فکر و تنمیة

ماهي أهمية الرعاية الذاتية؟

 من الطبيعي جداً ان يلجأ الانسان الى نظيره الانسان في المحن والازمات التي تعصف به، لكن تعقّد الحياة وتكاثر الازمات جعل من وجود القرين المتفرغ لسماعك ومراعاتك مشاعرك وتقديم الدعم النفسي الكفيل بتخطي الازمة امراً صعباً الى حد كبير،  لذا ظهرت الحاجة لأن يدعم الانسان ذاته بذاته ليقوّم اخطاءه وينهض ثانية لمواصلة الحياة، والابتعاد عن الاستسلام لمشكلاتها وعراقليها التي لن تنتهي، وهذه هي الرعاية الذاتية.

  • ما معنى الرعاية الذاتية؟

يمكننا القول: ان الرعاية الذاتية هي اهتمام الانسان بنفسه لمواجهة الصعوبات التي تحدث له وتشتمل على الرعاية النفسية والجسدية، اذ اننا حين لم نهتم أنفسنا سوف نصل إلى مكان خطر، نصبح فيه عرضة للاضطرابات والأمراض النفسية والجسدية نتيجة لذلك الاهمال، فنحن يجب أن نحب أنفسنا وأن نكون أنانين قليلاً مع أنفسنا، وذلك بأن نعطي القليل من الوقت لذواتنا كما نعطي وقت للاخر حتى نستطيع الاستمرار والعطاء للآخرين.

  • اشارة هامة:

ليس في اوقات الازمات فقط نحتاج الى الرعاية الذاتية، بل قد نحتاجها كنوع من المكافئة لانفسنا بعد انجاز نحققه او تقدم نصل اليه، سيما مع عدم وجود من يقدّر الانجازات ويعززها تعزيزاً ايجابياً لادامتها والعمل على زيادتها وتطويرها، ففي مثل هذه الحالة ينبغي على الانسان ان يثمن علمه ويفخر بنفسه للشعور بالرضا عن النفس وهو ما يعزّز من مستوى الصحة النفسية له.

⭐ الرعاية الذاتية هي اهتمام الانسان بنفسه لمواجهة الصعوبات التي تحدث له وتشتمل على الرعاية النفسية والجسدية

تتطلب الرعاية الذاتية ان تمنح نفسك وقتا مخصصا في اليوم وفي الاسبوع، او حتى ولو في الشهر وتثبيت هذا الموعد لاستعادة الطاقة المفقودة؛ كنتاج للتعب والارهاق والروتين اليومي القاتل للحيوية، فمثلما يوجد موعد للاكل وموعد للنوم على سبيل المثال، ينبغي ان يحدد موعد لممارسات الهوايات والعادات التي تعد متنفساً للانسان بعد ان تتقلص مساحتها بفعل ضغوطات الحياة المتزايدة.

 ومن الاهمية بمكان ان نُشير الى حقيقة اننا جميعاً قادرين على لتحقيق الرعاية الذاتية لأنفسنا فهي لا تحتاج إلى أموال فالنوم، الأكل، الرياضة، والتطوع وغيرها موجود بشكل ميسر، والرعاية الذاتية متاحة للجميع وليست فقط للناس مرتفعي الدخول او اصحاب الطبقات الاجتماعية التي يرون انها عالية، والذين لا يعانون من مشكلات بل أيضاً للناس المهمومة التي تعاني من مشكلات في حياتها.

  • اوجه الرعاية الذاتية؟

للرعاية الذاتية اوجه مختلفة وهي:

1-الرعاية الذاتية الجسمانية  فالجسم يحتاج الى الراحة وعدم اثقاله بما يرهقه، فالنوم الكافي يجعل الجسم مرتاحا ومستعدا لليقظة في اليوم التالي، وبدون هذه الراحة سيتراكم التعب على الانسان، مما يجعل اداء الانسان في تراجع دائم ومعه يتراجع الانجاز وبذا يخسر الانسان للوظائف او التميز في انجاز المهام.

2-الرعاية الذاتية العقلية وهي من الاوجه التي يجب الاهتمام بها، وبين الجسم والعقل علاقة وطيدة؛ فالعقل مربوط في الجسد فإذا تعب الجسد سوف يتعب العقل، ومن الامور التي تريح العقل او تجعل له تحدياً في الحياة، فالتحدي يشغله ويمكننا وضع تحدياً يومياً، أسبوعياً أو شهرياً، وهذا التحدي من شأنه ان يمنحك طاقة، وهذا وجه من اوجه الرعاية للعقل الانساني، علاوة على اشغال العقل بما ينفع الانسان والمجتمع.

⭐ تتطلب الرعاية الذاتية ان تمنح نفسك وقتا مخصصا في اليوم وفي الاسبوع، او حتى ولو في الشهر وتثبيت هذا الموعد لاستعادة الطاقة المفقودة

3-الرعاية الذاتية العاطفية وهذا النوع من الرعاية يحدث بفعل الاستخدام الامثل للعاطفة، فحين نتحدث لاحدهم القريب منا كأن تكون اما او ابن او اخ اوصديق مقرب فإن ذلك  سيهدئنا ويشعرنا بالسعادة، كما ان التطوع لتقديم عمل انساني للفئات الانسانية المستحقة للدعم يرفع مستوى السعادة ويجعلنا نشعر بأننا اشخاص مهمين ويشعرنا بعاطفة قوية تجاه ذاتنا، ويجعلنا نحب ذواتنا وتلقائياً ترتفع الرعاية الذاتية.

في الختام تقول: الدراسات النفسية التي تخص الرعاية الذاتية انها يمكن أن تبطئ من  التدهور المعرفي والصحي البدني، ويوفر حاجزا ضد الآثار الضارة الناجمة عن الإجهاد، وبالتالي قد يزيد من عمر الانسان او يزيد من مستوى صحته النفسية على اقل تقدير.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا