لو وجهنا خطابا لشخصين متفاوتين، فلو قلنا ـ مثلا ـ لشخص أُصيب بحادث سير في الشارع: يجب أن لا تتحرك من مكانك، وحاول أن تقلل الحركة قدر الإمكان. لكن حين نوجه الخطاب للمسعِف: عليك أولا حمل الشخص المصاب الى المستشفى.
في الوهلة يُتصور ان هناك تناقض في كِلا الخطابين، فنقول للاول: لا تتحرك، وللثاني: تحرك واحمل المصاب! لكن إذا دقننا ونظرنا الى الخطاب ومع الشخص الذي يتعامل مع هذه الحالة، فالمصاب ربما أن لديه كسر في العظم والحركة قد تسبب قطع لاحد الشرايين، بينما المسعِف عنده علم كيف يتعامل مع المريض ويأخذه الى المستشفى.
حينما نجد بعض الخطابات في التعامل مع المرأة في الوهلة نجد أن هناك شيء من التضارب والتناقض؛ فمن جهة هناك التقدير والاحترام وإعطاء مكانة للمرأة، ومن جهة أخرى يأتي الخطاب للرجل: “شاوروهن وخالفوهن” وما اشبه من الروايات التي تشير الى تحذير الرجل من المرأة، فلماذا هذا التناقض ـ إن صح التعبير ـ؟
⭐ رأي المرأة يتأثر بشكل كبير عن طريق المقارنة بالآخرين، وفي زماننا هذا إزدادت هذه الحالة بشكل كبير نتيجة وسائل التواصل الاجتماعي
لابد أن نلتفت الى نقطة مهمة جداً؛ وهو أن الخطاب المتوجه للرجل، غير الخطاب المتوجه للمرأة، وفي وصية أمير المؤمنين، عليه السلام، الخطاب للرجل وكيف عليه أن يتعامل مع المرأة، وذكرنا أن هذه الخطابات غالبية؛ أي ان الأعم الأغلب منها هو توجيه الخطاب لكل النساء، وللإستثناء مورده الخاص، كذلك حينما نقرأ الخطابات المتعلقة بالمرأة يجب أن لا نلاحظ ـ مثلا ـ كلام المجتمع الغربي ماذا يقول حول المرأة!
فيما يرتبط بالتعامل مع المرأة ومشاورتها يقدم أمير المؤمنين، عليه السلام، مجموعة من النصائح، فيقول: “إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن الى أفن وعزمهن الى وهن”، وحتى نفهم كلام أمير المؤمنين، عليه السلام، يجب أن نفهم طبيعة المرأة.
المرأة تتأثر بالقضايا بشكل سريع جداً، فمثلا المرأة عندها غِيرة، وعقلها مصصم على اساس المقارنات، فشركات الملابس والموضة عادة ما تركز على النساء أكثر من الرجال، فحين ينزل الى السوق بضاعة معينة كأن تكون حقيبة نسائية وتشتريها إحداهن ترى البقية يهرعن لشرائها!
رأي المرأة يتأثر بشكل كبير عن طريق المقارنة بالآخرين، وفي زماننا هذا إزدادت هذه الحالة بشكل كبير نتيجة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي ساعدت في ذلك.
من طبيعة المرأة انها عاطفية وهذا يؤثر بشكل مباشر على قراراتها، وقد تجد المرأة تتأثر بمشهد معين من فليم! وتراها تبكي وتتأثر سريعا، وبناءً على هذا فكيف يمكن الاعتماد على رأيها؟
يقول المتنبي:
إذا غدرت الحسناء وفت بعهدها
فمن عهدها أن لا يدوم لها عهد
طبيعة المرأة التقلبات، وذلك نتيجة لاسباب منها الافرازات الهرمونية، والتحولات التي تحدث خلال الدورة الشهرية..، وكذلك من طبيعتها أنها تتكلم كثيرا، ولذلك لا تستطيع كتمان السر إلا قليلا، فليس افشاءها للسر نتيجة خبث أو عداوة، لكن حبها للكلام يجلعها تفشي الاسرار من حيث لا تعلم.
من حالات المرأة والتي نضرب لها مثالا واقعيا؛ حينما يذهب الرجل والمرأة للتسوق، تجد أن الرجل أولا يتحقق عن الأسعار، ثم يبحث عن متانة البضاعة وجودتها ومدى بقاءها معه، كذلك يبحث عن الخدمات المقدمة مع السلعة؛ من الضمان والتوصيل وما اشبه، لكن المرأة تختلف عن ذلك فهي تنظر أولا وأخيراً الى المظهر الخارجي بعيداً عن السعر والجودة التي ربما لا تلتفت اليهما نهائيا.
⭐ الروايات لم تأتِ لتنهى عن مشورة المرأة فقط، فهناك تحذير من مشاورة البخيل لان رأيه متأثر ببخله، كذلك هناك نهي عن مشاورة الجبان
تصور أن الرجل يأتي لمشورة المرأة لاتخاذ قرار معين، والمرأة تمتلك الصفات التي اشرنا اليها، فإلى أي حد يستطيع الرجل أن يبني قراره بناء على مشورة المرأة؟
لذلك يقول أمير المؤمنين، عليه السلام: “إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن الى أفن وعزمهن الى وهن”، أفن تعني يتغير او ينتهي، فربما يستشير الرجل المرأة اليوم فتعطيه رأيا، وحين يستشيرها في اليوم التالي لنفس الموضوع تقول له رأيا آخر!
“وعزمهن الى وهن” فقد تقرر المرأة اليوم القيام بعمل ما، لكن سرعان ما تغيّر قراراها ورأيها، تجد الأم حين تضرب أبنها في حالة العصبية والغضب، لكن ما إن يبكي الطفل حتى تتأثر لبكائه!
الطبع العام الذي نُهينا عن لأخذ مشورة النساء هو لوجود تلك الصفات فيها، لكن ربما هناك امرأة تختلف عن أخرى، وقد تكون مشورة المرأة التي تمتلك علماً ومعرفة، كأن يتم استشارة ـ مثلا ـ مهندسة عن بناء البيت، “فرأيهن الى أفن”، هو ذلك الرأي الذي يأتي من دون تدقيق، وعلم. الروايات لم تأتِ لتنهى عن مشورة المرأة فقط، فهناك تحذير من مشاورة البخيل لان رأيه متأثر ببخله، كذلك هناك نهي عن مشاورة الجبان، والحريص، على الرغم من أنه رجل، فالمرأة لا تشاور إلا لانها تتأثر بالصفات التي ذكرناها ولا خصوصية لذلك.
_____
- مقتبس من محاضرة للسيد مرتضى المدرسي (حفظه الله).