مكارم الأخلاق

تأملات في مناجاة التائبين (1) العودة إلى الله بالمناجاة

شكرا وعرفانا لما قدمه الشيخ المجاهد نمر باقر النمر (رحمه الله) للأمة الاسلامية سعت هيأة التحرير في مجلة الهدى الالكترونية الى نشر مآثر الشيخ النمر العلمية والفكرية، والتربوية وذلك من خلال تحويل المحاضرات الصوتية الى مقالات لتعميم الفائدة أكثر بين افراد المجتمع الاسلامي.

وكانت اولى محاضرات الشيخ التي قامت هيأة التحرير بإعادة صياغتها هي”العقل هو الدين” ونشرها على شكل مقالات متسلسلة نالت قبول الكثير، مما دفع هيأة التحرير الى طباعة هذه المقالات وإخراجها على شكل كتاب ضمّ بين دفتيه تلك المقالات، بعد التنقيح والتحرير.

واليوم نشرع في محاضرات جديدة للشيخ تحت عنوان” تأملات في مناجاة التائبين” للإمام زين العابدين، عليه السلام.

للإمام السجاد، عليه السلام، خمس عشر مناجاة مدوّنة في آخر كتاب الصحيفة السجادية، وهذه المناجات تحمل معها معاني عرفانية بليغة، وتحلق بمن يقرأها الى ملكوت السماء، فإذا اراد الانسان العروج فعليه بالدعاء وبالخصوص هذه المناجات، و بها يقتلع نفسه من حضيض الدنيا الى عظيم الآخرة.

⭐ المناجاة في ارفع درجات الدعاء وأرقاها، ولذا فالانسان المؤمن بحاجة الى المناجاة، لانه حينما يخلو مع ربه يستجيب الله ويغفر

 “إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي”

كثيرة هي الآيات القرآنية التي تدعوا الانسان الى التوبة وبالذات التوبة النصوح وهي التوبة الحقيقية.

المناجاة من ناجى، يعني سارّه، من السرية؛ فالمناجاة يقرأها الانسان بمفرده بينه وبين ربه، فهي عبارة عن حديث سري بين العبد والمعبود، ففيه اعتراف بما لا يليق أن يُكشف للآخرين، فالعبد حين يناجي ربه إنما يكون ذلك خفاء دون ان يسمع احد، فيرفع أكفه الى السماء، وتسيل آماقه دموعا، وتجري أخاديد على وجنتيه بسبب ما ارتكب من ذنوب.

وفي المناجاة لا أحد يسمع غير الله ـ تعالى ـ ولذلك فالمناجي لا يحتاج الى رفع صوته، فحتى لو لم يتلفظ بلسانه، وجرت في أعماق قلبه وسالت دموعه، فهذه هي المناجاة.

والمناجاة في ارفع درجات الدعاء وأرقاها، ولذا فالانسان المؤمن بحاجة الى المناجاة، لانه حينما يخلو مع ربه يستجيب الله ويغفر له، ولا يجب ان يكتفى بالقراءة فقط، بل يجب تأمل كلمات المناجاة.

 الوضع الشخصي للإنسان يتطلب توبة نتيجة الذنوب التي ارتكبها، والتوبة النصوح تأتي عبر المناجاة الخاصة بين الانسان وربه، ومناجاة التائبين هي مناجاة العائدين الى الله.

الانسان اليقظ لا يمكن ان يتجرأ على الله ـ تعالى ـ لانه يرى عظمة الخالق نصب عينيه، لانه يسمع شهيق جهنم وزفيرها في أصول آذانه.

الغفلة هي التي تبعد الانسان عن الله ـ تعالى ـ ولذلك فهو بحاجة الى توبة وعودة الى الباري ـ جل وعلا ـ وافضل فرصة للعودة الى الله هي المناجاة وهي تعبير عن الالتجاء الى الله بقلب صادق.

⭐ الوضع الشخصي للإنسان يتطلب توبة نتيجة الذنوب التي ارتكبها، والتوبة النصوح تأتي عبر المناجاة الخاصة بين الانسان وربه

المؤمن يلجأ الى الله ـ تعالى ـ بالقرآن الكريم، والعترة الطاهرة، وهذه المناجاة خرجت من تلك البيوت النيّرة؛ بيوت آل محمد، صلى الله عليه وآله، وجزء من توبة الانسان هي العودة الى كتاب الله، وقصة ذلك السارق لا تكاد تخفى على احد؛ حينما تسلق على جدار أحد البيوت يروم سرقته، وإذا به يسمع آيات القرآن تخرج من ذلك البيت، وطرقت سمعه هذه الآية: {ألم يأنِ للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق}، فقال ذلك السارق: بلى قد آن! وهذه استجابة للقرآن الكريم، وقضى بقية حياته عابدا لله، بعد ان كان قاطعا للطريق، وظالم للناس، وهذا هو معنى التوبة، التي تعبّر عن العودة من خلال آيات الله، والدعاء، ومن خلال هجر الذنوب والمعاصي. وتلك هي المناجاة للرب بعنوان “إنني تائب”.

______

  • مقتبس من محاضرة لآية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا