ذكرت المصادر الامامية حبس الحاكم العباسي الهادي للإمام موسى بن جعفر الكاظم، عليه السلام، ومن ثم إطلاق سراحه بعد أن رأى الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، في منامه يقول له: {يا موسى فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وقطعوا ارحامكم}
تعد السنوات الأخيرة من عمر الإمام موسى بن جعفر الكاظم، عليه السلام، من أعقد مراحل حياته واشدها صعوبة واذى على الإمام، عليه السلام، بالقياس إلى المراحل الأخرى التي سبقتها، فقد عاصر فيها هارون الحاكم العباسي لمدة أربع عشر سنة.
يبدو واضحا ان هارون الحاكم كان شديد الحساسية والحقد على الإمام موسى بن جعفر الكاظم، عليه السلام، بالنسبة إلى الحكام العباسين الذين سبقوه، فقد بدا بمحاصرة الإمام، عليه السلام، ومراقبته بغية شل حركته ونشاطه، بطرق واساليب متعددة تمثلت في الا ستدعاءات المتعددة للبلاط، ثم الاعتقالات المتكررة، واستخدم هارون سياسته هذه مع الإمام، عليه السلام، على المدى البعيد وأراد تطويق الإمام، وعزله بشكل تام وقطع كل اواصر الارتباط مع الشيعة الأمامية، واتسمت سياسته بالعدوانية فتراوحت بين السجن والاتهام السياسي مرة والإكرام والتعظيم مرة أخرى.
⭐ من أساليب هارون مع الإمام الكاظم، عليه السلام، التي كان يهدف منها تخويف الإمام واستضعافه، هو اتهامه باعمال سياسية محظورة بنظر الخلافة، مثل جباية الخراج
ومن الأساليب التي اتبعها هارون مع الإمام موسى بن جعفر الكاظم، عليه السلام، صور لنا المأمون بن الرشيد ذلك المستوى من الفهم الذي يمتلكه الرشيد إزاء الإمام الكاظم، عليه السلام، والذي اعترف به من خلال الإكرام والاجلال الذي قام به هارون اتجاهه، ويكشف المشهد ثقل الإمام الجماهيري الشعبي الذي دفع بالرشيد ان يفتعل بعض المواقف من أجل اقناع الرعية، قال المأمون: لقد حججت مع الرشيد في احد السنين، فلما صار إلى المدينة المنورة تقدم إلى حجابه وقال لا يدخل علي رجل من اهل المدينة ومكة من أبناء المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه، فكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه يقول: انا فلان ابن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشم او قريش وغيرها فيدخل ويصله الرشيد بخمسة آلاف وما دونها إلى مئتي دينار على قدر شرفه وهجرة آبائه.
من خلال الرؤية المذكورة يتبين لنا ان احتفاء هارون بالامام الكاظم، عليه السلام، بشكل مميز، اعتراف هارون بأن الإمام الكاظم، عليه السلام، هو حجة الله على العالمين وانه إمام هذه الأمة وقائد مسيرتها الروحية والزمنية، وأن هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق، خشية وخوف هارون من الإمام الكاظم، عليه السلام، مما أدى إلى حرمانه من العطاء الذي يستحقه وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضته والخروج عليه.
من أساليب هارون مع الإمام الكاظم، عليه السلام، التي كان يهدف منها تخويف الإمام واستضعافه، هو اتهامه باعمال سياسية محظورة بنظر الخلافة، مثل جباية الخراج، ومن الثابت ان الإمام الكاظم، عليه السلام، لم يشهر سيفا في وجه الحاكم العباسي هارون، ولم يحرك ساكنا، بيد ان الوشايات هي التي اثارت خوف هارون منه، مما دفعه إلى حبسه مرات عديدة. السلام على المحتسب الصابر، السلام على المظلوم بلا ناصر، السلام عليك ياباب الحوائج، السلام عليك يا موسى بن جعفر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.