بالنظر الى كل مجال من مجالات الحياة التي نسعى بها لتقديم خدمة لأنفسنا ولمجتمعنا، لا نبتعد فيه عن حاجة الإنسان؛ فالإنسان هو الهدف في مسعى الجميع، ومن ذلك صار النظر الى تلبية حاجاته أمراً ضرورياً ومهماً.
وعلى هذا الأساس انطلقت الحضارة الإنسانية من عمق التاريخ الى اللحظة التي نحن نعيش فيها، فنجد كل ما حولنا له أسسه البسيطة التي جاء منها، وشكله البسيط الذي تحددت به ملامح هيئته الأولى، حتى نما شيئاً فشيئاً مع نمو وتطور الفكر الإنساني الذي أضاف اليه أو حذف منه أو عدل عليه ليحقق فيه عملية التطوير حتى بلغ به الى ما هو عليه الآن، وذلك كله في سبيل سد حاجة الإنسان التي يتطلبها وجوده.
⭐ وظيفة المُعلم المقرونة بحس المسؤولية، لها من التأثير ما يعادل تدريس المنهج الرسمي الموضوع، لان ذلك يشكل شخصيته ويحقق فيه ما يُسمى بالمنهج غير المباشر أو المنهج الخفي
وهذا ليس السبب الوحيد الذي يتجه بما يقدمه البشر لأبناء جنسه من خدمه، بل هنالك أيضا ما يسمى بحب الذات الإنسانية التي تدفع باتجاه هذا التطور الشامل لمفاصل الحياة كافة من اجل ضمان راحته، وتقليل جهده امام هذا الزمن الثابت من حيث الوجود، والمستمر من حيث الحركة، فحاجة الإنسان وحبه لذاته لا تقتصر على فئة دون أخرى، أو شعباً دون آخر، بل هي موجودة عند كل الشعوب، وبدرجات متقاربة، ان لم تكون بدرجة واحدة، وهذا ما يجعلنا امام مسؤولية حقيقية لنثبت بها غاية وجودنا بين أمة من البشر لنقدم لها ما يمكن أن يقدم الآخرون لشعوبهم، الأمر الذي يجعلنا أن نهتم اهتماما حقيقيا بالأساس الذي ننطلق به الى تحقيق ذلك؛ أي لسد حاجة الإنسان، وكفالة كرامته التي يحقق بها ذاته.
ولا سبيل الى ذلك غير الاهتمام بالتعليم، ومعرفة قيمة التعلم، و دوره وانعكاسه على الحياة الإنسانية، وهذا لا يحتاج معه الى أثبات أو تحقق ونحن أمة كان نبيها الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، من أولى مبادراته؛ الاهتمام بالتعلّم والتعليم، حتى انه أخلى سبيل كل أسير يعلّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، فضلا عن تراثنا الفكري الإسلامي المليئ بالنصوص والأحاديث والوصايا التي تحث على الاهتمام بعملية التعليم والتعلّم.
ومن ذلك أن مهمة التعليم ليست مهمه وظيفية فقط، و إنها ليست كباقي المهن الأخرى من حيث القيمة والأهمية، إنما هي مهمه دقيقة يجب ان يرافقها دائما وبشكل مستمر حسّ المسؤولية اتجاه الآخرين، فهي ليست مهمة آلية بقدر ما هي مهمة نستشعر معها كل الأحاسيس والانفعالات الإنسانية التي تمثل رسائل دعم تدفعنا باتجاه تقديم ما هو أفضل في سبيل رفع القيمة البشرية، من خلال تحجيم المعاناة التي يتحقق معها دافع حب الذات الإنسانية.
⭐ نحن أمة كان نبيها الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، من أولى مبادراته؛ الاهتمام بالتعلّم والتعليم، حتى انه أخلى سبيل كل أسير يعلّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة
فالتعليم فضلا عن هو وظيفة فهو مسؤولية، وهذا ما يجب ان يظل حاضرا في ذهن المعلّم ومستمرا معه داخل حجرة الدراسة وخارجها، أيّ بما يقدمه من معرفة الى المتعلمين، أو بما يصدر عنه من سلوكيات تمثل أنموذجا للاقتداء، ومثالاً قيّماً للتربية الصحيحة، والابتعاد عن كل ما يمس هيبة وقيمة التعليم والتعلّم من خلال النزول بشخصية المعلم الى أدنى ما لا يمكن النزول به من خلال المنشورات، أو التعليقات أو التصوير الفيديوي، لاسيما ونحن نعيش في عصر التواصل الاجتماعي السريع وغير المحدود أو المبوب الذي يظهر أمامنا بسهولة كل ما يصدر عنا من تصرفات مختلفة.
وأجمالا يمكن ان نقول ان وظيفة المُعلم المقرونة بحس المسؤولية، لها من التأثير ما يعادل تدريس المنهج الرسمي الموضوع، لان ذلك يشكل شخصيته ويحقق فيه ما يُسمى بالمنهج غير المباشر أو المنهج الخفي، فالتعليم وكما يجب ان نعرفه هو وظيفة ورسالة.