لكنه ــ سبحانه ــ جعل أنظمة وسننا يجري عليها الكون والعالَم، ونحن محكومون بهذه السنن والأنظمة.
ومن هذه السنن سُنّة الزمان، فقد خلق الكون في ستة أيام؛ مع أنه يستطيع أن يخلق في يوم واحد، ومن هذه السنن سنة الوسائل أو الوسائط أو الأسباب أو السبل؛ فالرسول وسيلة لتبليغ الرسالة للناس والوحي، وحلقة وصل بيننا وبين الله، لذلك قال ــ تعالى ــ: {مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا}.
كما أن الرسول يحتاج إلى وسيلة بينه وبين الله للوحي وهو جبرئيل، فإننا لا نجد آية قرآنية واحدة بلغها الله للرسول مباشرة دون المرور بالوحي، مع أنه قادر على تكليم الرسول مباشرة وتبليغه الوحي.
فالوسيلة قانون أو سنة إلهية ثابتة، وليس فقط بيننا وبين الله فقط، بل نحن نحتاج إلى الوسائل فيما بيننا أيضاً، فالحكومة لا تستطيع توزيع الرواتب بشكل مباشر، بل عن طريق وسائط، والجامعة لا تستطيع إيصال رسالتها العلمية للطلبة بشكل مباشر، بل عن طريق وسائط متعددة، كذلك عامة الناس لا يستطيعون تقديم معاملاتهم لرئيس الوزراء بشكل مباشر، بل عن طريق وسائط ودوائر.
الأئمة الطاهرون هم الأشخاص الذين فهموا الدين فهماً صحيحاً وهم يمثلون امتدادا فكريا للرسول وتطبيق عملي صحيح للقرآن الكريم، أما غيرهم فلا يمثل امتدادا للرسول ولا للقرآن ولا يمكن الإعتماد عليهم بشكل كامل، لأنهم معرضين للخطأ والإنحراف، ولذلك نجد الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله، يشدّد على أولوية الإمام علي وعلى كفاءته وجدارته للقيادة وتضلعه بالدين.
⭐ كما أن الرسول يحتاج إلى وسيلة بينه وبين الله للوحي وهو جبرئيل، فإننا لا نجد آية قرآنية واحدة بلغها الله للرسول مباشرة دون المرور بالوحي، مع أنه قادر على تكليم الرسول مباشرة وتبليغه الوحي
يجب أن يكون هناك شخص يطبّق الدين بشكل صحيح كما أراد الله وهذا الشخص ليس اعتيادياً وليس من عامة الناس، بل هو على درجة عالية جداً من التقوى والإلتزام والإتصال بالله وهو الإمام المعصوم.
و إذا كنا نحتاج وسائل الى الله فما هو تفسير الآيات التي تنفي الحاجة إلى وسيلة مثل قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ}، {وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ}.
إذا فهمنا أن هذه الآيات تتحدث عن الدعاء ستتضح الأمور بسهولة فالله قريب منا، متى ما أردنا خاطبناه دون وسيلة، وهو يأمرنا بالدعاء ويسمع دعاءنا، لكن ــ نحن ــ لا نستطيع أن نطالب الله أن يكلمنا بشكل مباشر دون واسطة وليس لدينا إمكانية سماع الوحي أو سماع كلام الله منه مباشرة ــ قال تعالى ــ : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ}.
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ لَوۡلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوۡ تَأۡتِينَآ ءَايَةٞۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَيَّنَّا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يُوقِنُونَ}.