عرفنا آية الله السيد مرتضى القزويني؛ إماماً للجماعة في حرم الامام الحسين، عليه السلام، وخطيباً مفوّهاً يُنبئ عن علم غزير، وحرص شديد على نشر ثقافة القرآن الكريم، وثقافة أهل البيت، عليهم السلام، ومواصلته مسيرة التصدّي للظواهر الاجتماعية الشاذة والانحرافات السلوكية في كربلاء المقدسة، وفي عموم العراق، كما كان في أيام شبابه في ستينات القرن الماضي، ثم توجهه الى النشاطات الخيرية والانسانية مثل تأسيس المدارس للايتام، وبعدها تشييد مستشفى ضخم بإسم مستشفى الامام الحجة، عجل الله فرجه.
سماحته عاد الى العراق قادماً من أميركا، وكما قال ذات مرة بأنه عاش هناك 18عاماً، فماذا كان يريد السيد القزويني من العراق يا ترى؟!
هل كان بحاجة الى مال أو جاه أو منصب؟
لم يكن بحاجة الى هذا ولا لذاك، إنما مواصلة طريق الخدمة للدين والانسانية، فقد خبره المنبر الحسيني والمواجهات الفكرية والسياسية، وبعد خدمة الإمام الحسين، ونهضته العظيمة، انطلق في مجال خدمة الموالين للإمام الحسين، وجميع الناس، لاسيما المحتاجين ومحدودي الدخل، من ضحايا الحروب والأزمات الاقتصادية.
⭐ سماحته عاد الى العراق قادماً من أميركا، وكما قال ذات مرة بأنه عاش هناك 18عاماً، فماذا كان يريد السيد القزويني من العراق يا ترى؟!
انه لم يتوقع من أحد جزاءً ولا شكورا، إنما شيء واحد؛ الاحترام والتقدير فقط، فإن توفر هذا فانه يمكّن المريض الداخل الى مستشفى الحجة –مثلاً- ويجد العلاج باهض الثمن، او يجد خطأ او هفوة في إحدى الاعمال الخيرية، يكون متفهماً وصبوراً ومأنياً قبل إصدار الحكم القاسي على صاحب هذه المشاريع، والأهم من هذا، أن لا يكون فريسة سهلة للحاسدين والحاقدين على السيد القزويني، بل وعلى عموم العلماء العاملين في الساحة الاجتماعية والثقافية، فمن المؤسف حقاً، أن يتحول البعض الى مايك “جهاز لاقط” يسجل كل ما يتفوه به المأجورون من الباحثين عن دور وشهرة في سوق التواصل الاجتماعي، ثم يقدم خدمة مجانية لمن لديهم حسابات قديمة مع تيار فكري عريق في كربلاء المقدسة، ذو تاريخ طويل في المشاريع الثقافية والاجتماعية والنهضوية.
يذكرني هذا بحديث سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي –طاب ثراه- بخصوص الحذر من مغبة التسرّع في إصدار الأحكام ضد الآخرين دون علم يقين، عندما ذكّر بالروايات المنقولة عن الأئمة المعصومين، عليهم السلام، وتجنّب الضعيف منها بدلاً من تكذيبها، لأن ربما تكون صحيحة، فما يكون الجواب أمام الأئمة المعصومين يوم القيامة؟! وكذا الحال بالنسبة لأوصاف أطلقت على بعض أقارب المعصومين بأنه “كذّاب” فربما –يقول سماحته- تكون من مفتريات الأمويين او العباسيين ممن كتبوا لنا التاريخ، فكيف يكون الموقف يوم القيامة اذا تبين أن ذاك الشخص كان صادقاً وليس كاذباً؟!
⭐ المشكلة الأخطر في قضية السيد القزويني، وربما جميع علماء الدين العاملين في المجال الانساني، إن محاولات التسقيط المشبوهة لا تستهدفهم شخصياً، وإنما يشمل الاستهداف الدين برمته
و رب قائل بأن معظم الناس ليس لديهم الوقت الكافي لمطالعة الكتب ومراجعة الأحكام للتبصّر بالأمور ومعرفة الحدود والموازين، وهذا تبرير غير مقبول بالمرة، فالجميع، دون استثناء، يبحث عن أفضل طعام ليضمن صحته، وأفضل أنواع الملابس، وأرقى أنواع الهواتف النقالة والسيارات وسائر المقتنيات بأفضل المواصفات، حتى لا يتعرض لأذى نفسي بالخسارة، او الأذى البدني بالمرض، فكيف لا يهتم باحتمال تعرض الناس للأذى النفسي وربما البدني بسبب تصديق المفتريات والأكاذيب ومحاولات التسقيط؟
المشكلة الأخطر في قضية السيد القزويني، وربما جميع علماء الدين العاملين في المجال الانساني، إن محاولات التسقيط المشبوهة لا تستهدفهم شخصياً، وإنما يشمل الاستهداف الدين برمته، فليس السيد القزويني وحده متهماً وفاشلاً و…. إنما الدين والتشيع متهماً بالفشل وعدم الإنصاف والعدل، وانه ليس جديراً بإدارة شؤون الأمة، فلابد أن يُترك الأمر لأناس آخرين!! أروع اقتراح سمعته من أحد الأخوة الرساليين؛ إقامة حفل تكريم لسماحة آية الله السيد مرتضى القزويني في قلب مدينة كربلاء المقدسة، ليس لرفع التهمة والإساءة وحسب، وإنما ليكون لجم الخراصين والخناسين فرصة لتبيين جهود وجهاد هذا السيد الجليل، وتاريخه الحافل في خدمة الدين والمذهب والانسانية.